كم هى معقدة تلك العلاقة التى تربط المصريين بالفرحة، حلم المصريين طويلاً بالوصول لكأس العالم، سنوات عجاف كثيرة كان الوصول لكأس العالم هو الحلم الأكبر للمصريين حتى ظهر بطل أحلامنا جميعاً محمد صلاح، ظهر هذا الفرعون الصغير كبطل لامع، وابن بار لوطنه، صار ابن الريف المصرى أيقونة للنجاح والفرحة، اقترن اسم أبو مكة بكل ما هو جميل وسعيد، كان كل رجل فى شتى أنحاء مصر ينظر لمحمد صلاح من الشاشات بفخر وكأنه ينظر إلى ابنه أو أخوه، عادت الشوارع مرة أخرى تزدحم بمشاهدى كرة القدم، ما إن تسمع صيحات الفرحة وأنت فى طريقك إلى أى مكان حتى تجزم أنه هدف لمحمد صلاح.
نرشح لك: شاهد: لحظة خروج صلاح باكيًا من نهائي أبطال أوروبا
ببساطة صار محمد صلاح جزء أصيل وأساسى فى حياة كل مصرى بلا مبالغة، صورته فى كل مكان وفى كل قلب ، قدم القدوة والمثل لشباب فهموا أنهم يستطيعون هم الآخرين تحقيق المستحيل، صار محمد صلاح حالة فى الجو يتنسمها الجميع ، وانشغلت فئة مصرية أصيلة أخرى بحساب مرتبات وبدلات وحوافز محمد صلاح فى الشهر والأسبوع والدقيقة والثانية، ويبدو أن هذه الفئة هى التى حسمت المعادلة.
كنت وغيرى متأكدين أن هذه الفرحة لن تمر مرور الكرام، فنحن شعب أدمن الحزن، كنت متأكد أن القدر لن يدعنا نبتسم كثيراً حتى كانت الليلة التى كُتبت فيها هذه السطور، ففى نهائى دورى أبطال أوربا الذى جمع بين ريال مدريد وليفربول، تحققت النبوءة المشؤومة وأصيب أبو مكة، خُلع كتفه فخلع معه قلوب مائة مليون مصرى ، لن أبالغ لو قلت أن أصوات ملايين الشهقات ارتفعت فى آن واحد، وطارت أفكار الجميع إلى روسيا، فمن لنا هناك، فقد علق الملايين أمانة اللعب فى كأس العالم بين قدمى صلاح، وهل سيجلس صلاح فى المدرجات يشاهد باكياً إنجازاً قد صنعه وحرمه الغل الكروى المتمثل فى جريمة راموس منه، ألم يكن راموس هذا الذى صرح منذ أيام بأن صلاح لا يمكن أن يقارن بنجوم ريال مدريد ، أيشك أحداً أن ما قام به ذلك القذر كان مع سبق الإصرار والترصد، هى إصابة أهدت إلى ريال مدريد كأس أبطال أوربا وحرمتهم من كل محب مصرى لهم، أتصور أن ريال مدريد لن تتجاوز شعبيته بعد ذلك فريق مكابى تل أبيب، لقد شعرت اليوم أن كل مصرى صار بينه وبين راموس هذا وريال مدريد بأكملها ثأر شخصى.
المؤلم فى الأمر أن ملايين المصريين الذين حلموا بالوصول إلى كأس العالم ستكون فرحتهم باردة ببرودة طقس روسيا، لن يستطيع أحد التشجيع بحماس حقيقى فى حالة عدم مشاركة محمد صلاح، أى كأس عالم هذا الذى لن أشاهد فيه محمد صلاح، أى حظ عثر هذا ، أى نبوءة مشؤومة هذه الذى تأكد وتنبأ بها الجميع.
أنا واثق أن دعوات ملايين المصريين اليوم ستذهب إلى مو صلاح، وملايين اللعنات ستُصب على راموس وفريقه، ستتحول دعوات الجميع إلى ابنهم البار ليعود سريعاً ويرفع رؤوسهم مرة أخرى، سيترقب الجميع عودة أبو مكة منتصراً متألقاً كبيراً ليهدى لنا الفرحة كما تعود دائماً.
أوجعتنا يا أبو مكة بقدر ما أسعدتنا، وإذا كان عليك أن تسعدنا مرة أخرى فلتعد سريعاً فوجع خلع الكتف لا يقارن بوجع خلع القلب.. قلب كل مصرى.