حسام عبد القادر يكتب: مبالغات الزعيم مع صاحبة الجلالة

رغم أن مهنة الصحافة من أكثر المهن التي تعرضت لها الدراما المصرية وتناولتها بأشكال مختلفة ومتعددة، إلا أن المبالغات سمة أساسية ومستمرة في تناول مهنة صاحبة الجلالة، فدائما ما أشعر كصحفي بالغربة وأنا أشاهد الأفلام والمسلسلات التي تتناول العمل الصحفي، ولا أجد أبدا تصور حقيقي لهذه المهنة ولطبيعتها، حتى وإن كان هناك قضية صحيحة تعرض في العمل الدرامي، إلا أن الأجواء المصاحبة دائما غير منطقية ومبالغ فيها.

لا أعرف لماذا يفعل كتاب الدراما هذا، رغم أن كثير منهم عمل بالصحافة أو حتى له أصدقاء صحفيين ويمكنه أن يطلع على خبايا المهنة وأسلوب العمل بها، حتى يمكنه أن يشعر المشاهد بمصداقية وهو يتناول أجواء العمل في هذه المهنة الرائعة.

وأحيانا يكون تأثير الدراما أقوى من الواقع، فأقابل دائما أصدقاء لا علاقة لهم بالعمل الصحفي من قريب أو بعيد، وكل معلوماتهم عن المهنة من الدراما، وأجدهم ينظرون لي دائما على أني بطل من أبطال المسلسلات والأفلام، فكثير يظنون أن تليفونات الوزراء وكل كبار المسئولين بالدولة مسجلة على هاتفي، وأخرون يظنون أن كل تحقيق صحفي جيد أنشره بترقية أو بعلاوة، وغيرها من التصورات الكثيرة التي تدهشني ولا أملك إلا أن أضحك ولا أعلق.

وبحكم حبي للمهنة، فلابد أن أتابع أي عمل يُعرض له علاقة بالصحافة، وهكذا كان اختياري لمسلسل “عوالم خفية” لزعيم الفنانين عادل إمام والذي يقوم فيه بدور صحفي شريف وصاحب مبادئ ويكافح الفساد، وله مقال “يكسر” الدنيا، ويحاول البحث عن قضية فساد من خلال مذكرات لفنانة توفت مقتولة وجدها مصادفة داخل كتاب.

نرشح لك : مواعيد عرض عوالم خفية لـ الزعيم #مسلسلات_رمضان_2018

وبعيدا عن سن عادل إمام الذي لا يصلح أبدا لهذا الدور، وعن صعوبة أدائه التمثيلي الآن، وتحركه البطيء، فالمسلسل ملئ بالمبالغات والمغالطات، بداية من البطل نفسه والمفروض أنه كاتب كبير سنا ومقاما، فلا أتصور مثلا كاتب مثل الأستاذ إبراهيم عيسى أو الأستاذ عادل حمودة، أن ينزل ويذهب لمصدر بنفسه، يبحث عن تفاصيل في قضية، ويظل منتظرا للمقابلة، فيمكن أن يكلف محرر صغير مثلا بالذهاب، ثم المفترض أن البطل الصحفي هنا وهو كاتب كبير ومشهور عندما يذهب لمكان يتعرف الناس عليه، على الأقل عندما يقدم نفسه.

بل إن هذا الكاتب الكبير يشعرنا أنه بدون علاقات، وبدون مصادر مفترض أنه اكتسبها على مدار سنوات عمله الطويلة في الصحافة، بل يعتمد على أبنه في معرفة المسئول عن الأدوية في وزارة الصحة.

وهل مثل هذا الكاتب الكبير يتولى تدريب شباب جدد، ويكون مسئولا عنهم؟ والأهم هل المتدربين الجدد لديهم رفاهية اختيار من يقوم بتدريبهم؟ مثلما اشترطت الفتاة الشابة على رئيس التحرير أن تتدرب تحت يد الكاتب الكبير.

وهل رئيس التحرير يكون بمثل هذا الفراغ، فكل وقته مع المحررة الشابة في حوارات عن الكاتب الكبير؟

هذا بالإضافة للمبالغة في شخصية رئيس التحرير نفسه والتي يقوم بها الفنان صلاح عبد الله، فهي شخصية هزلية، ولو المقصود الإضحاك فلا أظن أننا ضحكنا، والمفترض أنه رئيس تحرير جريدة معارضة، ولكنه يخشى من مناقشة قضية فساد، ويقول للكاتب الكبير “بلاش مشاكل ووجع دماغ”، ويهرب عندما يزور ضابط الأمن الوطني الكاتب الكبير في بيته في زيارة غير مبررة وغير منطقية.

نرشح لك : منتج “عوالم خفية”: سيكون رقم 1 في السباق الرمضاني

هذا بالإضافة لأخطاء كبيرة في سياق الأحداث، فيقول أسامة عباس لعادل إمام عندما ذهب له إلى الإسكندرية، أنها فرصة ليصيف هو وأبنته، والاثنان يلبسان ملابس شتوية ثقيلة، والمفترض أن هناك طلبة بالمسلسل يدرسون في المرحلة الثانوية وهما أحفاد عادل إمام! والمعروف لدينا أن الدراسة دائما في فصل الشتاء.

وعندما ضُرب عادل إمام على رأسه وهو يبحث عن أحد المتهمين في قضية فساد الأدوية في شقة مهجورة، قام من الضربة دون أي إصابة أو حتى خدش، وكأنه سوبر مان.

ورغم أني لم أر إلا خمس حلقات حتى الآن، إلا أن كل هذه الأخطاء والمغالطات تنذر بما هو قادم في الحلقات القادمة، ويبقى أن العمل يعتمد على نجومية عادل إمام فقط دون أي اهتمام بتفاصيل أخرى، إلا أن هذه النجومية فعلا لا تكفي مع الأسف.

نرشح لك : مواعيد 32 مسلسلًا في #رمضان_2018