يظن الجميع الآن أن المعركة فى الإعلام، فمن يكسبها سيسيطر على المشهد ويرضخ له الجميع.. والسلطة نفسها تؤمن بهذه النظرية، فيركز الجميع على أن الإعلام هو التعبير الأوحد عن القوة وبسط النفوذ والتمكن من مقدرات البلاد والعباد والاستمرار والاستدامة فى الكراسى، فى حين يقول الواقع إن هذا الإعلام لا يحيى الموتى ولا ينفخ فى «الرميم» ولا يبعث الموتى من القبور؛ فأى إعلام دون مشروع واستراتيجية واضحة هو «كتاب أخضر قذافى» بنكهة بدايات الألفية الثالثة وتحسينات الخريف العربى الذى كان ربيعاً.
يظن مَن فى السلطة أن الشعبية لا تتأثر ما دام الإعلام لا يتجاوز حدوداً وضعتها مسالك فرضتها الظروف والوقائع بعد 4 سنوات قاسية، ومن ثم صار الإعلام مشروعاً للحكم قبل أشياء أخرى من المفترض أن تتصدر الأجندة، فبدلاً من أن تدفع المشروعات للإعلام بالحقيقة، أصبح الإعلام يدفع بالأوهام إلى المشروعات، فمن كان صغيراً يصبح كبيراً ومن كان كبيراً يصبح صغيراً، ومن ثم تسبق الماكيتات التفاصيل والبرامج الزمنية بالرغم من أن الماكيتات هى وسلية للتعريف وليس للتنظيف وراء تعثر هنا أو هناك!!
الإعلام يحول المستحيلات إلى واقع ويبعث فى المتردية والنطيحة، وما أكل السبع، نضارة الحياة.. هكذا تؤمن السلطة وكأن حيازة القوة الناعمة كافية للصعود والتطور والتقدم والنفاذ إلى المستقبل، بالرغم من أن التاريخ قال ويقول إن الحضارات تبنى ثم تُسوَّق عبر آلة السحر الإعلامية، فهكذا فعلت أمريكا، فهوليوود لم تخلق من العدم بل خلقت من الحضارة، وهذا الإعلام إذا أردته قوياً فهو صادق ومعبر تلازمه قوة صلبة للجماهير وممثليها، الصخب زاد رغم أن الملل تسرب حتى لفرقة «حسب الله السادس عشر للطبل والزمر والتبخير والنفاق»، لكن ماذا تفعل مع الحاجة التى هى أم الاختراع؟!
الإعلام فى مأزق، وتلك هى الشواهد:
أولاً: سلطة تريده مصطفاً وراءها بلا تفكير أو تدبر أو تمسك بوظيفته فى المجتمع.
ثانياً: مال مقبل من خارج الحدود يسعى إليه فى عمليات أشبه بتجميل عجوز فى السبعين فتتورد الخدود وتنتفخ الشفاه وتختفى التجاعيد، وبعد أيام تزول التأثيرات وتجلس العجوز منزوية مرة أخرى تنتظر قراراً بالتكهين أو تتساند إلى حائط حتى مستشفى يؤويها فى مقبل الأيام!!
ثالثاً: امتيازات إعلانية بلا رؤية، تشعر بتآمرها أكثر مما تشعر بحضورها، تتعامل مع منابر الإعلام مثل شوادر البطيخ!!
رابعاً: صناعة تفتقد للتخطيط والتدبير والإدارة وتعمل وفق نظرية «احيينى النهارده وموتنى بكره»!!
خامساً: جمهور لم يعد ينصت سوى لمواد التسلية والشجار والجرائم، وانصرف عن كل شىء بإرادته بعد أن أنهكوا عقله ومشاعره وتلاعبوا بأحلامه وتجرؤوا على مقدراته!!
سادساً: سقف الحرية للإعلام يتعامل معه الإعلاميون على طريقة «إنى أتنفس تحت الماء لكنى لا أغرق» وما دمت حياً أرزق فإنى سعيد وأقول أى شىء أريده ما عدا ما لا يريده «هو» و«هم».. و«هم» بقوا ناس كتير صغيرين وكبار ودول وشركات… إلخ!!
سابعاً: الداء المصرى الشهير «ما دامت ماشية خلاص»، وهنا لا تجديد ولا تطوير، و«اللى تكسب به العب به»، وهكذا تستمر الآفة فننتهى إلى «خُشب مسندة» فى فضاء «الإنتاج الإعلامى» الذى كان مدينة فأصبح «حارة»!!
سواء استسلمت للمؤامرة التى تشعر بها فى كل تفصيلة أو طردتها إلى مساحات النسيان فأنت فى مأزق لا يخص القنوات بل مصر نفسها، فيكفى أن هذا الإعلام لا يؤثر فى المنطقة بـ«بصلة» لأنك تركت الفضاء لآخرين رغم أنك طرف فى صراعات خارج حدودك ولا تملك من الأمر شيئاً وتنتظر مثلنا تماماً «تويتة» فجر السعيد أو ضاحى خلفان لتعرف ما يحدث لك وللمنطقة أو تذهب بـ«ريموتك» إلى «العربية» و«سكاى» و«الجزيرة» و«سى إن إن» لتسمع عنهم ومنهم حتى لو كان جنودك هناك يحاربون فى أرض «القات»!!
المأزق مُركّب مُعقّد متشابك، وارتكان السلطة إلى أن الوضع «PEACE» يمثل خطراً على السلطة نفسها، فالرهان على الإضعاف أو التلجيم خاسر بمقتضى التاريخ القريب والبعيد أيضاً، ولذلك فالأمر تلزمه حكمة ومراجعات من الجميع سواء كانوا كائنات فضائية أو سياسية، فالأخطاء تحولت إلى خطايا، والجماهير بدأت تفقد البوصلة والسياق والثقة!!
نقلاً عن “جريدة الوطن”
اقرأ أيضًا:
7 ملاحظات على حفل ليالي التليفزيون
ثلاث مميزات وثلاثة عيوب لمقدمة 25/30
لميس الحديدي: التفجيرات مش هتبعدنا عن الكوميديا
الشيخ ميزو : المسيحيين واليهود والمجوس سيدخلون الجنة
“موسى” يطالب بإقتحام “غزة” ويصف القطاع بالإرهابي
تنطلق الجمعة .. القائمة الكاملة للنسخة الجديدة لقناة الناس
هالة فاخر: الجواز عامل زي المعونة الأمريكية “على كف عفريت”
منى سلمان: تعرضت لنفس موقف مراسلة ON TV
عمرو أديب : الشعب المصري بينسى ويسامح
خالد الجندي بـ”لوك كاجول” مع محمود سعد
إيقاف مذيعة قناة الدلتا بسبب “عاصفة الحزم”
4 فيديوهات جعلت محمد صلاح الأكثر طلبًا على جوجل