محمد حسن الصيفي
هناك رواية منتشرة تقول أن عدوية الأب سمع عدوية الابن “يدندن” خلسة أو على وجه الدقة “يليل” “يا ليلي يا ليل” التي اشتهر بها فيما بعد، فأُعجب به بشدة ورأى فيه فنانًا حقيقيًا.. لينطلق بعدها في رحلة متعرجة نحو الشهرة والنجومية، تقلب فيها بين الظهور والاختفاء، والنجاح والإخفاق.
نرشح لك – مراحل تطور شريف إدريس من رأفت الهجان لـ نسر الصعيد
من بين مشوار طويل لمحمد عدوية بدء منذ التسعينات وامتد حتى الآن تظهر سمات لفنان مرهف الحس .. عنيد .. لديه إرادة عارمة لتنفيذ ما يراه، يحب الحرية والانطلاق وتقديم المنتج الذي يرضاه لنفسه ولجمهوره.
فعدوية الصغير انسلخ تمامًا من عباءة أبيه الذي تربع على عرش الغناء الشعبي لسنوات طويلة وبجدارة، رفض الاعتماد على والده في الوصول، رفض السير على نفس الخطوات والغناء بنفس اللهجة، اختار طريقًا شاقًا يتحمل نفقاته بهدوء وصبر.
ماستر سين
حين يذكر اسم محمد عدويّة، سيقفز إلى ذهنك عديد الكلمات، جوجل الذي برأسك سيخرج لك كلمات مثل المولد، كم سؤال، سيبي روحك، سابتني، دي اللي خدتني مني، أغاني المسلسلات: حواري بوخارست، طرف تالت، المواطن إكس، مدرسة الحياة، وأخيرًا في تعديلات أدوات جوجل عقلك ستجد البحث طبقًا لآخر أسبوع “أنت تقدر”، الإعلان الذي قام بغناءه مع محمود العسيلي.
zoom و stop
وعدويّة الإبن الذي له نبرة صوت من الصعب أن تتكرر، من الصعب أيضًا أن تنساها أو تختلط عليك بنبرة أخرى تشبهها، يملك مساحة من الشجن مخيفة، تأسرك، وتدخلك في دوامة الحزن الجميل، فتعيد سماعه مرة تلو الأخري، وأنت تحبه وتصدقه ليس فقط لكونه صاحب موهبة طاغية، ولكن لأنه يشعر بشدة بما يقول، ربما يختزل كل عثرات الطريق في كلمة “يا ليل” أو في كوبليه “سامحني يا آبا، أنا وسط غابة والعشق ممنوع ع الغلابة، رغم كل هذا استوقفني أنه يُصر على الأمل رغم حالة “التليل” الطويل الذي يعيشه في رحلته الصعبة في الغناء.
ففي عام 2010 غنّى “تاكي” عضو فريق إم تي إم “مدرسة الحياة” وشاركه فيها عدوية، ونجحت نجاحًا كبيرًا، حملت مقومات التحفيز والأمل قبل سنوات من انتشار نغمة السخرية وتصنيف بعض الأغنيات بـ “أغاني التنمية البشرية”.
وكانت “وش السعد” فأصدر ألبومه الشهير”المولد” بعدها بعامٍ واحد في 2011 والذي يعد أشهر وأنجح ألبوماته على الإطلاق وضمها إليه كأيقونة نجحت واستحقت أن تتربع وسط مجموعة أغنيات رائعة رغم أنها أغنية أغلبها لصالح “تاكي” بإيقاع الراب الغربي المختلف عن لون عدوية الشرقي الأصيل.
أما الآن في 2018 يعود مرة أخرى لكن هذه المرة رفقة محمود العسيلي بأغنية “أنت تقدر” التي جاءت كإعلان لبنك مصر في رمضان الحالي وتخطت حتى الآن حدود الثمانية ملايين مشاهدة، الأغنية تحفيزية بالدرجة الأولى، وتتحدث عن الأمل والقدرة على العودة للطريق مهما كانت الصعوبات، ساعدها حالة “عطش” جماهيري للأمل وطوق النجاة وهم جالسين على موائد الإطار يشاهدون الإعلان، كما ساعدها أيضًا إخراج وتصوير جيد إلى حد بعيد وألوان مبهجة وتأثيرات ساهمت بالإيجاب في ثبات الأغنية في ذهن المشاهد رغم كونها لاتزيد على 90 ثانية، إلى جانب أن العسيلي هو الآخر صاحب بصمة صوت فريدة لا تتكرر.
يتبقى عاملاً هامًا زاد الأغنية نجاحًا ولعب فيه القدر دورًا كبيرًا، فجاءت إصابة النجم المصري محمد صلاح بالأمس في نهائي دوري الأبطال في صالح الأغنية، حيث كانت الأقرب للتعبير عن الموقف، فقام العشرات من الشباب بتحويلها إلى فيديوهات مختلفة بلقطات للنجم المصري المتألق ومشواره الرائع منذ البداية من باب التفاؤل والقدرة على العودة سريعًا والتماثل للشفاء وأنه دائمًا ما يستطيع التغلب على كل العثرات التي تواجهه.
هل قصد عدوية هذا التوجه؟
رغم أنه هذه المرة أصدر ألبومه “سكوت خلاص” قبل هذه الأغنية وهو الذي لم يحظى بردود فعل واسعة حتى الآن.، فهل قصد أن يبحث في دفاتره عن أغنية “للصحصحة” الفنية مرة أخرى؟، هل يعطي عدوية الأمل لنفسه أولاً بتلك الأغنية قبل أن يعطيه لمحبيه طبقًا للجملة التي تقول “أنت تفكر وتكتب عن الأشياء التي تحتاجها؟، ربما نعم، وربما لا والصدفة هي التي رتبت كل شئ، لكن ما أعرفه جيدًا أن عدوية بكلمات قليلة ومشاركات متقطعة ينجح ويظل صوته يتردد في الخلفيّة كصوت عظيم لم يجد حتى الآن الطريق الأمثل للوصول إلى القمة أو بمعنى أدق “الثبات” عليها، فهل يفعلها عدوية هذه المرة ؟ يستطيع، أو بمعنى أصح “أنت تقدر”.