بضمير مرتاح أجزم أن مسلسل “بالحجم العائلي” للفنان الكبير يحيى الفخراني حجز مكانه على رأس قائمة تفضيلاتي لدراما رمضان، خلال جولة الأيام الأولى بين المسلسلات لم أصادف عملًا اجتماعيا مليء بالتفاصيل الإنسانية الصغيرة التي تلمس شيئًا ما في روحك.
نرشح لك: مصطفى حمدي يكتب: خلينا نشوفك (1).. موسم إهانة الموسيقى!
لتصنع مسلسلا أو فيلمًا جيدًا لست في حاجة سوى لحدوتة حلوة تشبه الناس، هذا مثلا ما حققه المخرج والمؤلف تامر محسن السنة الماضية في مسلسل “هذا المساء”، أو الكاتب مدحت العدل في مسلسل “لأعلى سعر” في نفس الموسم. دائمًا الحدوتة المكتوبة في بيوت الناس أقرب للقلب وأكثر دفئًا، هذا العام تقلصت مساحة الدراما الاجتماعية بشكل مخيف، الكل يجري في سباق صناعة فيلم هندي على الطريقة المصرية، حتى الزعيم عادل إمام عندما قرر التخلي عن كاتبه المفضل يوسف معاطي دخل ملعب الفكرة اليتيمة اللي “اتهرست مليون مرة” جريمة قتل غريبة ما تيجي نفك لغزها!
نرشح لك: مواعيد عرض عوالم خفية لـ الزعيم #مسلسلات_رمضان_2018
يجري أغلب الكتاب الجدد وراء حكايات من صنعة الخواجة، على طريقة طالع صفحة 2 من كتالوج صناعة أفلام ومسلسلات “الإثارة والتشويق”، ناهيك عن دراما الانتقام التي تفوح منها رائحة الكاري الهندي، هذا الشاب البسيط سيُسجن ظلما ويخرج لينتقم، وهذا الضابط قتلوا أهله وطبعا هينتقم ويجيب ناس تنتقم، وهذا المجرم الهارب العائد إلى الحياة سواء في موسكو أو حواري بولاق هيكبر ويبقى قد الدنيا، كل ده كوم وطبعا الدراما الموجهة ضد الإرهاب كوم تاني –وده مش عيب على فكرة- قد يرجع هذا التشابة العجيب في أغلب الأفكار والموضوعات إلى سيطرة شركة إنتاج أو شركتين على الساحة، والسعي الواضح لفرض أجندة موضوعات بعينها على المشاهد، هذا بالطبع إذا استبعدنا سيطرة الذائقة الفنية للنجوم على الاختيارات بشكل عام، والنتيجة أننا أمام واحد من أضعف المواسم الدرامية على الإطلاق، ولن أغير موقفي هذا يوم 30 رمضان فالجواب بان من عنوانه.
يردد صناع الدراما ونجومها عبارة “مفيش ورق” منذ سنوات طويلة، والحقيقة أن الازمة في من يختارون الورق وليس الورق نفسه، حتى على صعيد الأعمال الكوميدية أصبحت السخافة حالة عامة، يكفي ما نراه من منتجات “مسرح مصر” التي احتلت الشاشة بإفيهات مكررة وموضوعات غاية في السذاجة والطلسقة والسلق، المهم أن هناك من سيضحك على مصطفى خاطر وعلى ربيع، حتى الموهوب أحمد أمين، سلم نفسه للمؤلف مصطفى حلمي ليضمة إلى قائمة ضحاياه.
نرشح لك: ثلاثة نجوم يتابعون مسلسل علي ربيع
أعود للفخراني الذي يسبح خارج هذا السرب المجنون، منذ عامين قدم الفخراني مسلسل “ونوس” مع المؤلف عبد الرحيم كمال، العمل كان مستوحى من رائعة “دكتور فاوست” ونجح نجاحا كبيرًا، لم يكن هناك جريمة ولا لغز ولا أكشن ولا أي شيء من ريحة الفيلم الهندي أو الأمريكي، ومن قبله قدم الفخراني عشرات المسلسلات الاجتماعية الناجحة، والأن يعود في “بالحجم العائلي” ليقدم حدوتة بسيطة عن أسرة مفككة وأب يتمنى نهاية للمشوار في حضن أبنائه وأحفاده، تفاصيل إنسانية مبهجة ومبكية لا تختصرها فقط ابتسامة الفخراني الواسعة ولا بساطته المدهشة في رسم تفاصيل عمو نادر، وبدون أكشن أو ألغاز أجد نفسي متورطًا في انتظار الحلقة التالية، هو بلا شك تأثير الصنعة الحلوة والحدوتة التي تشبه أيامنا وحكاياتنا.
الواقع مليء بحواديت أكثر إدهاشا من خروج صبري نخنوخ و”رحيم” من السجن في نفس اليوم وكأنها قصة واحدة نراها مرتين على الشاشة وفي الحياة، وهذه حدوتة أخرى سنحكيها في وقتها..