لحظات فارقة في تاريخ “القوة الناعمة” المصرية تلك التي سحب فيها بهدوء لاعب كرة القدم محمد صلاح هذه القوة من الفن لتستقر في الرياضة وبقوة غير مسبوقة فقلوب الملايين من المحيط إلى الخليج بل وأوروبا أيضا أصبحت معلقة بهذا اللاعب والجميع بات يتحدث عنه ويتابع أخباره باهتمام غير مسبوق وعقب كل مباراة يلعبها تتحول السوشيال ميديا لسباق في مديح اللاعب عبر جمهور غفير من جميع أنحاء العالم!
حالة السعادة التي خلقها اللاعب لدى المصريين ومحبيه في العالم العربي فاقت التوقعات، في الماضي البعيد والقريب كان الفن المصري ونجومه هم المصدر الأكبر “للقوة الناعمة” المصرية في الدول العربية فالجمهور يحفظ نجوم الفن المصري عن ظهر قلب ويتابع أعمالهم ومكانة بعضهم في قلوب محبيهم تفوق الوصف ولكن تراجعت تلك المكانة الكبيرة برحيل عدد من النجوم الكبار وأيضا بعد تصاعد دور الفن “المحلي” في دول كثيرة ليتراجع شيئا فشيئا دور “الفن” المصري ويقل تأثيره مع النجوم الحاليين الذين لا يملكون نفس التأثير القوي لنجوم الماضي وأخرهم جيل عادل امام ورفاقه فكان يكفي تواجد أي نجم من هؤلاء في أي دولة عربية لنشاهد مظاهرات إحتفاء شعبية في الشوارع وشاهدت ذلك في أكثر من دولة عن قرب كما كان للثقافة المصرية ورموزها عبر التاريخ دورا مؤثرا أيضا في القوة الناعمة وصل إلى ذروته عالميا بفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الأداب.
نرشح لك: التفاصيل الكاملة لأزمة “صلاح” واتحاد الكرة
في لحظة ما صعدت القوة الناعمة المصرية من جديد “عربيا وعالميا”عن طريق الرياضة وتحديدا كرة القدم مع لاعب طموحه كان فقط الإحتراف في نادي اوروبي “كبير” ولكن ليصبح على أغلفة الصحف والمجلات العالمية منافسا لأشهر وأغلى لاعبي العالم هذا ما لم يتوقعه أحد، والمفاجأة تألقه المتواصل وحصده لجوائز عالمية وقارية وأصبح مع كل مباراة يلعبها أسمه يكون الأكثر تداولا بين الجماهير العربية في مظاهرة “حب” غير مسبوقة والمشهد اللافت الأن إحتشاد الجماهير لمؤازرة صلاح في كل مباراة، فتجد المئات يجلسون في الأماكن ويشجعون في حماس جميع مباريات ليفربول وكأنه منتخب مصر!
رمز الخير
جانب أخر هام جدا لأي شخصية عامة قام به “صلاح” بجدارة وكأنه يحرز هدف عالمي، عندما لعب دوره الإنساني والمجتمعي تجاه “قريته” الصغيرة بهدوء ودون ضجة إعلامية لتصفه الصحافة العالمية بأنه أصبح “رمز الخير في مصر” وأصبحت قريته مقصدا للبسطاء الطالبين لمساعدة، تواضع اللاعب أبرز صفة تتحدث عنها وسائل الإعلام العالمية في جميع تحليلاتها عن شخصيته وهي بالطبع صفة قليل ما تجدها لدى المشاهير!
والمتأمل لمصادر القوة الناعمة لدول العالم الكبرى بداية من أمريكا وقوتها المتمثلة في هوليوود وأبطال المصارعة ونجوم الموسيقى وفرنسا وثقافتها في الأزياء والفنون المختلفة والهند وإنتاجها السينمائي الضخم تجد أن معظم دول العالم لا تؤول جهدا في الترويج ليلا ونهارا لمصادر قوتها الناعمة حتى ولو كانت عن طريق “المطبخ” مثل اليابان وطعام السوشي الموجود في كل دول العالم تقريبا الأن، فالقوى الناعمة يجب الإستثمار فيها بعد أن تحولت لمصادر نمو إقتصادي لأكثر من دولة، فالقوة الناعمة سلاح هام يؤثر في وجدان الجمهور دون ضغط ولذلك تأثيره يكون قوي وصادق وللاسف لدينا هنا مصادر ثقافية كثيرة للقوة الناعمة تحتاج لإعادة تطويرها والترويج لها.