حفل أسطورى، عائلة ملكية عريقة، قلعة وندسور التاريخية، عربة تجرها الخيول يلوح منها عروسان.
مشاهد اكتملت فيها تفاصيل القصص الخيالية؛ إنه زفاف الأمير هاري، حفيد الملكة اليزبيث ملكة انجلترا، والإبن الأصغر لأميرة القلوب الراحلة الأميرة ديانا والأمير تشارلز.
إلى هنا يبدو مشهدًا متكررًا في تاريخ العائلة المالكة، وذاكرة الملايين حول العالم،إلى هنا فقط.. لكن العروس وحدها قلبت كافة الموازين والأعراف الملكية، وجعلت من هذا الزفاف قصة تروى، العروس؛ الممثلة الأمريكية ميجان ماركل، ذات الأصول الإفريقية، ليس هذا فحسب، فهى تكبر الامير هاري بثلاثة أعوام.
نرشح لك.. أحمد عبد الصمد يكتب: مهمة خاصة.. من لغة الضاد إلى “الفرانكو”
تابعت الزفاف الملكى عبر الشاشة كالملايين، تمنيت حقا أن اقوم بتغطية هذا الحدث لكن بعيون ورؤية شاب مصري، رأى تقاليد الملكية تبدد. تخيلت لحظة أن أعلن هاري أمام عائلته رغبته الارتباط بميجان ؛ كيف رمقته جدته الملكة بنظرات الغضب، كيف تحدث والده عن عرش المملكة وهو الخامس فى طابور الأمراء، كيف انهالت عليه اللعنات والسخط من أفراد عائلته مذكرينه بتقاليد العائلة وجوازة بنت خالته وأبن عمته، لكنه انتصر للحب.
لنتخيل ذات المشهد في مصر، عائلات لا تمت للملوك او الأمراء بصلة، تتحدث عن النسب والحسب والمال والسلطة والنفوذ، مراحل تقييم واختبارات لاتنتهى كى تفوز بابنتهم أو إبنهم، وكأنه وريث سلطنة بروناى.
كيف سيكون حال أى أسرة مصرية – مهما كان مستواها الاجتماعي – إذا طلب ابنهم الزواج من فتاة مطلقة ؛ “انت عاوز تموتنا بحسرتنا عليك “.. ” لو اتجوزتها لانت ابنى ولا اعرفك “، وغيرها من جمل المسلسلات المشهورة.
أين تلك العائلات من قول رسول الله “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه “؟ لماذا لا ننتصر للحب وهو قوة كما قال القس الأمريكي كورى خلال الزفاف؛ ” توجد قوة في الحب “.
فى بلاد الأساطير الملكية، تمكن الحب من تحطيم القيود والتقاليد والطبقية ؛ أما فى بلادنا ، يذبح الحب حيا، وسط قناعات واهية يغرسها الأهالى فى أذهان أبنائهم وبناتهم عن الحياة المرفهة التى هم اولى بها، والعشرة كفيلة بكل شىء، تاركين أجيالا لا تعرف قيمة الحب اوالإصرار أوالكفاح.
دوق ساسكس، أدرك أن الحياة أقصر من ان تسجن فى القصور، وأن تاريخ عائلته الملكية الممتد على مدى مئات السنين لن يعوضه لحظة حزن إذا ما تخلى عن حبيبته، مهما قالت عنها الالسنة ومهما رأت فيها العيون، حقا فعلها هاري!