رباب طلعت
بدأ السباق الرمضاني بين القنوات الفضائية، التي كشفت عن خطتها البرامجية لشهر رمضان المبارك، قبله بأسابيعٍ قليلة، وعكفت كلٍ منها على الترويج لباقتها الدرامية، في الموسم الأول لها، بعد القرار الذي أصدرته كل من الحياة والنهار، وcbc، وdmc، وon tv، نوفمبر الماضي، بعدم شراء أي مسلسل درامي تتعدى قيمته مبلغ 70 مليون جنيهًا مصريًا كحدٍ أقصى.
القنوات الخمس التي قررت وضع سقف لميزانية مسلسلات رمضان، للحد من نفقاتها، حيث إن تضخم سعر المسلسلات أصبح مُعجزًا لقدراتها على سداد قيمتها وبالتالي تعسر منتجي تلك الأعمال، اشتملت خططهم الدرامية المعلنة على العديد من الأعمال “ضخمة الإنتاج”، نظرًا لأن ميزانية بعضها تعدت المئة مليون جنيهًا، للعديد من الأسباب، إما للتصوير في بلدان كثيرة، أو لزيادة أعداد الفنانين المشاركين في العمل “الكرو”، أو لأن بطلها أحد النجوم ممن تتعدى أجورهم قيمة الـ20 مليون جنيهًا، بحسب ما أعلن العام الماضي، وبلغت ميزانية إنتاج أعمالهم لما يتراوح من 90 إلى 120 مليونًا، وهو الأمر الذي على الأرجح لم يتغير في السنة الحالية، نظرًا لأن قرار القنوات، صدر بعد تعاقد بعضهم بالفعل على أدوارهم في رمضان 2018، مما يُثير تساؤلًا “هل التزم كلٍ منهم بما اتفقوا عليه؟ أم أنهم أرجاؤها للعام المقبل؟”
نرشح لك – كيف ظهر كوبر في برنامج رامز جلال؟
ظهور الكثير من الأعمال الحصرية على القنوات المصرية على أخرى عربية، من الممكن أن يُفسر مخرج المنتجين من أزمة سقف الميزانية، ببيع الأعمال بما يزيد عن الـ70 مليون جنيهًا المحددة لشاشاتٍ بديلة، خاصة أن الخليج استقطب مسلسلات كبار الفنانين، أي زيادة أعداد المشاهدة عربيًا ومصريًا لها، نظرًا لأنها تسبق القنوات المصرية في ساعات عرض الحلقات، لاختلاف التوقيتات المحلية، وفقًا للمواعيد المُعلنة للمسلسلات، لذا ستسبق دول الخليج، والأردن أيضًا أغلب القنوات المصرية، ما يُهدد عرش المشاهدة المحلية؟ بجانب الاتجاه الحالي لكثير من المشاهدين من فئة الشباب تحديدًا للمشاهدة “أون لاين”، بسبب الشكوى المتزايدة خلال السنوات الماضية من كثرة الفواصل الإعلانية ما يزيد من مدة الحلقة، ويصيبهم بالملل.
تلك الإعلانات المزعجة للمشاهد لا يخفى على أحد أنها شريان الحياة للقنوات، لسد نفقاتها، وإلا لن تستمر، وبالتالي التعسر لسنوات والتراجع عن تقديم محتواها، ما يدفع القنوات لعرض الكثير منها ضمانًا لإرضاء المعلن، الذي يعتبر الشهر الكريم “موسمه” هو الآخر، فيبدأ صراع من نوعٍ آخر بينهم على الشاشات الفضائية، لجذب أكبر شريحة من الجمهور لمنتجهم، وقد نجحت الشركات الكبرى بالفعل في جعل الجمهور يتعلق بإعلاناتها، خاصة شركات الاتصالات الثلاث “أورانج”، و”اتصالات”، و”فودافون”، والسؤال هل من الممكن أن تؤدي الرقابة على الإعلانات لانسحاب معلنين آخرين، مثلما فعلت فودافون من قبل بحجب إعلاناتها عن القنوات والاكتفاء بعرضها فقط على “يوتيوب” كما فعلت بـ”شحن وشبرقة” ردًا على قرار المجلس الأعلى للإعلام بمنع إذاعة إعلان “أبلة فاهيتا”، قبل تراجعها مؤخرًا عن قرارها، وخوضها المنافسة، ما يعني خسارة كبيرة للشبكات التلفزيونية؟ لخسارة المعلنين؟ أم أنها ستتروى في الأمر لعدم حدوث ذلك؟
على ذكر الإعلانات يجب طرح سؤالٍ آخر وهو “إلى أين سيتجه المعلن في رمضان 2018؟ هل للمسلسلات أم للبرامج؟”، خلال سنوات مضت لم يكن طرح ذلك السؤال منطقيًا، فهناك نجوم بعينهم “صيادين” للدعاية الإعلانية، لأن مشاهداتهم “حتمية ومضمونة”، لكن منذ عامين وتحديدًا العام الماضي، انقلبت الموازين، وحمل رمضان 2017 الكثير من المفاجآت، بصعود نجوم جدد، وتراجع رصيد آخرين، ولم تأتِ المشاهدات كما اشتهت الميزانيات المصروفة، ما دفع بعض القنوات للتخلي على وجوهها الثابتين لتجديد دمائها والمغامرة بالتجربة والتخلي عن “المضمون” و”المعتاد” في سبيل مجاراة التغيرات الذوقية للمشاهدين، خاصة ممن سئموا مسلسلات “التفصيل”، وأصبحوا يبحثون عن الجديد، والمختلف، وبطل القصة لا قصة البطل!
رمضان 2018، يمكن وصفه بموسم التحدي الأكبر لأغلب القنوات، سواءً التي سلكت السياسة السالف ذكرها، والتي اتكأ بعضها على عصاة البرامج، خاصة “المقالب”، المضمون مشاهدتها نسبيًا لأن مشاهدها لا يمل، أو التي قررت اللجوء للسياسة المعاكسة باستقطاب النجوم الكبار رهانًا على نجاحهم هذا العام، بالرغم من تراجعهم الملحوظ رمضان الماضي، بجانب حرصها على وجود حائط أمان تستند عليه إذا ما خسرت الرهان بوجود أعمالٍ متنوعة من التي “ضرب الحظ” مع مثيلاتها العام الماضي، سواء كانت شبابية، أو بطولة جماعية، أو كوميدية، لأن ما تركه رمضان 2017 من إرثٍ يؤكد أن لا قاعدة، والكل يُراهن، ويترقب، وينافس، والجميع مطالب بإثبات نفسه، وذلك التحدي ليس يسيرًا، وفي ذلك الصدد، لجأت بعض القنوات أيضًا لحيلة عرض أول حلقات مسلسلاتها قبل السباق الرمضاني بيومين بمبدأ “جر رجل المشاهد” الذي إذا شاهد الحلقة الأولى من الممكن أن يتعلق بالعمل فيتابعه للنهاية.
تحدي آخر لا يجب نسيانه، سيواجه القنوات الفضائية المنافسة في السباق الدرامي، وهو أن عشاق الكرة المستديرة، لن يتخلوا عن مشاهدة عدة مباريات ستُلعب خلال الموسم الرمضاني تزامنًا مع اقتراب مونديال روسيا 2018 والذي ستشارك فيه مصر بعد غياب طال لسنوات ومنها وديًا: مصر والكويت يوم 26 مايو، مصر وكولومبيا يوم 1 يونيو، مصر وبلجيكا يوم 6 يونيو، محليًا، وعالميًا، مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا المقامة يوم 26 مايو 2018، والتي سيواجه فيها نادي ريال مدريد الإسباني، فريق ليفربول الإنجليزي، أي مباراة للبطل الجماهيري محمد صلاح، هل من الممكن أن يترك أحد مشاهدتها؟! وهل سيخفى ذلك على المعلنين؟