معز مسعود.. باحث حاليًا.. داعية سابقًا وقد نراه ممثلًا

أحمد شعبان

في أواخر السبعينات ولد معز مسعود، وفي أواخر التسعينات بدأ رحلته في البحث والتعلم والدراسة “باحثًا عن الحقيقة”، وفي العقد الأول من الألفية الثالثة بدأ في تقديم عدة برامج دينية، متجاوزًا النمط التقليدي لذلك النوع من البرامج، وفي عام 2013 قدم ومثّل في برنامجه الدرامي “خطوات الشيطان”، وفي عام 2016 شاهده جمهوره ومتابعوه على السجادة الحمراء في مهرجان “كان” السينمائي.

ينتظر “مسعود” عرض مسلسله التليفزيوني الأول “السهام المارقة”، مع بدء شهر رمضان، يناقش المسلسل مسائل التشدد والتطرف الديني، فاضحًا ممارسات جماعات الإرهاب. ولا يحمل المسلسل فكر ورؤية مسعود فقط؛ إنما يشترك الأخير في إنتاجه مع محمد حفظي أيضًا.

نرشح لك: شاهد: برومو “السهام المارقة” لـ معزّ مسعود

البرومو الرسمي الأول لمسلسل السهام المارقة

بسم الله الرحمن الرحيم.. البرومو الرسمي الأول لمسلسل "السهام المارقة".. رؤية الباحث والمنتج: معز مسعودالمنتجون: معز مسعود و محمد حفظيقصة و سيناريو و حوار: خالد دياب، شيرين دياب ، محمد ديابللمخرج: محمود كامل

Posted by ‎Moez Masoud معز مسعود‎ on Monday, April 30, 2018

لم يكن “السهام المارقة” هو بداية علاقة معز مسعود بالفن، فثمّة محطات أخرى سابقة، قطعها “مسعود” ليؤكد أنه ليس كغيره من “الدعاة” أو مقدمي البرامج الدينية، أو ما اصطلح على تسميته “ظاهرة الدعاة الجدد”، الذين ظهروا على الساحة وملأت برامجهم الشاشات المختلفة، بأسلوبهم الخطابي الجذاب، وطريقتهم المختلفة شكلًا ومضمونًا. هو لا يحب أصلًا كلمة “داعية”، يحب أن يُعرف نفسه بأنه عالم متخصص، باحث في قسم الإلهيات بجامعة كامبريدج، يبحث عن الحقيقة، بجانب كوْنه ملحن، ومنتج وعازف جيتار.

خلع “مسعود” ثوب الداعية، يرفض المصطلح، يرى أن وصفه بالباحث أدق، وهو بالفعل ملائمًا لمشروع “مسعود” الذي يتضمن إنتاج عدة أعمال فنية، ويؤكد في أكثر من حوار على أن: “الداعية شرف أرجوه ولا أصف به نفسي، ولكن للأسف وافق المصطلح كثيرين ممن يخلعون الأحذية في البرامج ويسبون، وأصبح مصطلحًا مشبوهًا، إما بسبب ضعف العلم الشرعي لكثير من هؤلاء الدعاة، أو بُعد المتصفين به عن إدراك الواقع والعالمية وعن التزكية والأخلاق النبيلة، عدم مواكبة العصر والتطورات البشرية، وكذلك تربّح بعضهم من أعمالهم على نحو غير لائق، وهذه صفات لا تنطبق بأي شكل على الباحث عن الحقيقة بتجرّد، لذلك فإن الواقع قد غيّر معنى مصطلح الداعية، حتى أصبح لا يصفني ولا ما أقوم به بأي شكل من الأشكال، ولم يبق إلا استثناءات قليلة”.

اختص الباحث بجامعة كامبريدج لنفسه منذ البداية أسلوب مميز ومختلف، يغرّد في منطقة وحده، لا يمكن أن يندرج تحت وصف “الدعية”، ربما يتشارك مع “دعاة” آخرين، أمثال مصطفى حسني وعمرو خالد وغيرهما، في أنه خرج بشكل البرنامج الديني إلى مفهوم عصري يواكب التطور، بأسلوب جذّاب، مبتعدين عن الشكل الوعظي المباشر للشباب؛ لكنّه يختلف عنهم في أنه منذ البداية يقول أن “الفنّ أحد وسائلي للتعبير”، ولم يكتف بمخاطبة الشباب بلغتهم من خلال البرامج فقط، لكنّه ذهب بعيدًا وغنّى ولحّن أغنيات عديدة، باللغتين العربية والإنجليزية، وأنتج فيلم “اشتباك” عام 2016، الذي اختير ليفتتح قسم “نظرة ما” في مهرجان “كان”، أعرق المهرجانات السينمائية في العالم.

قبل “كان” قدّم “مسعود” مشروعه الدرامي الأول، برنامج “خطوات الشيطان 1″، طرح فكرته وأسئلته وما يشغله من خلال الشخصية الذي قدمه الفنان الشاب محمد عادل واستكمل هذا المشوار، ببرنامج “خطوات الشيطان 2″، يقول: “قدمت خطوات الشيطان لأخاطب الشباب بلغة يحبونها ويفهمونها وأحب أن أصل إليهم بشكل مجدد ومختلف دائماً، كذلك الشباب لا يزال يبحث عن صوت له ويأمل أن يرى محاسبة وعدالة، وهذا أمر يتجاهله الدعاة، لذا نفر الشباب منهم وابتعد عن طريقهم لبعدهم عن الواقع”.

“الفن أحد وسائلي للتعبير، والتلحين والعزف والغناء جزء من حياتي، لو معملتش كده هتجنن، عايز أنفّس عن نفسي، ولا أقدم أو أشجع إلا الفن الراقي، من خلال دوري كمنتج صاحب رؤية فنية، وهذا ما يفعله المنتج الحقيقي، الذي لا يكتفي بدفع المال فقط، فالمنتج له رؤية متكاملة، فهو قائد فني”.. حوار مع خيري رمضان.

من داخل قاعة سينما، أطلّ مسعود على مشاهدي برنامجه “الطريق الصح” الذي كان يعرض على شاشة “اقرأ”، عام 2007، وتحدّث عن السينما والافلام، وهل هناك تعارض بين الإسلام والفنّ، ليؤكد على أن الفن موهبة يهبها الله للإنسان ليعبر عن الجمال، من خلال السينما والغناء وشتى أنواع الفنون، وقد حققت أغنية البرنامج التي لحنها ملايين المشاهدات. وفي أحد فنادق القاهرة قبل عامين، عقد “مسعود” لقاءً مع الشباب، غنّى وعزف عدد من الأغنيات، منها أغنية “تتجوزيني” التي لحنها معز وغنّاها هاني عادل في 2008. وشارك في كتابة وغناء والعزف في أغنية “يا رحلة” مع المطرب أمير عيد عضو فرقة “كاريوكي”، عن ذلك يقول: “أحببت أن أشارك مغنيًا فيها بشكل عفوي فضلًا عن أن أمير محبوب لكثير من الشباب كما أنه باحث عن الحقيقة أيضًا، فشعرت أن الأغنية تليق به، ووصلتني ردود فعل طيبة من الشباب والمتابعين”.

كخطوة جديدة ومهمة في مسيرة “مسعود” ومشروعه، الذي يضم مزيدًا من الأعمال الفنية إنتاجًا وإخراجًا، جاء “السهام المارقة”، إنتاج ٌ ضخم، كان مقررًا للعمل أن يكون شريطًا سينمائيًا على غرار “اشتباك”، لكنّ حُولت الفكرة إلى مسلسل درامي فكري، رؤية وفكرة معز مسعود، تأليف الإخوة دياب، شيرين ومحمد وخالد، من إخراج محمود كامل، ومن إنتاج شركة “فيلم كلينك” للمنتج محمد حفظي، ومعز مسعود.من خلال شركته “أكاديميا بيكتشرز”، بالتعاون مع شركة أبو ظبي للإعلام.

يأتي المسلسل “استكمالًا لرحلتنا التي التي بدأناها معكم في ’خطوات الشيطان’، و’اشتباك’”، حسبما قال “مسعود” عبر صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي. ويضمّ المسلسل مجموعة متميزة من نجوم الوطن العربي حيث يشارك من مصر كلٌ من الفنانين شريف سلامة وهاني عادل وشيري عادل و وليد فواز، ويشارك من بقية العالم العربي كلٌ من الفنانة التونسية عائشة بن أحمد والفنانة اللبنانية دياموند أبو عبود والفنان العراقي كامل إبراهيم، مع ظهور خاص للفنان السعودي هشام فقيه. ومن المقرر أن يُعرض حصريًا على قناة أبو ظبي خلال رمضان.

من الغناء إلى العزف إلى التلحين إلى الإنتاج الدرامي والسينمائي، يؤكد معز مسعود، الباحث في قسم الإلهيات بجامعة كامبريدج، والذي يقيم حوارات عدة مع فلاسفة ومفكرين وعلماء حول مسائل فلسفية ودينية وعلمية؛ على أنه يحمل مشروعًا متفرّدًا، فتارة تجده باحثًا، وأخرى ملحنًا، وثالثة مغنيًا، ورابعةً مؤلف وصاحب القصة في أعمال درامية، يظهر بشخصيته الحقيقية فيها ممثلًا، وخامسة منتجًا لفيلم يجوب مهرجانات الدنيا، ثم مسلسل ينتظرالجمهور عرضه. بعد ذلك كله، يبقى أن نشاهد “الباحث والفنان” معز مسعود ممثلًا في أعمال سينمائية ودرامية، فهل يفعلها؟، لننتظر.