أربعة أيام فقط كانت الفاصل الزمني بين مباراة أوغندا ومصر في كمبالا في الجولة الثالثة من المجموعة الخامسة للتصفيات الإفريقية لكأس العالم وبين مواجهة نفس المنتخبين على ملعب برج العرب بالإسكندرية في الجولة الرابعة بالمجموعة .
ودون شك كان الفاصل الزمني القصير جداً هو السبب المباشر في عدم إقالة كوبر بعد الخسارة بهدف للاشئ أمام أوغندا وهي الخسارة التي فتحت أبواب الجحيم على المدرب الأرجنتيني وأصبحت سهام النقد توجه إليه من كل حدب وصوب وأصبح تحديد اسم المدرب القادم لمنتخب مصر بعد إقالة كوبر هو الشغل الشاغل لعدد كبير من مقدمي البرامج الرياضية وبدأنا نسمع عبارات مثل “لن تصل مصر إلى كأس العالم إلا تحت القيادة الفنية لحسام البدري”، “حسام البدري ناجح جداً مع الأهلي فلماذا لا يدرب المنتخب؟”، والغريب أن هذه الانتقادات كانت تأتي من بعض أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة المصري وهو الأمر الذي أثار استياء “كوبر” الذي انشغل بالتحضير لمباراة أوغندا على ملعب برج العرب وهو يعلم أن الفوز فقط سيكون بمثابة طوق النجاة لمستقبله مع منتخب مصر.
قبل انطلاق مباراة مصر وأوغندا بأربع ساعات انتهت مباراة الكونغو وغانا في نفس المجموعة بفوز كاسح لمنتخب غانا خارج أرضه بخمسة أهداف لهدف بعد مباراة قدم فيها البلاك ستارز أفضل عروضهم في هذه التصفيات وأذكر – كنت معلقاً على هذا اللقاء – التألق اللافت لتوماس بارتي نجم وسط أتلتيكو مدريد وتسجيله هاتريك في هذا اللقاء ليرفع منتخب غانا رصيده إلى 5 نقاط ويستعيد بصيصاً من الأمل في إمكانية المنافسة على بطاقة التأهل عن هذه المجموعة
أجرى كوبر تغيريين في التشكيلة التي خاضت لقاء كمبالا فدفع برمضان صبحي بدلاَ من تريزيجيه، وعمرو جمال بدلاً من كهربا، وسريعًا جدًا نجح منتخب مصر في إحراز هدف التقدم عن طريق نجمه محمد صلاح في الدقيقة السادسة ليتوقع الجميع حفلة تهديفية مصرية في الشباك الأوغندية، ولكن لأسباب عديدة لم يتحقق ذلك، أهمها: رغبة لاعبي منتخب مصر في المحافظة على الهدف، وتوتر أعصابهم خوفاً من ضياع حلم التأهل للمونديال، فضلاً عن تألق الحارس الأوغندي إنيانجو لتنتهي المباراة بهذا الهدف الوحيد، الذي كان أول هدف يغزو الشباك الأوغندية في هذه المجموعة ولكنه كان كفيلاً باستعادة منتخب الفراعنة لصدارة المجموعة التي أصبح ترتيبها كالتالي بعد الجولة الرابعة: “مصر 9 نقاط – أوغندا 7 نقاط – غانا 5 نقاط – الكونغو نقطة واحدة”، وبات الجميع في انتظار مباراتي الجولة الخامسة على أحر من الجمر.
نرشح لك: محمد فوزي يكتب: نوستالجيا المونديال (17).. خبطتين في الرأس توجع
32 يومًا كانوا الفاصل الزمني بين مباراتي الجولة الرابعة والجولة الخامسة مروا على المصريين وكأنهم 32 عامًا، فقد كان حلم التأهل للمونديال يداعب الجميع، وإن كان هذا لم يمنع من توجيه الانتقادات لكوبر، والاعتراض على أسلوبه الدفاعي المبالغ فيه من وجهة نظر البعض، وسارت الأمور في الجولة الخامسة كما تمناها المصريون، ففي السابع من أكتوبر لعام 2017 تعادل منتخبي أوغندا وغانا سلبياً، وهي النتيجة التي كان يتمناها كل المصريين لأنها كانت تعني شيئاً واحداً وهو أن الفوز على منتخب الكونغو في برج العرب في اليوم التالي يطير بالفراعنة إلى كأس العالم بعد طول غيابـ وقبل الخوض في تفاصيل مباراة مصر والكونغو لا بد أن نشير إلى أن مباراة أوغندا وغانا شهدت ظلم تحكيمي واضح لمنتخب غانا الذي سجل هدفاً صحيحاً تم إلغائه بسبب تسلل غير موجود وكذلك تم التغاضي عن احتساب ضربة جزاء واضحة تماماً للبلاك ستارز.
ولكن هذا الظلم التحكيمي لم يغير من الأمر شيئاً لأنه حتى في حالة فوز منتخب غانا على أوغندا كان أيضاً فوز منتخب مصر في اليوم التالي على منتخب الكونغو كفيلاً بالإعلان عن تواجد مصر في المونديال الروسي رسمياً.
قبل مباراة مصر والكونغو بثلاثة أيام وفي تصرفٍ غريبٍ تمامَا من المسئولين عن المنتخب المصري تحول فندق إقامة المنتخب المصري إلى ما يشبه سوق عكاظ المزدحم بالزوار والباحثين عن صورة أو لقطة تليفزيونية مع نجوم المنتخب، فرأينا كل فئات الشعب المصري تقريباً في الفندق من إعلاميين وفنانيين ومسئوليين وباحثين عن الشهرة وجمهور عادي عاشق لمنتخب بلاده، وشخصياً كنت أتابع اللقطات الواردة من المعسكر بحثاً عن بعض أصدقاء الدراسة ووجدت بعضهم بالفعل!!!
وازدادت الأمور سوءاً بعد تعادل منتخبي أوغندا وغانا حيث أصبح لاعبو المنتخب يتلقون التهاني من الجميع علانية على التأهل لكأس العالم وكأن مباراة الكونغو التي ستقام في اليوم التالي انتهت بالفعل.
ولأول مرة أشعر وقتها أن الأمور خرجت عن السيطرة في معسكر المنتخب في عهد كوبر الذي كان سلبياً للغاية أمام كل هذه التجاوزات في معسكر المنتخب قبل مباراة الكونغو المصيرية.
وأخيراً ظهرت شمس يوم الأحد الثامن من أكتوبر لعام 2017 وهو اليوم الذي انتظره المصريون لمدة 28 عامًا اليوم الذي شهد الإعلان الرسمي عن تأهل منتخب مصر للمونديال الروسي، بعد الفوز على منتخب الكونغو بهدفين لهدفٍ، بعد ملحمة تاريخية لن تمحى من ذاكرة الكرة المصرية، كان بطلها بلا شك ابن نجريج محمد صلاح.
وضع كوبر التشكيل الأساسي لمباراة الكونغو بناء على طلب الجمهور والنقاد وذلك لأول مرة في مسيرته التدريبية مع منتخب مصر فأشرك أحمد حسن كوكا كمهاجم صريح – متخلياً عن فكرة المهاجم الوهمي التي كان يطبقها – وصالح جمعة بدلاً من المصاب عبد الله السعيد وكذلك أشرك رمضان صبحي بدلًا من تريزيجيه الذي بدأ اللقاء على مقاعد البدلاء.
وبعد معاناة بسبب توتر أعصاب لاعبي منتخب مصر والضغط الجماهيري الكبير عليهم وافتقادهم للتركيز بسبب أجواء المعسكر قبل المباراة السابق الإشارة إليها تمكن محمد صلاح من إحراز هدف التقدم في الدقيقة 63 لتنطلق الفرحة في كل شبر من أرض المحروسة وكان من الطبيعي أن تزداد ثقة لاعبى منتخب مصر في أنفسهم بعد الهدف ولكن ما حدث هو العكس تماماً، حيث ازداد ارتباكهم وقلقهم مما سمح للاعبي منتخب الكونغو بتهديد مرمى الحارس عصام الحضري، حتى نجحوا في إدراك التعادل في الدقيقة 88 ليتوقف نبض المصريين لمدة 5 ثواني تقريباً، ولكنها كانت كفيلة باسترجاع ذكريات سنوات وسنوات من الإخفاق في التأهل لكأس العالم.
ولكن الثنائي تريزيجيه – شارك بديلاً لرمضان صبحي في الشوط الثاني – ومحمد صلاح تمكنا من لعب دور البطولة في الوقت بدل الضائع فالأول نجح في الاختراق والتوغل في عمق دفاعات منتخب الكونغو حتى احتسبت له ضربة جزاء صحيحة، والثاني استجمع كل ما لديه من ثقة ورباطة جأش وسددها بنجاح داخل الشباك في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع معلنا عن تواجد منتخب مصر في كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخه والظهور في المحفل العالمي بعد غياب 28 عامًا.
وأظن مفيش حاجة أفضل من كدة ننهي بيها مقال النهاردة وأقابلكم في مقال جديد غداً بإذن الله .