رباب طلعت
في محاولة جديدة للسيناريست مريم نعوم، بإحياء الشخصيات القاطنة بين أغلفة الروايات، خاضت السباق الرمضاني الذي يُشرف على الانتهاء بـ”أبو عمر المصري”، للفنان أحمد عز، المسلسل المأخوذ عن ثنائية “مقتل فخر الدين”، و”أبو عمر المصري”، للكاتب عز الدين شكري فشير، بالاشتراك في الكتابة مع محمد المصري، والتي نجحت من خلاله أن تنصب نفسها بطلة للعمل حيث تسللت كلماتها لتصنع الفارق الأبرز في المسلسل وهو الحوار.
نرشح لك : مخرج “أبو عمر المصري” يرد على خطأ الحلقة العاشرة
اختلاف “طعم” السيناريو ليس جديدًا على مريم نعوم، فطالما كانت أعمالها لها طابعًا حواريًا مميزًا، سطع نجمها تحديدًا بعدما قدمت “ذات” ونجحت في رسم الشخصيات والمشاعر ببراعة نادرة، أخرجت “أبو عمر المصري”، وساهمت في نجاحه بشكلٍ كبير للأسباب التالية:
(1)
لا يختلف أحدٌ على أن أداء الفنان هو الركيزة الأولى والأساسية لنجاحه، ولكن سيناريو “نعوم” في المسلسل ساهم في كشف الغطاء عن مواهبٍ دفينة، صنعت نجومية من نوعٍ خاص لأصحاب الأدوار الثانية والثالثة، الذين أصبحوا جميعًا أبطال المسلسل، لا أحمد عز فقط، ففي المشاهد القليلة التي ظهر فيها فتحي عبد الوهاب، ومحمد سلام، وعارفة عبد الرسول، والمغربية نادية كوندا، على سبيل الذكر وليس الحصر، كان ظهورًا مؤثرًا، ليس لأدائهم المتقن وحسب، بل أيضًا لقوة “الحوار”، الذين نجحوا في تجسيده بشكلٍ احترافي استحقوا عليه الإشادة الجماهيرية، حتى إن البعض وصفوا “عبدالوهاب” بأن 2018 عام ولادته من جديد، بالإضافة إلى أنه بالفعل عام ميلاد الطفل معتز هشام، الذي تناسبت قوة وعنف جمله مع نشأته وسط “المتطرفين”.
الخالة مريم وابتلائها 🙁 #مقتل_عيسى #ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Wednesday, May 23, 2018
مواجهة وظهور جديد مشترك عز VS. فتحي عبد الوهاب المقطع الشهير 😀
مواجهة وظهور جديد مشترك عز VS. فتحي عبد الوهابالمقطع الشهير 😀
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Tuesday, May 22, 2018
محدش بيحب واحدة اسمها سلوى 😂#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Monday, May 21, 2018
فراق فخر الدين لكنزة 😓#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Monday, May 28, 2018
عشان انا لو مت دلوقتي مش هتعرف انت جيت ازاي.#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Thursday, May 24, 2018
(2)
كلمات مريم نعوم، “اللي بتيجي على الجرح”، بقوة اختيارها للألفاظ، المتناسبة تمامًا مع انفعالات الموقف، جعلت الأحداث أكثر “حلاوة” في اللحظات الرومانسية التي تربط بين شيرين وفخر، أو فخر وخالته، وأكثر “مرارة” معهم أيضًا ومع الآخرين، في اللحظات الصعبة، كما أنها كانت كافية للتعبير عن شر “سمير العبد” وحب “ناصر” لـ”فخر”، وجرح “كنزا” بسببه، وألم “الخالة مريم” لمقتل ولدها، ومواجهة “فخر”، و”أدهم” بعد وفاة “شيرين”، وحتى المشاهد “الكوميدية” التي يخلقها “فخر” مع من حوله، ومرافعته في المحكمة، وغيرها من المشاهد التي برعت فيها “نعوم” بـ”الرسم بالكلمات”.
لو على الشغل يتعوض، بس البنت الحلوة الي انت بتحبها متتعوضش.#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Friday, May 18, 2018
شرين وفخر بعد الي حصل والاحساس بالندم!#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Monday, May 28, 2018
رجوع فخر لمصر مره تانية ورجوعه لخالته <3#ابو_عمر_المصري
Posted by أبو عمر المصري – Abou Omar El Masry on Friday, June 1, 2018
(3)
ولأن الكتابة ليست كلمات فقط، بل على الأكثر هي مزيج من المشاعر والشخصيات والمواقف، و”الكلاكيع” البشرية التي لا يفهمها الكثيرون، ففي أحداث المسلسل، لا أحد ملاك ولا شيطان، بل الكل إنسان، يصيب ويخطئ، فـ”فخر” المحامي الذي رفض خيانة الفقراء، ظلم في نفس الموقف شيرين، وتحول لخائن معها، وأصبح الضحية “أدهم” زوجها، الذي تحول خلال الأحداث من محب صادق لها، إلى زوج كسير يفكر بالانتقام وقتل طفل، و”حسين” الفتى الصعيدي الذي لا تساعده الكلمات على التعبير عن نفسه أصبح محاميًا عن “المتطرفين” الذي ينجر فخر لطريقهم، ليس فقط بعمله معهم بل بتبرير عمل “حسين” ورده عليه بأن هناك حق يؤخذ بالنار، ولعل ذلك بسبب التراكمات الشديدة لـ”الظلم”، وفي كل تلك الحالات، نجح السيناريو في نقل تحولات الشخصيات، وما تكنه من مشاعر وغيرها بحسب المواقف، بشكل موفق.
(4)
رسم الشخصيات هي لعبة مريم نعوم منذ البداية، وقد برعت فيها في “أبو عمر المصري”، فعارفة عبد الرسول “الخالة مريم” التي لا يمكن حصر ظهورها في مشهدٍ واحد، فلكل “طلة” لها تأثيرٍ مختلف، جسدتها “نعوم” كصوت “الروح التي لا دنس فيها” بالنسبة لـ”فخر”، و”ناصر” ليس مجرد صديق فهو صوت “العقل” له، و”شيرين” هي ضحية “أنانيته”، الحبيبة التي خذلها الحب، ولم تتحمل خذلانها لزوجها وابنتها فاختارت الموت، أما “سمير أبو العبد” فهو صوت “الشيطان” الهادئ المتمكن الدقيق في اختيار ألفاظه وتعليقاته، فالشر لا يحتاج لصوتٍ عالٍ أو كلماتٍ رنانة، و”أدهم” الحبيب المكسور الذي خانته زوجته، و”حسين” الصديق الوصولي الذي تبرر عنده الغاية الوسيلة، و”كنزا” الفتاة المقبلة على الحياة ويجرحها الحب، وعم فخر الفنان أحمد بدير الطيب والعنيد المتكبر باسم الحفاظ على أملاك العائلة، وأخيرًا في ظهوره الأخير صبري فواز “الشيخ” الذي يُخبئ وراء لحيته الكثير من الأسرار.
(5)
رسائل “فخر” و”ناصر”، وأحلام الخالة “مريم”، كان لها طابعًا خاصًا في أحداث المسلسل، فالأولى كانت بمثابة “الحضن المعنوي” لفخر، والثانية كانت المحذر والمنذر، وكلاهما كانا قطعة أدبية عظيمة، فمثلًا “مريم” تروي لـ”فخر” نبوءة مقتل ابنها بطريقة “الحكائين”، قائلة: “شفت البحر والمركب والبر اللي مش باين، كنت فكراك أنت المراكبي اللي مغمي عنيه، بس لما قربت مكنتش أنت يا فخر كان عيسى، هو اللي ماسك الدفة ومتعصب بشال لون الدم”، أما عيسى فاستطاع بمجرد رسالة دون تمثيل وصف حالته لـ”ناصر” وللمشاهدين: “عزيزي ناصر، بقالي أسابيع بحاول أكتبلك، كل يوم أمسك القلم وأفضل باصص في الورقة، وملاقيش حاجة أقولهالك ممكن تطمنك، يمكن الخبر الوحيد الكويس إني لسة عايش وبتنفس، حزن ووحدة، وبردان، كل حاجة هنا باردة الجو والناس، مفيش حاجة بتدفي، والحمل على ضهري يا ناصر مش عارف أوديه فين…”.