معشر الرجال من مختلف الأجناس والأعمار يعشقون رياضة كرة القدم بشكل جنوني، ويحرصون على متابعة مباريات فريقهم المفضل بانتظام مهما كلفهم ذلك من جهد ووقت ومال؛ يبذلونه طواعية في سبيل الظفر بدقائق معدودة من الإثارة المعنوية والمتعة الحسية داخل الإستادات أو أمام الشاشات.
علماء الاجتماع توقفوا طويلا أمام هذه الظاهرة المنتشرة بكثرة في مختلف دول العالم وقاموا بإجراء سلسلة من الأبحاث والتحليلات لمحاولة كشف أسبابها؛ إلا أنهم عجزوا حتى اليوم عن التوصل إلى نتائج محددة تفك طلاسم ذلك اللغز المحير. بعض الباحثين يرى أن الضغوط العصبية التي يتعرض لها الأشخاص العاديين خلال حياتهم اليومية تحول عددا منهم إلى متفرجين متعصبين يفرطون في إطلاق الهتافات التشجيعية والعدائية التي تساعدهم على تفريغ شحنة الطاقة السلبية الكامنة بداخلهم. البعض الآخر يؤكد أن مهاويس كرة القدم ليسوا سوى فئة مريضة تعاني من مشاكل نفسية واجتماعية تدفعها للاندماج مع المباريات والتفاعل مع أحداثها بكل الحواس والمشاعر سعيا وراء الهروب المؤقت من الواقع الأليم الذي تعيشه. الرأي الثالث يجزم بأن رجال المال والسلطة هم العامل المباشر في نشر وتسويق اللعبة بهذا الشكل المكثف الذي يضمن لهم تحقيق مكاسب مادية وسياسية عديدة.
أحد الدراسات الحديثة التي أجريت في أسبانيا عقب مونديال 2010 أضافت بعدا جديدا لهذه الظاهرة الفريدة حين أثبتت ارتفاع معدل إفراز هرمون الذكورة (تستوستيرون) عند الرجال بدرجة ملحوظة وهم يشاهدون فريقهم المفضل يلعب، وقد تتضاعف النسبة مع كل هدف يسجل لصالحه مما يجعل هؤلاء المتفرجين يصلون دون أن يدروا إلى نفس درجة الاستثارة الحسية التي يشعرون بها وهم علي وشك ممارسة الجنس! الباحثون لاحظوا أيضا زيادة مستويات هرمون الإجهاد (الكورتيزول) لدى الشباب حال هزيمة ناديهم وهو ما فسره العالم الهولندي ليندر فان دير ميج قائلا: “كثرة إنتاج الجسم لهذه المادة يتسق عادة مع نظرية الحفاظ على الذات الاجتماعية حيث يتخيل المشجع الخاسر أن كرامته جرحت وأن احترام الناس له قد قل فيزداد إفراز الهرمون لديه كرد فعل طبيعي لإحساسه بالإحباط و خيبة الأمل.” نفس الدراسة أقرت كذلك بتعاظم الحافز الجنسي لدى الفتيات عندما يتابعن المواجهات الكروية التي يظهر فيها القوام العضلي المتناسق للاعبين وتبرز ملامحهم الجذابة وهم يركضون بقوة ونشاط، فيبدأ عقلهن الباطن في رسم أحلام مثيرة تجمعهن بهؤلاء النجوم.
استطلاعات الرأي المعترف بها عالميا أشارت إلى أن 41% من الرجال و35% من النساء ينخرطون في علاقة جنسية ناجحة عقب مشاهدتهم لإحدى منافسات كرة القدم، مما يؤكد أن تأثير الساحرة المستديرة لا يقتصر فقط على الإشباع الرياضي بل يمتد إلى إيقاظ المشاعر العاطفية المستترة وتعزيز الرغبات الجسدية الدفينة.
هناك قضية أخرى في نفس الإطار يطرحها سؤال مكرر منذ سنوات طويلة: هل يتأثر المردود البدني والذهني للاعب إذا مارس الجنس قبيل مشاركته في المباريات بوقت قصير؟ معظم النظريات القديمة أفادت بالإيجاب مما دفع المدربين والإداريين لإصدار تعليمات صارمة لكل لاعبي الفريق بالابتعاد عن العلاقات الحميمة قبل موعد انطلاق المباراة بيومين على الأقل؛ ولضمان تنفيذ ذلك اخترعوا بدعة المعسكرات المغلقة التي لا يسمح للسيدات بدخولها أو مجرد الاقتراب من أبوابها. المدير الفني لمنتخب هولندا المشارك في كأس العالم بألمانيا عام 74 تحدى القواعد الموضوعة وكسر القيود المفروضة حين سمح لعناصر فريقه باصطحاب الزوجات والرفيقات إلى المعسكر التدريبي الذي عقده قبل وأثناء البطولة، بل ووافق أيضا على أن يُقمن معهم في نفس الغرف داخل الفندق، فكانت النتيجة هي ظهور التشكيلة البرتقالية بمستوى رائع أهلها للوصول إلى المباراة النهائية وكانت قاب قوسين أو أدنى من الظفر باللقب العالمي، مما شجع مسؤولي الاتحاد الهولندي على تكرار نفس التجربة خلال المونديال التالي بالأرجنتين، والذي شهد مواصلة التألق الملفت لكتيبة الطواحين وفوزها بمركز الوصيف للمرة الثانية على التوالي. بالطبع لا يمكن الجزم بأن قرار السماح للاعبين بممارسة الجنس هو السبب الرئيسي في بلوغ ذلك الإنجاز، لكن بالتأكيد يمكننا القول بأنه لم يقف عائقا أمام تحقيقه.
خبراء علم النفس المعاصر يعتقدون أن معاشرة اللاعب لزوجته أو رفيقته الدائمة ليلة المباراة، أمر مستحب يرفع من روحه المعنوية ويزيد ثقته بنفسه فضلا عن مساعدته على الاسترخاء والنوم بعمق، مما ينعكس بالإيجاب على قدرته البدنية وحالته المزاجية في اليوم التالي داخل الملعب. لكن العكس يحدث إذا كان الأمر يتعلق بمغامرة عابرة مع معجبة جريئة متحررة أو فتاة ليل محترفة تضطره لبذل مجهود إضافي وسط جو مشحون بالتوتر خوفا من افتضاح الأمر مما يؤدي في النهاية إلى تشتيت ذهنه وإصابته بإرهاق شديد قد يدوم لساعات طويلة.
العالم الأورجواياني أندريس فلورس المتخصص في شئون التغذية والصحة العامة يؤكد أن الرجل يستهلك أثناء عملية الجماع السوي ما بين 400 إلى 700 سعر حراري، وهي نفس النسبة التي يفقدها حين يصعد دورين على السلم أو يتمشى لمدة عشر دقائق.. تلك الطاقة المستهلكة يمكن تعويضها بسرعة وسهولة عن طريق شرب كوب من الحليب مع تناول قطعتين من البسكويت المحلي بالسكر!.
هذه النظريات العلمية الحديثة صارت تطبق داخل كل أندية أوروبا والدول المتقدمة التي منحت لاعبيها كامل الحرية في تنظيم نشاطاتهم الجنسية بأنفسهم دون رقيب أو حسيب؛ بينما مازال مسؤولو الفرق المصرية ومدربوها متمسكين بتعاليم المعتقدات البالية التي تبيح لهم فرض الوصاية على حياة اللاعبين الخاصة والتدخل السافر في أدق تفاصيل علاقتهم بزوجاتهم تحت دعوى النصح والارشاد.