نقلا عن جريدة المقال
لم يتوقف الجدل والنواح والتحليلات والتخمينات وضرب الكفوف منذ ظهر علاء وجمال مبارك نجلي الرئيس المخلوع مبارك في عزاء والدة الكاتب الصحفي مصطفى بكري بمسجد عمر مكرم.
إنها انتكاسة للثورة، هكذا وصف البعض الأمر، والواقع أنني مندهش من هذا الوصف الغريب والمبالغ فيه بل والجاهل أيضا.
فهل عزاء والدة مصطفى بكري ضمن مكاسب الثورة أو استحقاق شعبي ضمن خارطة الطريق أو حتى حدث يخص كل المصريين حتى نقول إن حضور نجلي الرئيس المخلوع له يعد انتكاسة للثورة؟
ثم ما هذا الضعف والهشاشة التي دائما ما يحب بعض المغالين في الهتاف باسم الثورة أن يظهروا عليها؟
وهل الثورة أو الوطن بهذا الهوان كي نربط مصيره بظهور شخصين لا حيثية لهما الآن وفي سرادق عزاء؟
ولماذا لا يكف الهتيفة عن النواح ويعملون ويجتهدون كي لا تنتكس الثورة والبلاد؟ بدلا من تصوير الثورة ماتت في سرادق العزاء المذكور؟
فالمنطق يقول إنه إذا وجدت المعادين للثورة والوطن يحاولون العودة أو يحاولون هدم ثورتك فعليك أن لا تكتفي بالنواح وتجتهد أنت أيضا لمنعهم من ذلك.
وعليك أن تغير من عادتك المهترئة في التعامل مع مثل هذه الأمور، فلا أريد أن اسمع منك مجددا أن السيسي أو النظام هو الذي سمح لهم بذلك أو انك تكتفي بالمطالبات الغريبة بمنع ظهورهم أو تردد خرافات كتلك التي تقول إن السيسي أمر فلان وعلان من رموز النظام الأسبق بعدم الظهور.
فالحقيقة أن السيسي لا يملك أن يسمح أو يمنع، فطالما أن الشخص حصل على إخلاء سبيل بموجب احكام قضائية فما هي سلطة رئيس الجمهورية عليه كي يسمح له او يمنعه؟
وهل تعتقد أنه حتى لو فعل الرئيس ذلك فإن هذا الشخص الراغب في العودة والظهور سيقول سمعا وطاعة وهو أمام القضاء ليس عليه أي قيد يمنعه من ممارسة حياته كما يشاء ومن المؤكد أن رغبته في الظهور والعودة للسلطة ستفوق رغبته في إرضاء وطاعة من في السلطة الآن.
أقول هذا بمناسبة أن سيناريو النواح والبكاء يتكرر مجددا مع ظهور جمال وعلاء وهو نفسه قد حدث مع عودة أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل.
فبمجرد ظهور عز على الساحة من جديد عقب خروجه من السجن انطلقت وصلات النواح والبكاء على أطلال الثورة، وهناك من قال أيضا إن النظام هو الذي أعطاه إشارة العودة، ومع ذلك انتظر هؤلاء الذين لا يثقون في نوايا النظام أن يقوم هذا النظام بمنع عز من الظهور.. وهاهم يعيدون الكرة مع جمال وعلاء.. فكيف يستقيم ذلك؟
وقد ثبت للجميع أنه ليس هناك صعوبة في أن تمنع أي شخص من العودة إذا كنت تملك عليه ما يدينه، فقد تم منع عز من الترشح للبرلمان بالقانون.
وهذا يعطينا الدرس في أننا بدلا من النواح والبكاء والولولة علينا أن نجتهد قانونا لمنع عودة جمال وعلاء إذا كنا نملك ما يمنع عودتهما للسياسة، وبجانب ذلك علينا أن نجتهد أيضا لتنوير الناس بخطورة عودتها لمنع التفاف الجماهير حولهما مرة أخرى.
أما مسألة الاكتفاء بكيل الاتهامات للنظام الحاكم وفي نفس الوقت تنتظر من هذا النظام المتآمر في نظرك أن ينقذك فهي معادلة فاشلة.
ومن المؤكد أن النظام الحاكم حاليا لديه من المشاكل الخارجية والداخلية من يجعله حتى لا يملك الوقت للتخطيط أو التآمر لعودة شخصين ضررهما عليه أكبر من نفعهما.
ويجب أن تتأكد أن رموز النظام الأسبق يلعبون بذكاء شديد ، فاختيار جمال وعلاء لعزاء والدة مصطفى بكري على وجه الخصوص لم يكن أمرا عاديا.
فمن المؤكد أنهما يعلمان أنه من المستحيل تعرضهما لأية مفاجآت أو إحراج أو هتافات ضدهما بهذا العزاء، كما أن مكان العزاء بمسجد عمر مكرم على بعد خطوات من ميدان التحرير الذي خلع نظام والدهما فهذه رسالة قوية منهما.
كل هذا يجعل اكتفاءك بالشجب والندب والولولة هو المؤامرة الحقيقية على الثورة، بل ويؤكد أنك لا تستحق هذه الثورة لأنك لا تستطيع الدفاع الحقيقي عنها، فلو دافعت عنها بحق وبخطوات ملموسة ومن خلال العمل والاجتهاد وتنوير الناس فلن يهزمك أي أحد حتى لو تآمر معه النظام كما تظن.
اقرأ أيضًا:
هشام المياني: السيسي داعية لمدة 15 دقيقة
هشام المياني: الدروس المستفادة من سيلفي السيسي
هشام الميانى : دفاعك عن نفسك لا يكفي يا ريس
هشام المياني: من غير ما تغمز يا سيسي !!
هشام المياني: جثة الصحفي أهم من شغله !!
هشام المياني: صحافة برأس نعامة!!
هشام المياني: كيف تصبح مقربًا من أصحاب السلطة؟