كنا قد بدأنا في الحلقة السابقة من “سلسلة كونترول رووم” حديثنا حول سكان غرفة الكهنة، الـ M.C.R .. شارحين معنى الغرفة وأسباب وجودها ومتحدثين كذلك حول أول سكان هذه الغرفة و هو “مخرج التنفيذ” .. واليوم نتحدث حول جار مخرج التنفيذ في نفس الغرفة، رفيق السهر، حلال العقد، الشخص المفتاحي والواجب الاعتماد عليه حال حدوث أي مشكلة تقنية بأي جهاز من أجهزة القناة الفضائية .. مهندس الاستديو.
وكما هو حالي مع مخرجي التنفيذ، أحب مهندسي الاستديو وأقدرهم وأسعى خلف صداقتهم، فهم بالأساس مهندسين، بتوع أسلاك ووصلات وحسابات رياضية ، ولا يهتم معظمهم بمحتوى القناة التي يعمل بها قدر اهتمامه بأن تخرج صورتها براقة، سلسة، ولا مشاكل فيها، و قد يكون ذلك هو سبب حبي لهذه الطائفة بالكامل.. أنهم بتوع شغل وليسوا من بتوع الشو.
ساهمت أقسام “الاتصالات والاليكترونيات” بكليات الهندسة المصرية في تخريج معظم هؤلاء المهندسين .. قبل أن يتم افتتاح أقسام لهندسة الإعلام في أكثر من جامعة خاصة ودولية.. وكما هو الحال مع المخرج، يعمل مهندس الاستديو بنظام الشيفتات، وفي بعض الأحيان يتواجد في نفس الشيفت اثنين من المهندسين في مقابل مخرج واحد.
آناء الليل وأطراف النهار، تجد المهندس ممسكاً بجهاز ما أو معدة معطلة… تراه واقفاً أو جالساً خلف هيكل معدني ضخم يحتل ثلث مساحة غرفة الـ M.C.R تقريباً.. يحتوي هذا الهيكل الذي يعتبر القلب الاليكتروني النابض لأي محطة فضائية على قدر خرافي من الأسلاك والأجهزة، وفيه تلتقي كابلات الإضاءة والتصوير وكافة أجهزة الكونترول رووم والاستديو، وكذلك معدات البث والإرسال والاستقبال من وإلى القمر الصناعي.
اللقطات الحية المباشرة من المستحيل أن تخرج بدون تنسيق كامل مع مهندس الاستديو، تبديل الجرافيكس من برنامج إلى برنامج آخر لا يمكن حدوثه بدون اللجوء إليه، أعطال الكاميرات والأجهزة المختلفة لا يمكن التعامل معها إلا من خلاله، فمعظمنا من العاملين بوظائف مختلفة داخل الاستديوهات مهما اختلفت سنين الخبرة بيننا، نتعامل مع الأعطال بنفس المنطق الذي تعامل به الفنان القدير طلعت زكريا حين وقف أمام الكاميرا في فيلم “أبو علي” سائلا بصدق حقيقي ” إيه الجهاز دة؟ “.
وبنفس الروح المرحة التي يبدو أنها من أساسيات العمل داخل غرفة الكهنة، يعمل المهندسين بكفاءة وفي صمت، مهما كان حجم الكارثة التقنية، ومهما كانت الضغوط.
مهندس الاستديو يتبع إدارياً كبير المهندسين بالمحطة (وهي وظيفة كذلك تمتاز بالروح المرحة وخفة الدم)، ثم مدير الاستديو، ثم رئيس المحطة.. بناء هرمي بسيط لا يستدعي الضجيج، حالة من الهدوء ودماثة الخلق يمتاز بها الكل.. واجتهاد في العمل قلما تجده بهذا الكمال في وظيفة أخرى داخل القنوات الفضائية.
الـ M.C.R غرفة مبهجة بوجود سكانها فيها، ورغم التجاهل الشديد من السادة والقادة بالمحطة للغرفة وسكانها إلا أنه لا أحد من العاملين بالكونترول رووم قد عاش مجموعة من أسعد اللحظات العملية في حياته داخل جدران الـ M.C.R .. متخلصاً بسببها من عبء أزمة تقنية، أو متجاذباً لأطراف الحديث مع سكانها في أمور بعيدة تماماً عن العمل.. أو آكلاً لأشهى المأكولات بود وصدق حقيقي، وأكاد اجزم أن حال القنوات الفضائية المصرية سيتغير تماماً إذا تعامل الجميع مع ضغط العمل فيها كما يتعامل مهندس الاستديو مع المشاكل التي تأتيه بلا انقطاع.
لكم المودة بلا حدود.
تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا
تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (12).. سكان الـ M.C.R .. الصنف الأول
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (11).. الإخوة المراسلون
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (10).. و ما أدراك ما الخارجي
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (9).. والمونتيرون أصناف
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (8).. جناب المونتير
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (7).. الريجيسير V.S العلاقات
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (6).. إنسان الإيربييس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (5).. من الإيربيس للرئيس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم.. المقال الرابع: في أهمية الـ Q
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثالث (البديع الفظيع)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثاني (التايتل)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الأول (البروضيوصر)