نقـلاً عن المصري اليوم
طـارق الشنـاوي
عندما تجد نفسك محاطا بشاعرين كبيرين، كامل الشناوى على اليمين ومأمون الشناوى على اليسار، وكل منهما لديه ارتباط تاريخى بعبدالوهاب، فلا شك أنك- لا محيص- ستصبح وهابيا فى المزاج الموسيقى، إلا أننى أحاول أن أظل وهابيا مستنيرا، حتى أقف بين فريقين، عشاق عبدالوهاب، وهم كُثر، يعتبرون عبدالوهاب هو الموسيقى والموسيقى هى عبدالوهاب، وهناك على الجانب الآخر أعداء عبدالوهاب، وهم أيضا كُثر، ينزعون عنه أى ريادة ويحرمونه من أى لمحة تجديد أو إبداع، ولا يرون سوى أنه صعد للقمة على أكتاف وأعناق سواه من الموسيقيين.
أغلب قصائد كامل الشناوى باستثناء ثلاث فقط من تلحين محمد عبدالوهاب، يكفى أن أذكر لكم (لا تكذبى ) و(لست قلبى) و(أغنية عربية)، بدايات مأمون الشناوى كشاعر غنائى كبير توهجت مع صوت وموسيقى عبدالوهاب (انت وعزولى وزمانى) واستمرت مع (ردى عليه) و(انسى الدنيا) و(كل ده كان ليه) وغيرها، وتألقت أشعاره أيضا على ألحان عبدالوهاب لكل الأصوات حتى وصلنا إلى رائعة أم كلثوم (ودارت الأيام).
فى حياتى حادثتان محوريتان، لعب فيهما الموسيقار الكبير «محمد عبدالوهاب» دور البطولة.. الأولى هى تعيينى فى مجلة «روزاليوسف» والثانية هى محاولة رفتى من «روزاليوسف»!!
لم يقصد «عبدالوهاب» الأولى، وكان السبب المباشر فى الثانية.. كنت طالباً فى كلية الإعلام وأتدرب بمجلة «روزاليوسف» واتصلت بالموسيقار «عبدالوهاب» ليحدد موعداً لإجراء مقابلة صحفية، وبعد عدة محاولات واعتذارات متلاحقة حدد الموعد وكنت وقتها أجرى حوارات مع كبار الملحنين فى ذلك الزمن، مثل «محمود الشريف»، «الموجى»، «بليغ»، «منير مراد»، «أحمد صدقى»، وكان لابد من لقاء كبيرهم «محمد عبدالوهاب» لأنهى به هذه السلسلة.. تكتمت على الخبر، وفى الصباح يوم اللقاء أرجأ «عبدالوهاب» الموعد، ولم يكن يعرف تليفون منزلى لكنه استطاع العثور على تليفون المجلة، وبالفعل اتصل ورد عليه عم «عبدالرحمن» الشهير باسم «عوف» وهو يعتبر أشهر موظف سويتش فى مصر عمل فى الصحافة منذ نصف قرن، وكتب عنه «إحسان عبدالقدوس» قصة قصيرة «شرف المهنة».. بالطبع، عرف عم «عوف» صوت «عبدالوهاب» وتذكره «عبدالوهاب» وسأل لم يجدنى، وشعر «عوف» بأهمية المكالمة فأوصل الخط بالأستاذ «مرسى الشافعى» رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة فى ذلك الوقت، وفجأة اكتشف الأستاذ «مرسى» أن لديه محررا تحت التمرين يتصل به «محمد عبدالوهاب» فى مقر عمله.. وبحث عنى وأصدر قرار تعيينى رغم أنى لم أكن قد أكملت دراستى بكلية الإعلام، بل إننى حتى لم أكن حتى قد أجريت الحوار مع «عبدالوهاب».. أصدر الأستاذ «مرسى» القرار ولم يتم تعيينى إلا عام 1981، وكان الأستاذ «مرسى الشافعى» قد رحل عن الحياة قبلها بعامين ولكن قراره هو الذى استندت إليه فى تعيينى بإدارة شؤون الأفراد!!
أما الرفت، فبعد مضى سنوات قليلة، وفى عام 1985 نشرت مقالاً طويلاً أقرب إلى تحقيقٍ على صفحات مجلة «الوادى»، وهى مجلة مصرية سودانية رئيس تحريرها هو الراحل الفنان الكبير «هبة عنايت» ومدير التحرير الكاتب الكبير «عادل حمودة»، وكان لعادل صلاحيات مطلقة فى اختيار الموضوعات، وكان يطلب منى أن أقترح ما أشاء من أفكار، وأن أحدد عدد الصفحات التى أريدها، على شرط أن ألتزم بتسليم الحوار فى الموعد المتفق عليه.. هكذا كتبت المقال تحت عنوان «أنا والعذاب وعبدالوهاب» نُشر على مساحة أربع صفحات كاملة، كلها تتناول بالوثائق وشهود الإثبات سرقات «محمد عبدالوهاب» الموسيقية.. نعم، كان كثيراً ما يتردد أن «عبدالوهاب» يسطو على الألحان ولكنها ظلت مجرد أحاديث تحتمل الصواب والخطأ.. التقيت كلا من «محمد الموجى» و«محمود الشريف» و«عبدالعظيم عبدالحق» و«رؤوف ذهنى» وعازف الأوكرديون «مختار السيد».. كل من هؤلاء وغيرهم حكى جانباً من سرقات «عبدالوهاب»، وأتذكر مثلاً أن «محمد الموجى» قال لى إن عبدالوهاب أخذ منه لحنى أغنيتى «أحبك وانت فاكرني» و«حبيبى لعبته»، حيث عزفهما على العود أمام عبدالوهاب، إلا أنه فوجئ بأن «عبدالوهاب» يضع على اللحنين كلمات أخرى ويسجلهما بصوته، وعندما ذهب إليه معاتباً قال له عبدالوهاب «إيه يعنى أب وجد كرافت جميل عند ابنه واستعاره منه، فيها حاجة دى؟!».. وبعد هذه الواقعة صار «الموجى» لا يُسمع أبداً ألحانه لعبدالوهاب إلا بعد أن يسجلها على أسطوانة!!
كان التحقيق مليئاً بحكايات مشابهة، وشهودها لديهم أيضاً الكثير الذى يذكرونه، وانتقل هذا التحقيق بسرعة فى الوسط الفنى رغم محدودية انتشار المجلة، وبالطبع غضب «عبدالوهاب» إلا أنه لم يقف عند حدود الغضب.. حكى لى الكاتب الكبير الراحل الأستاذ «لويس جرجس»- وكان هو العضو المنتدب لمؤسسة «روزاليوسف»- أن «عبدالوهاب» طلب رفتى من المجلة عن طريق اتصال مباشر مع صبحى عبدالحكيم، رئيس مجلسى الشورى والأعلى للصحافة، قال له «لويس» اكتب تكذيباً فرفض ولم يرض بأقل من الرفت، وأفهمه «لويس جريس» أن هذا مستحيل طالما أننى لم أقع فى خطأ مهنى، خاصة أن «عبدالوهاب» رفض التكذيب، وبدأت مجلتا «روز اليوسف» و«صباح الخير» استرضاءه بالكتابة عنه. وكان مما ذكره لى الأستاذ «لويس» أن «عبدالوهاب» يعتقد أن الموسيقار «كمال الطويل» لعب دوراً فى تسريب تلك المعلومات للنشر، لخصومة تاريخية بينهما، وتعجبت لأن «كمال الطويل» كان الملحن الوحيد الذى رفض أن يمدنى بأى معلومة ضد «عبدالوهاب» رغم أن لديه الكثير منها!! وانتهت الزوبعة لكن لم تنته علاقتى مع «عبدالوهاب».. بعد هدوء العاصفة اتصلت به تليفونياً، والتقيت به أكثر من مرة، وكان يحرص على ألا يتطرق أبداً إلى ذكر واقعة اتهامه بالسرقة وأنا لا أتطرق فى المقابل لسؤاله عن واقعة محاولة رفتى من المجلة.. كنت أحرص على أن أسبق اسمه بلقب أستاذ وهو يقول لى لا تقل أستاذ أنا عمك مثلى مثل أعمامك «مأمون الشناوي» و«كامل الشناوي»، وكنت بالفعل أقول له يا عمى.. الغريب بالنسبة لى أننى رغم كل تلك الوثائق التى تؤكد سرقات «عبدالوهاب» إلا أننى عندما أستمع إلى موسيقاه المنسوبة لملحنين آخرين بل المنسوبة أيضا إلى أعمال عالمية، أشعر أنها تكاد تهتف بأنها من قلب وروح ونبض «عبدالوهاب».. لأن بها بصمة «عبدالوهاب» الخاصة التى لا تخطئها الأذن ولا الأحاسيس.. هذا ما يقوله لى قلبى، لكن عقلى يوقظنى ويؤكد لى أنها مسروقة.. قيمة «عبدالوهاب» فى التاريخ تستحق منا أن نخضع موسيقاه للكمبيوتر مثلما فعلوا قبل 30 عاماً مع «وليم شكسبير» الذى اعتبرته العديد من الدراسات شاعر الألفية كلها.. حتى «شكسبير» لم يسلم من اتهام السرقة، وتم تحليل مسرحياته لاكتشاف هل هناك بصمات لآخرين، فكان من نصيبه البراءة من كل الشائعات.. فلماذا لا نفعل ذلك مع «عبدالوهاب» ونضع ألحانه تحت مجهر الكمبيوتر؟!!.
يظل «عبدالوهاب» هو موسيقار الأجيال الذى صنع كل هذه الأمجاد وصار اسمه علامة ودلالة على التفرد والإبداع.. إنه عصير مصرى صميم ابن المشايخ فى جامع «سيدى الشعرانى»، وفى نفس الوقت هو ابن الطبقة الأرستقراطية، حيث انتقل بسرعة للعيش فى حى الهرم ثم الزمالك، تستطيع أن تلمح فى موسيقاه دفوف الزار بكل الصرامة والبساطة التى تحوطها بالدروشة، وفى نفس الوقت تجد فيها التراكيب اللحنية التى تقربها من الملامح الغربية للسيمفونية.. «عبدالوهاب» نفسه كان به هذا التناقض، أرستقراطى من الطراز الأول، وابن بلد يلاحقك بالقفشة.
قيمة «عبدالوهاب» الإبداعية أنه ظل متفتح الذهن متقد المشاعر على كل ما يجرى فى الحياة من متغيرات، ولهذا ظل عصرياً، وحتى رحيله وهو يتمتع بتلك الروح، وهى تعنى أنك تنصت أكثر مما تتكلم.. تستقبل الكثير وترسل القليل، وهكذا مثلاً قال عنه «كمال الطويل»: «عبدالوهاب مثل النشافة».. وقال «عبدالوهاب» عن نفسه أنا مثل النحلة آخذ من عبير كل الزهور وبعد ذلك أفرزه عسلاً.
«عبدالوهاب» تطور مع الزمن، فلقد ظهر فى عصر المشايخ الكبار، وكان كل موسيقىّ يحمل لقب شيخ مثل «سلامة حجازى» و«سيد درويش»، وأيضا «عبدالوهاب» الذى ارتدى فى بداية حياته الجبة والقفطان وبدأ فى حفظ أجزاء القرآن، وإن كان لم يستكمل حفظه كاملاً.
وضعت الأقدار فى طريق «محمد عبدالوهاب» الشاعر «أحمد شوقى» الذى كان يراه مراهقاً، ينبغى ألا يغنى حتى يحافظ على صوته، وطالبه «شوقى» بالتوقف حتى يصل لمرحلة الشباب. وقبل رحيل «شوقى» عام 1933 كان قد كتب من فرط إعجابه بعبدالوهاب أغنيات باللهجة العامية «النيل نجاشى»، «بلبل حيران»، «فى الليل لما خلى»، وكان يعتبر وقتها حدثاً، كيف أن شاعراً بحجم أمير الشعراء ينزل من عليائه من الفصحى وهو أميرها ويكتب باللهجة العامية.. ولكن قناعة «شوقى» بعبدالوهاب تجاوزت تلك الأفكار الصغيرة!!.
نرشح لك: نورا مجدي تكتب: أنا أحب حسني مبارك!
«عبدالوهاب» أيضاً حظى من «الأخطل الصغير» الشاعر اللبنانى «بشارة الخورى» بنفس المكانة، كتب له «يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك» وإن كان «بشارة» مزج بين الفصحى والعامية فى هذه الأغنية.. كل ذلك من أجل عيون «عبدالوهاب».. كان «عبد الوهاب» متذوقاً للكلمة، ولهذا تجد على خريطته الغنائية الكثير من القصائد لأهم الشعراء «شوقى»، «بشارة الخورى»، «إبراهيم ناجى»، «على محمود طه»، «محمود حسن إسماعيل»، «كامل الشناوي»، «نزار قباني»، «جورج جرداق»، «الهادى آدم».. «عبد الوهاب» على مستوى الكَم، قدم عدداً من الأغنيات لا يتجاوز 500 لحن سواء رددها بصوته أم غناها له آخرون، «الموجى» و«بليغ» يتجاوز كل منهما رقم 2000 لحن، ظل «عبدالوهاب» مخلصاً للأغنية الفردية على حساب المسرح الغنائى، وهو ما دفع كبار الموسيقيين فى الجيل التالى له باتهامه بالهبوط بالموسيقى الدرامية مثل «محمود الشريف»، كان «الشريف» على العكس يحلم بالأوبرا والأوبريت والمسرحية الغنائية.. وكان هذا أحد أهم أسباب مشروع زواجه الذى لم يكتمل من «أم كلثوم» لأنها ستحقق له هذا الحلم.. الموسيقار «محمد عبد الوهاب» كان لديه رأى إيجابى جداً فى «محمود الشريف»، ولكن هذا لم يمنع «الشريف» من انتقاد «عبد الوهاب» لأنه أطاح بحلم المسرح الغنائى.. الغريب عند رحيل «سيد درويش» عام 1923 وتحديداً 15 سبتمبر كان «سيد درويش» قد انتهى من تلحين الفصل الأول من أوبريت أحمد شوقى «مصرع كليوباترا»، وأكمل «عبدالوهاب» تلحين باقى فصول الأوبريت ولعب دور «أنطونيو» أمام «كليوباترا» منيرة المهدية.. وبعيداً عن الضحك الذى امتلأت به صالة المسرح لأن «عبد الوهاب» ضعيف البنية قصير القامة و«منيرة المهدية» ضخمة الجثة عريضة المنكبين بالقياس بالطبع إلى عبدالوهاب، فكان الجمهور يضحك كلما رأى المشاهد العاطفية بينهما، بل إنه فى أحد هذه المشاهد لم يتحمل جسد «عبد الوهاب» «منيرة المهدية» فسقط الاثنان على خشبة المسرح، وتحول المشهد التراجيدى إلى مشهد مغرق فى الكوميديا، ولهذا غادر «عبد الوهاب» حزينا المسرح، والغريب أن الذى أكمل دور «أنطونيو» لم يكن رجلاً بل لعبت دور «أنطونيو» بعد استخدام المكياج مطربة القطرين «فتحية أحمد»!!
«عبد الوهاب» دخل إلى معترك الأغنية ونسى تماماً المسرح الغنائى، فكان دائماً هناك معركة بينه وبين «أم كلثوم»، كل منهما يحاول أن يثبت أنه الأول، وفى كل تعاقد لعبدالوهاب كان يشترط أن يأخذ نفس أجر «أم كلثوم»، ولهذا باءت كل المحاولات لجمعهما فى عمل فنى مشترك بالفشل الذريع، وكان الاتجاه هو تقديم فيلم سينمائى له بُعد تاريخى غنائى مثل «قيس وليلى» أو (روميو وجولييت) ينتجه طلعت حرب عن طريق أستوديو مصر، واشترط «عبد الوهاب» أن يلحن كل الأغنيات بينما «أم كلثوم» طلبت أن يشارك فى التلحين كل من «رياض السنباطي» و«زكريا أحمد» و«محمد القصبجي»، لأنها لم تكن غير واثقة فى ألحان «عبد الوهاب»، ولكن تشككت أن يستحوذ «عبد الوهاب» على الألحان الناجحة والأقل نجاحاً يقدمها لها.. حتى جاء اللقاء المصيرى بينهما عام 1964 مع لحن «إنت عمرى»، والحقيقة أن هناك لحناً مجهولاً لم يتم تسجيله بين العملاقين فى الأربعينيات فى جلسة خاصة فى منتصف الأربعينيات، وكان حاضراً الشاعر الكبير «كامل الشناوي» والفنانة «كاميليا» والكاتب الكبير «توفيق الحكيم»، وكتب «كامل الشناوى» قصيدة يصف فيها جمال «كاميليا»، يقول مطلعها «إن بعض الجمال يُذهب قلبى عن ضلوعي/ فكيف كل الجمال».. ولم يسجل اللحن ولم يصدر «كامل الشناوى» هذه القصيدة فى ديوانه الوحيد «لا تكذبى»، إلا أن أم كلثوم غنت أيضا وبتلحين عبدالوهاب وشعر كامل الشناوى قصيدة (أنا الشعب) بعد (إنت عمرى) مباشرة.
هاجم أغلب الموسيقيين لحن (إنت عمرى) ماعدا كمال الطويل، قلت له: لقد قلل كل من بليغ حمدى ومحمد الموجى من قيمة لحن «إنت عمرى» فما هو رأيك؟.. أجابنى أراه أعظم لقاء جمع بين «أم كلثوم» و«عبد الوهاب»، بل أكثر من ذلك، «إنت عمرى» واحدة من أهم الأغنيات فى تاريخنا الغنائى كله.. قلت لكمال الطويل: هل أسمعت هذا الرأى لمحمد عبد الوهاب؟، أجابنى: فى تلك السنوات كنت على خلاف شخصى معه ولهذا احتفظت برأيى لنفسى!!
نعم.. حياة «عبد الوهاب» لم تخل من معارك ومن تردد ومن تراجع، ولكن بقدر ما اعتبر أن «عبدالوهاب» قد خان المسرح الغنائى، فإننا يجب أن نذكر أنه أخلص للسينما ومنحها نفسه وأمواله، وهكذا أنتج للسينما عام 1933 «الوردة البيضاء»، فكان أول مطرب عربى يؤدى دور البطولة فى فيلم غنائى.. وذلك بعد عام واحد من دخول الصوت إلى السينما فى مصر، فلقد سبقته فقط المطربة السورية «نادرة» فى فيلم «أنشودة الفؤاد».. قدم لنا «عبدالوهاب» سبعة أفلام هى: «الوردة البيضاء»، «دموع الحب»، «يحيا الحب»، «يوم سعيد»، «ممنوع الحب»، «رصاص فى القلب»، «لست ملاكاً».. ثم اشترك مرتين فى الغناء فقط فى فيلمى «غزل البنات» و«منتهى الفرح».. وأتذكر أن برنامج مفيد فوزى الذى كانت مصر كلها تترقبه، «حديث المدينة» قبل نحو 30 عاماً، قدم لقطات لعبدالوهاب مع الفرقة الموسيقية لأحمد فؤاد حسن فى بروفة كاملة يقودها «عبدالوهاب»، وكان يجرى التسجيل حتى يصدق الناس أن هذا هو صوت «عبدالوهاب».. الآن، الكل اشترك فى تصديق وتصدير اللعبة، رغم أن مهندس الصوت «زكريا عامر» أطال الله فى عمره هو الذى تولى التسجيل، التقط صوت «عبدالوهاب» من البروفة مع عبدالحليم، ومزج صوت الفرقة الموسيقية، وكتبت وقتها مقالا عنوانه «ألف ليه وليه» على صفحات جريدة «الوفد»، وفضحت تلك اللعبة، وأعتقد أن «عبدالوهاب» قد غضب أيضاً من هذا المقال، ولكنه لم يصل إلى أن يطالب برفتى.. عندما رحل «عبدالوهاب» وجدت نفسى أذهب إلى شقته بالزمالك ليلاً، كانت الجنازة فى صباح اليوم التالى، ودعت فناناً أحببته كثيراً وعشقت ألحانه وصوته، ولا أزال أمارس حقى فى الحب حتى ولو كانت كلماتى قد أغضبته يوماً ما. نعم.. حبى لعبد الوهاب مختلف عن حبى مثلاً لملحنين آخرين عرفتهم عن قرب مثل «الشريف» و«الطويل» و«بليغ» و«الموجى».. حبى لعبدالوهاب يشبه الأغنية التى لحنها لنجاة «حبك انت شكل تانى»!!.