لا أعتقد أنها مصادفة، ولا شك أن في الأمر قدرٌ من التنسيق والترتيب، مع التوفيق، أن يجتمع لـ إعلام دوت أورج أربع كاتبات من مناطق كتابة مختلفة في ندوةٍ واحدة. ولحسن الحظ أن كل واحدةٍ منهن تحمل وجهة نظرٍ وآراء في الكتابة والحياة وعلاقتها بالمجتمع ما جعل تلك الندوة بالفعل مميّزة.
نرشح لك: 15 تصريحا لـ إسراء إمام.. أبرزها عن أعمالها الأدبية المقبلة
لاشك أن كلمة “الكاتبات الجدد” منذ البداية قد تمنح إحساسًا قويًا بالتعميم، فعلى من سينصب الاختيار إذا تكلمنا عن “الكاتبات” وما محدداتها؟! أعرف في دار نشر واحدة نحو عشرة كاتبات كلهن ينطبق عليهن هذا التنصيف، ربما يكون اعتبار السن محددًا إلى حدٍ ما، ولكن لحسن الحظ جاء الاختيار على قدرٍ جميل من التنوّع فيما أرى.
بدءًا من إسراء إمام التي تكتب القصة القصيرة، وتمارس النقد السينمائي منذ فترة، والتي بدت أكثرهن تشاؤمًا من اللحظة الحالية، ربما لطبيعة كتابتها التي أعرف أنها حقيقية وجادة جدًا، ربما لا تجتذب الكثير من الجمهور ولاسيما “فولورز” وسائل التواصل الاجتماعي، وإن بدا ذلك لا يؤرقها، والتي عرفنا منها أنها دخلت مجال الكتابة مصادفة، ولكن تلك المصادفة الجميلة قادتها منذ بداية تفتح وعيها إلى كتب “الكبار” إن شئنا الدقة، فبدأت بقراءة نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم.
جاءت كتابة “إسراء” بعد ذلك مختلفة تمامًا، هي تحرص كل الحرص على الكتابة الأدبية، تهتم بشكلٍ بالغ باللغة، نرى ذلك واضحًا في مقالاتها التي خاضت بها عالم النقد السينمائي حتى تميّزت فيه. ربما لم تجد مجموعاتها القصصيّة حتى الآن الصدى المناسب لقدر موهبتها، ولكنها تحمل أمل أن الكتابة الجيدة ستفرض نفسها ووجودها يومًا.
من عالمِ آخر تأتي مروى جوهر من عالم المضيفة الجوّية التي بدأت التعرف على عالم الأدب والكتابة من خلال فيس بوك وما تكتبه هناك، الذي لقى استحسان قرائها فكتبت أول كتبها “هات م الآخر”، ثم “المضيفة 13″، كيوميات للمضيفة الجوّية والمواقف الطريفة والغريبة التي تحدث لها، حتى انتقلت نقلة نوعية إلى الرواية وعالم الرعب تحديدا في روايتها التي صدرت في معرض الكتاب الماضي “يحدث ليلاً في الغرفة المغلقة”، والتي أسعدها أن كل التعليقات عليها كانت إيجابية حتى الآن، لا زالت “مروى” تترقب وتتلمس طريقها في عالم الأدب يحدوها أمل أن تحترف كتابة السيناريو للسينما، ولا تجد أي غضاضة ولا مشكلة في أن تمارس مع ذلك كتابة النوع الأدبي الذي تحبه وهو كتابة “الرعب”.
ولعله حسن الحظ، مع كونها قارئه محبه لكتابته، ما دفع “نهلة كرم” إلى التوجه للكاتب الكبير الجميل “مكاوي سعيد” رحمه الله، لكي تعرض عليه أول رواياتها، ورغم أنها لم ترى النور إلا أنها كانت محفزًا كبيرًا للكتابة، ثم توجهت بعد ذلك بروايتها الأولى التي لاقت إعجاب الكاتب الكبير “صنع الله إبراهيم” واستحسان النقاد فيما بعد “على فراش فرويد” تلك الرواية التي عرفتها على عالم كبار الكتاب والأدباء، وجعلتها اسمًا مهمًا في الكتابة رغم صغر سنها، ولذا فهي ترى أن الكتابة الجيدة هي التي تبقى وتستمر، وأن الأهم في الكتابة ليس الصدى الذي يحققه الكاتب مرة، ولكن الاستمرار في الكتابة ومواجهة الانتقاد بقوة وشجاعة، لهذا كان من السهل عليها أن تنشر مجموعتها القصصية في دار العين بعد ذلك، وتنشر روايتها التي صدرت مؤخرًا عن دار المصرية اللبنانية “المقاعد الخلفية”.
ولكن هناك بدايات مختلفة، وكتابة بالتأكيد أكثر اختلافًا، آتية من عالم فيس بوك، ومن محاولاتها التي لم تكن تعتقد أنها ستتطوّر وتتحوّل لتكون “رواية” ولتجعل روايتها مطلوبة من دور النشر، بل ويجعل روايتها الثانية تصل قائمة الكتب الأكثر مبيعًا، هذه هي تجربة الفتاة الأصغر سنًا بينهن ساندرا سراج، والتي تحمل أحلام الكتابة والتحقق كلها، ولا يزعجها شيءٌ مما يدور في عالم الكتابة، لا يقلقها ألا يكون كتابها في الأعلى مبيعًا، ولا أن يتم تحويله أو “ضربه” الكترونيًا، كل ما تفكّر فيه هو أن تقدم نفسها لقارئ يحب ما تكتبه، ولهذا تكتب ولهذا كتبت، وصدر لها روايتين “سأرحل” عن دار أجيال وكانت مفاجأة بالنسبة لها أن تطلب منها دار النشر كتابة رواية، ولكن نجاح تلك الرواية وإقبال الناس عليها جعلها تكرر التجربة في روايتها التي نشرتها دار دوّن “ما لا نبوح به” والتي حققت مبيعات كبيرة في معرض الكتاب.
أربع كاتبات من بيئات ثقافية ومعرفية مختلفة، ومن تجارب وعلاقة بالكتابة والأدب مختلفة أيضًا بالتأكيد، ولكن استطعن أن يفرضن حضورهن ويعرضن وجهة نظرهن في الكتابة والحياة، ويقدمن لنا رؤية قد تكون غائبة عنًا.
شكرًا لإعلام دوت أورج على إتاحة هذه الفرصة الجميلة للتعرف عليهن. وشكرًا لـ إسراء إمام ـ مروى جوهر ـ نهلة كرم.. وسـاندرا سـراج