علا بركات
نجح مسلسل “طايع”، من بطولة عمرو يوسف، وإخراج عمرو سلامة، وسيناريو الأشقاء دياب، منذ بداية حلقاته في جذب اهتمام الجمهور بصورة أكبر من مسلسلات أخرى تجمع أبطالًا يراهن صناع الدراما عليهم منذ سنوات، وذلك لعدة أسباب، يحللها “إعلام دوت أورج” فيما يلي:
1- كسر تكرار البطل في مسلسلات كل عام، والذي تسبب في نوعٍ من التُخمة لدى المشاهد، الذي تعود أن يرى ممثلين معينين سنويًا، فلم يعد يشعر بأن لديهم الجديد الذي يمكن أن يضيفوه لأي دورٍ نظرًا لأنهم بالفعل أدوها جميعًا.
2- براعة الممثلين الذين تم اختيارهم بعناية بالغة لدرجة أبهرتنا جميعًا: عمرو يوسف: شاهدناه رومانسيًا خائفًا حائرًا بين حبيبته وأسرته وثأر أبيه، وصبا مبارك: جسدت دور الصعيدية دون أدنى مجهود ورغم عنادها الكبير ومكابرتها إلا أنها رومانسية جدًا مع حبيبها، أما عمرو عبد الجليل: القاتل الذي لا تستطيع أن تكرهه تماماً – دون أن تعرف لذلك سببًا مقنعًا – حتى بعد قتله لمهجة وجنينها، نسمة الامل الوحيدة في المسلسل فحتى قتله لمهجة كان بسبب مقتل ابنته الوحيدة أمام عينيه، رشدي الشامي: العمدة والد مهجة، الذي جسد – لدرجة أبكتنا – لهفة الأب على ابنته وخوفه عليها من كل ما حولها وخوفه حتى منها، وحبه الشديد لها، رغم عنادها ورغبته في حمايتها والتي وصلت إلى حد تنازله عن العمودية المتأصلة في أسرته أبًا عن جدٍ، رغم علمه بأن ذلك يمكن أن يقتله وزوجته، وأيضًا علي قاسم: أو ضاحي ابن حربي الذي لم يكن له دور يذكر حتى تزوج من أزهار أخت طايع، وتحول من مجرد ممثل إلى بطلٍ رومانسي يحب فتاه هي بالفعل زوجته لكنها لا تطيقه، يحبها لدرجة أنه اختار هو الزواج منها بدلا من أخيه، فطريقة تمثيله تجعلك تتعجب كيف أن الشخص الجامد الصلب القاتل عند اللزوم يحمل قلبًا يستطيع أن يحب بصدق، وهناك أحمد داش: أو فواز أخو طايع الأصغر، الذي كبر قبل أوانه وأصبح رجلًا بعد أن ضيعت أمه طفولته بفكرة الأخذ بثأر أبيه وصراعه بين أن يصبح رجلًا وأن يتمسك بطفوله لم يعشها انتهاءً بمشهد مقتله الذي أصاب المشاهدين بالذهول لقوته وصلابته أمام الموت، محمد علي: سراج بيه الضابط الذي أبهرنا بدوره غير التقليدي وأظهر فيه ان الضابط لديه قلب وعقل فوق القانون يمكنه ان يتعاطف مع مسجون ويدفعه إلى دائرة العنف التي رفضها من البداية ويحاول جاهدًا حمايته وأسرته، وأخيرًا سلوى محمد علي: والدة مهجة وزوجة العمده الحائرة بين عناد ابنتها وتقاليد الصعيد والثأر.
3- اللوكيشن أو مكان التصوير الطبيعي في الصعيد واستخدامه بحرفية كبيرة، وإظهار جمال الصعيد كطبيعة مع قسوة الأحداث والطباع التي يقدمها المسلسل، واستخدام اللقطات البعيدة جدًا للتركيز على جمال المدن الصعيدية المختلفة التي تنقل بينها المسلسل حتى محطات السيارات والميادين الكبرى بها، والأهم هو الخروج من مدينة الإنتاج الإعلامي والأماكن المكررة التي حفظناها.
4- مشاركة المرأة في كتابة المسلسل المتمثلة في شيرين دياب شقيقة محمد وخالد دياب مؤلفي المسلسل وهذا بالتأكيد أخرج أحداثًا وحوارات كثيرة على لسان بطلات المسلسل لم يكن من الممكن أن تخرج بهذه الدقة من الكتاب الرجال، مثل: مشاهد عناد مهجة مع أبيها طوال الوقت بينما تنفذ كلام طايع رغمًا عنها، ومشهد هروبها من إجراء عملية استئصال الرحم، وحيرة والدة مهجة بين إرضائها أو زوجها، وكذلك مشاهد خوف وكراهية أزهار أخت طايع لزوجها التي انقلبت إلى قبولٍ وحبٍ، وهذا بالطبع أثرى العمل جدًا.
5- صدمة المتابعين للعمل بموت أبطال ارتبطنا بيهم كما يحدث في الواقع تمامًا وكسر الصورة التقليدية بأن البطل لا يموت في المسلسل بينما في الحقيقة أن الموت يخطف أفضل من فينا ولا يفرق بين المرأة والطفل، أو الطيب والشرير.
6- لا نستطيع أبدًا أن ننسى وائل الفيشني الذي غنى تتر نهاية وبداية المسلسل كاسرًا احتكار المطربين التقليديين للتترات بكلمات جديدة وصوت أقرب إلى قسوة أحداث المسلسل، والصبر على القضاء الذي لا مفر منه، والموسيقى التصويرية في المسلسل عمومًا.
7- اللهجة الصعيدية المتدفقة بسلاسة والتي لا تعتمد على تطويل ومط الكلام فجعلت منها لهجة طبيعية مريحة للأذن.
8- المكياج الطبيعي جدًا الذي جعلنا نرى انفعالات الفنان أو الفنانة بدلًا من كمية الفاونديشن الرهيبة التي يضعها الممثلين عمومًا فتمحي ملامحهم وانفعالاتهم والاكتفاء بلمسة كحل غير مبالغ فيها بالنسبة للفنانات كما هو الحال في الطبيعة.
9- الديكور البسيط غير المبالغ فيه والأقرب للطبيعي الموجود عند معظم الشعب، والغريب أحيانًا خصوصًا في المغاره داخل الجبل مكان إقامة حربي وأولاده.
10- طريقة تصفيف شعر الممثلات الطبيعية التي نراها في كل منزل مصري وليس فقط في الصعيد، بعيدًا عن الشعر المفرود على الجانبين والمنتشر في كل المسلسلات الأخرى، منافيًا بذلك أبسط قواعد الطبيعة، حيث الصعيد المشهور بالحر الشديد لا يتناسب أبدًا مع الشعر المفرود على الكتفين.
11- الذقون والشوارب الطبيعية والشعر الملموم التي جعلت الممثلين ينسونها تمامًا ويركزون في إجادة التمثيل.
12- الملابس بالتأكيد، ليس فيها بهرجة تشد العين عن براعة التمثيل والإخراج والمشاهد.
13 – الحب والصداقة الواضحين بين أعضاء فريق العمل خصوصًا طايع ومهجة، لدرجة أن مشاهد الحب بينهما بما تحويه من حضن أو قبلة على جبينها، كانت بالنسبة لنا كمشاهدين طبيعية ومقبولة.
14 – الحوار الخالي من أية ألفاظ أو تلميحات أو شتائم، مثل مسلسلات أخرى، تعرض في نفس التوقيت، وتمتلئ بصافرات استبدلت بشتائم نابية.
15 – البعد عن التيمة المنتشرة في معظم مسلسلاتنا، وهي تعاطي المخدرات والملاهي الليلية وبنات الليل والراقصات.
16 – التجديد في أسلوب توضيح التنقيب عن الآثار حيث اكتشفنا أن فتحة بحجم بلاعة المجاري يمكن أن تكون بابًا لمقبرة ملكية ليس لها مثيل.
17 – تفسير وجود ما يسمى بـ”الدلال” أو الشخص الذي يستطيع الاستدلال علي مقبرة فرعونية دون سبب منطقي واضح، كان مبررًا قويا لاستمرار العمل الدرامي ناجحًا، ففي الوقت الذي تتصارع عدة أطراف على قتل طايع، كان حربي متمسكًا به لهذا السبب فقط.
18 – مفاجأة أن الثأر يمكن أن يصيب إمرأة في الصعيد ويتنافس الرجال على قتلها وينتظرون سنوات طويلة لتحقيق ذلك.
19 – استغلال أكثر من بطل وبطلة وتوزيع الأدوار بينهم ما أدخلهم في منافسة جميلة أفضل كثيرًا جدًا من البطل الأوحد، الذي تدور حوله كل الأحداث، بينما باقي الممثلين مجرد “سنيدة”.
20 – عدم قدرة المشاهدين على توقع أي أحداث قادمة خاصة بعد مقتل اثنين من أهم أبطال العمل.
كل هذا تحت قيادة عمرو سلامة المخرج الذي أمسك خيوط اللعبة كلها بيد من حرير فجعلنا جميعا نعشق كل كادر في المسلسل، فهو حالة جميلة موجعة لقلوب مشاهديه وغير متوقع تمامًا.