طارق الشناوي
نقلا عن المصري اليوم
أترك جانبا حديث شهيرة عن الخزعبلات وفك السحر الذى صنعته لها فنانة منافسة منذ 30 عاما، وأدى إلى أن أى مكياج خفيف تضعه على وجهها يصيبها بحساسية، تحير الأطباء فى كل أنحاء المعمورة من مصر إلى فرنسا مرورا ببلاد السند والهند لعلاجها دون جدوى، حتى وجدت الحل وجاء الفرج، عند شيخ مبروك واستطاع أن يقهر (عفرتوش) الذى خر صريعا إلى غير رجعة و( أشتاتا أشتوت).
لا تتعجبوا.. أغلب نجومنا، وأكرر أغلب وليس بعض، يتعاملون مع هؤلاء السحرة باستمرار، جاءت هذه الكلمات فى حوار شهيرة مع بسمة وهبة عبر برنامجها (شيخ الحارة) فى فضائية (القاهرة والناس) إلا أن أخطر ما قالته وأصابنى ومن المؤكد أصابكم بغصة هو أن محمود ياسين لن يقف مجددا أمام الكاميرا.
قبل بضع سنوات كان من المنتظر أن يشارك محمود، عادل إمام بطولة مسلسل (صاحب السعادة) الدور الذى أداه بعدها خالد زكى، وتناثرت الأخبار أن محمود لم يعد قادرا على الحفظ والتذكر وأنه ربما يعانى من بدايات (أل زهايمر)، وسارعت شركة الإنتاج بإرسال مشهد لمحمود ياسين خلسة لنقابة الممثلين، لإبراء ساحتها القانونية، إلا أنه بعد بضعة أشهر تم تكريمه فى مهرجان (الإسكندرية) والتقيته وكان يتمتع بذاكرة يقظة، وفى الندوة المفتوحة أجاب بطلاقة عن كل الأسئلة.
عندما يجبر فنان بحجم محمود ياسين على الاعتزال، يصبح لزاما علينا تكريمه وتلك دعوة لمهرجان القاهرة السينمائى لكى يمنحه فى هذه الدورة التى تحمل رقم 40 جائزة فاتن حمامة لإنجاز العمر. محمود صار رمزا لسنوات إبداع ووهج عاشتها السينما المصرية.
أعلم أنه يغضب دائما من هذا اللقب «نجم» ولكن قدره أنه بكل لغات العالم سوبر ستار «نجم استثنائى»، بل هو «جان» مصر الأول!!.
ما هى النجومية؟ إنها مثل الحب كما قال عنه نزار قبانى بصوت نجاة «بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه» أى أنه ضرورة نحتاجها فى حياتنا وهكذا كان محمود ياسين وهو فى الثامنة والعشرين من عمره فى مطلع عام 1970 هو البطل النجم «جان» السينما المصرية الذى بحثت عنه القلوب وتوحدت عليه المشاعر واختاره الناس معبراً عنهم.. كانت حقبة فارقة جدا فى تاريخنا الفنى وأيضا السياسى والعسكرى والاقتصادى والاجتماعى، أتحدث عن عقد السبعينيات من القرن الماضى.. كانت مصر تتغير على كل الأصعدة، حتى لغة التخاطب بين الناس دخلت فيها مفردات جديدة وفى نفس الوقت كان نجومنا الكبار قد تخطوا مرحلة الشباب، وبذلت شركات الإنتاج محاولات مضنية للبحث عن نجم جديد لملء الفراغ دون جدوى، كل التجارب السابقة على محمود ياسين اصطدمت بحائط صلب لا يمكن اختراقه وهو مشاعر الناس التى توحدت وقتها على محمود، وهكذا انطلق مع المخرج حسين كمال نجماً أمام شادية فى (نحن لا نزرع الشوك) واعتذر ليوسف شاهين فى نفس الوقت عن بطولة (الاختيار).
حكى لى نور الشريف كيف أنه شعر بالغيرة من الأداء العبقرى لمحمود ياسين فى (أين عقلى) 76، ورغم ما بينهما من تنافس إلا أنه ظل طوال الليل يبحث عنه وذلك قبل اختراع المحمول، حتى عثر عليه وهنأه، وأفرغ شحنة الحب والإعجاب لمنافسه الأول، اعتزال محمود ياسين، حدث جلل للفن العربى كله، كان رائعا خلف وأمام الكاميرا، رسم صورة ذهنية مشرفة ومحترمة للمبدع المصرى فكان ولا يزال هو العنوان!!.