إسلام وهبان يكتب: هوانم "ليالي أوجيني"

“يا روايح الزمن الجميل هفهفي.. وخدينا للماضي وسحره الخفي”.. هكذا كنت أشاهد الحلقات الأولى من مسلسل “ليالي أوجيني”، وفي الخلفية تدور في ذهني أغنية تتر مسلسل “هوانم جاردن سيتي”، بكل ما تحمله من دفئ وحنين للماضي الجميل.

المسلسل حتى الآن حقق نسب مشاهدات عالية نسبيا، خاصة أنه يغرد منفردا هذا الموسم بعيدا عن طابع العنف أو ما نطلق عليه “الآكشن”، الذي يغلب على المسلسلات التي تعرض خلال رمضان 2018، فيعكس لنا صورة الحياة في الأربعينات من القرن الماضي، ليأخذنا إلى عالم وتفاصيل اختفت بفعل البشر وقسوة الزمن.

نرشح لك: مواعيد عرض ليالي أوجيني #مسلسلات_رمضان_2018

نجاح المسلسل في جذب شريحة كبيرة من المشاهدين كان بسبب عدة عوامل تضافرت جميعها لتغزل ثوبا مبهرا لكل متذوق للفن.. أولها اغنية التتر التي أعتقد أنها ستعيش بعد عرض المسلسل وتكون أحدى التراكات المفضلة لدى الكثيرين، وذلك بفضل كلماتها التي كتبها الشاعر الغنائي أمير طعيمة، وغنتها نسمة محجوب بصوتها الذي يغرقك في بحر من الشجن، وألحان الرائع هشام نزيه.

نرشح لك: ليالي أوجيني.. كل العصافير في تترٍ واحد

العنصر الثاني هو الحوار البديع الذي كتبه كلا من سما عبد الخالق وإنجي القاسم، حيث تجد روحك تنسجم بشكل تلقائي لهذه الحقبة الزمنية ومفرداتها، ورغم أن المسلسل يميل إلى الكلاسيكية إلا أن سما وإنجي قدمتاه بشكل شيق يبتعد تماما عن الملل والرتابة، وبأسلوب سلس يجعلك تستمتع بكل جملة من جمل الحوار، فضلا عن احتوائه على قدر جيد من الاقتباسات والتي أظن أن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي سيتداولونها خلال الفترة القادمة.

نرشح لك: كيف ظهر أبطال “ليالي أوجيني” بمظهر أربعيني؟ ستايلست المسلسل تجيب

عوامل عدة أدت إلى تميز “ليالي أوجيني”، إلا أنني سأتناول في هذا المقال أبرز نجمات المسلسل أو ما أطلق عليهن “هوانم ليالي أوجيني”، واللآتي قدمن آداء متميزا سيجعل هذا العمل واحدا من أفضل الأعمال الدرامية الكلاسيكية المصرية إذا استمر بنفس المستوى.

أولى هوانم هذا العمل هي الفنانة أمينة خليل، والتي استطاعت أن تفاجئ الجمهور وكثير من النقاد، لبراعتها في تقديم دور من أهم أدوارها، ورغم مشاركتها بعدد من المسلسلات الكلاسيكية مثل “جراند أوتيل”، و”لا تطفئ الشمس”، إلا أنها لم تكن بنفس التألق الذي ظهرت به في “ليالي أوجيني”، وأظن أنها كانت في تحد كبير مع نفسها، واستطاعت أن تقدم صورة للفتاة “المغلوبة على أمرها” بآداء متميز وغير مفتعل، حيث تملكت خيوط الشخصية بإحكام ونجحت في جلب تعاطف المشاهدين معها.

نرشح لك: وجه الشبه الوحيد بين “ليالي أوجيني” و”جراند أوتيل”

أسماء أبو اليزيد أعطت للمسلسل روحا مختلفة، وبرهنت بشدة على أنها “معجونة بالفن”، فلم يكن نجاحها في “هذا المساء” العام الماضي مجرد صدفة أو لحظة توهج عابرة، يعقبها خفوت وانطفاء مثلما يحدث مع عدد من الممثلين في بداية مشوارهم الفني، لكنها استطاعت أن تستغل هذا النجاح ليكون الشرارة الأولى التي تنبئ بثورة فنية وطاقة إبداعية هائلة لا يمكن التغاضي عنها، فظهرت في “ليالي أوجيني” كفراشة تتنقل بين مواهبها التمثيلية والغنائية بكل خفة ورشاقة، وبآداء ينم عن تركيز ومهارة شديدة في استخدام لغة الجسد وتعبيرات الوجه.

أما صاحبة الإطلالة الأكثر بريقا فكانت إنجي المقدم، والتي تثبت في كل عمل تشارك فيه أنها “جاية تمثل مش جاية تهزر”، واعتقد أن أفضل قرار اتخذته “المقدم” هو تركها لتقديم البرامج ودخولها عالم التمثيل، فذكاء “المقدم” يجعلها دائما تتعامل مع المشاهد باحترام وتقدير لعقله وقدرته على النقد والتركيز في أدق التفاصيل، لذا تحاول باستمرار إصقال موهبتها وخدمة الدور الذي تقدمه، مثلما فعلت مع دور “صوفيا” وإتقانها للإيطالية بشكل مدهش، وتألقها في آداء دورها برشاقة.

نرشح لك: أصعب ما واجهه ظافر العابدين في “ليالي أوجيني”

عودة الفنانات المعتزلات للساحة الفنية من جديد ظاهرة أصبحت من سمات هذا الوسط مؤخرا، ورغم اعتيادنا على أن تكون العودة مصاحبة لآداء هزيل وكثير من الانتقاد، إلا أن عودة الفنانة الاستعراضية نادين كان له شأن آخر، فبالرغم من خروجها واعتزالها التمثيل في عز تألقها لظروف عائلية إلا أنها عادت وسط حفاوة واحتفاء كبير من وسائل الإعلام، لتقدم دورا رائعا في “ليالي أوجيني”، وتؤكد أن سنوات الغياب لم تؤثر على موهبتها التمثيلية أو الاستعراضية، وتلفت إعجاب الكثير من المشاهدين والنقاد خلال الحلقات الأولى من المسلسل.

نرشح لك: “ليالي أوجيني” يُعيد نادين بعد اعتزال 17 عامًا

كارمن بصيبص أيضا من هوانم هذا العمل، واستطاعت بهدوء وسلاسة -رغم صغر سنها- أن تتسلل إلى قلب المشاهد وتقدم دورا مميزا، مليء بالتفاصيل والتعقيدات، وليس هذا بغريب عليها، فقد لفتت انتباه النقاد منذ أول أعمالها ومشاركتها في مسلسل “الجامعة”، وما تلاها من أعمال تنم عن موهبة لبنانية غير تقليدية.

يقول المثل الشعبي “كل تأخيرة وفيها خيرة” وأعتقد أن هذا المثل ينطبق على الفنانة القديرة ليلى عز العرب، والتي تأخر ظهورها -رغم مشاركاتها في عدد من الأعمال بأدوار صغيرة- حتى قدمت دور والدة أحمد حلمي في فيلم “ألف مبروك”، ليكون انطلاقتها الحقيقية، لتقدم بعدها أدوارا متميزة، أحدثها دور والدة مراد مكرم في “ليالي أوجيني”، وتنجح في آداء دور الأم المتسلطة بشكل جيد، وبأسلوب ممتع اعتاد عليه جمهورها.

ولأنه من المعروف أن لكل عمل أبطالا خلف الكواليس، فهناك واحدة من “هوانم ليالي أوجيني” لم تظهر أمام الشاشات لكن أثرها كان واضحا ومؤثرا للغاية، وأعتبره واحدا من عوامل تألق المسلسل، وهي مصممة الأزياء ياسمين القاضي، والتي استطاعت أن تعكس صورة حية لنمط الحياة في حقبة الاربعينات، بملابس وألوان غاية في الروعة والبهجة، واستطاعت أن تداعب عيون المشاهد وتخاطب وجدانه، وليست هذه هي المرة الأولى التي تتألق فيها القاضي، فقد تألقت أيضا العام الماضي في تصميم أزياء “لا تطفئ الشمس”، ومن قبل مسلسل “جراند أوتيل”.

نرشح لك: سيناريست “ليالي أوجيني”: لا تشاهدوا المسلسل على هذه القناة

“ليالي أوجيني” واحد من الأعمال الدرامية المميزة ذلك الموسم، واستطاع أن يعود بنا إلى زمن الفن الجميل..