كاتب تلك السطور، عمل في و تعامل مع العديد من المحطات التلفزيونية داخل مصر و خارجها .. وهو فضل من الله تعالى.
و أعتقد أن حدود معرفتي بطريقة طبخ الصورة التلفزيونية في مصر، تؤهلني لقول التالي :
أجدع وألطف ناس في الشغلانة كلها، من وقت دخولك الباب وحتى خروجك منه، هم العاملين في غرفة التحكم الرئيسية .. الماستر كونترول رووم ( Master Control Room ) ، والتي يقولها البعض ماشيين كونترول رووم ( Machine Control Room ) كخطأ شائع … و التي ستجد اسمها كذلك في بعض المحطات ( بلاي آوت –Play Out ) .
والعاملين في تلك الغرفة الساحرة صنفين لا ثالث لهما (مخرج تنفيذ و مهندس استديو) و يالهما من صنفين.
غرفة الكهنة كما أحب أن أسميها.
الغرفة التي يصنع فيها السحرة سحرهم.
الغرفة التي تلتقي فيها كافة الأجهزة التقنية والأسلاك و الوصلات رابطة المحطة بالقمر الصناعي.
الغرفة المليئة بالرجال ولا يسكنها صنف النساء.
الغرفة المليئة بالبهجة والتي تعمل على مدار الساعة، حتى وإن انتهى زمن البث المباشر للمحطة
الغرفة التي هي كالأم، تراعي الجميع و تداري أخطاؤهم… ولا تلق بالمقابل إلا الكثير من التجاهل.
بطل الأبطال .. مخرج التنفيذ
وعن هذه الغرفة و سكانها نتحدث اليوم ، و لنبدأ بمخرج التنفيذ، الذي يتعامل معه الجميع على إنه مخرج لم يكمل علامه، مع العلم بأن الموضوع ليس كذلك إطلاقاً.. فمخرج التنفيذ، المحبوس في تلك الغرفة الباردة – حيث أن بداخلها عشرات الأجهزة والمعدات التي تتطلب تكييف شديد البرودة صيفا و شتاءا- مثله كمثل مخرج البرامج، كلاهما تلقى نفس العلام، لكن حظهما اختلف، أحدهما أرسله حظه ودعوات والدته لأن يكون (تايتل)(1) .. والآخر حكمت عليه الظروف أن يجلس ليراقب عداد الدقائق والثواني ليخبر الجميع أنه 10 – 9 – 8 – 7 – 6 – 5 … الخ … و ستكونون على الهواء مباشرة .
هذا الشخص قليل الحظ، هو من يملك التحكم والسيطرة على ذراع معدني صغير، قابع أمامه كالكابوس، يهتم بألا يلمسه أحد كما لا يهتم بأي شئ آخر .. فهو الذراع الذي يقوم في المحطات الفضائية مقام سكينة الكهرباء .. فإن نزل إلى الأسفل … أظلمت الشاشات .
هو الشخص الذي يتحمل رجاء الجميع، وطلباتهم المملة، وسخافتهم، وفظاظتهم ووقاحتهم أحيانا في طلب مد فترة الفواصل لمدة أطول بحجة ” مش جاهزين يا فنان لسة” ودوما ما يكون هذا الطلب في هيئة جملة واحدة ثابتة لا تتغير على الإطلاق وهي ” أمنَا يا فنان”.
يتحمل هذا البطل الكثير من السخافة التي تبدأ من طلبات الكونترول رووم من تقصير زمن الهواء أو مده (وهنا يجب عليه القيام بحسابات معقدة محاولا إرضاء الجميع) ولا تنتهي عند رغبات وأوامر السيد رئيس المحطة والسيد مدير الاستديو والسيد مدير الإعداد والتنفيذ (مديره المباشر) والسيد البروضيوصر(2)… يتحملها ببطولة حقيقية، كما يعمل في جدول صارم لا يمكن زحزحته يمتلئ بالشيفتات المتأرجحة بين الصباح و المساء و الفجر … ويتحمل كذلك تواضع راتبه مقارنة بزميله مخرج الاستديو.
بطل الأبطال دوماً ما يتحمل ما سبق بروح مرحة، فـ (كل) من قابلتهم يعملون في هذه المهنة يتميزون بخفة ظل لا يمكن إنكارها، وروح بسيطة مرحة يبدو أنها من متطلبات المهنة.. قلما تجد المشاكل تشب بين العاملين في هذه الغرفة.. وقلما تسمع شكوى من أحدهم ، ودوما ما تدخل غرفة الكهنة لتجدهم مازحين، عازمين عليك بخيرات المكان من حلويات ومأكولات بيتي ومشروبات حلال .. فيالهم من رجال ويالها من غرفة جديرة بالسكنى.
لكم المودة بلا حدود.
تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا
تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (11).. الإخوة المراسلون
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (10).. و ما أدراك ما الخارجي
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (9).. والمونتيرون أصناف
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (8).. جناب المونتير
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (7).. الريجيسير V.S العلاقات
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (6).. إنسان الإيربييس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (5).. من الإيربيس للرئيس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم.. المقال الرابع: في أهمية الـ Q
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثالث (البديع الفظيع)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثاني (التايتل)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الأول (البروضيوصر)