بعد تراجع جماهيري وفني لمسلسلها ”سقوط حر“ عام 2016، أسرعت نيللي كريم بالعودة إلى الجمهور بـ“لأعلى سعر“ الذي لم يكن أفضل فنيًا بالتأكيد ولكنه نجح في الوصول إلى شريحة كبيرة من الجمهور.
في عملها الجديد قررت نيللي ألا تكرر العمل مع الفريق الذي نجحت معه في العام الماضي وتعاونت مع المؤلف أيمن مدحت والمخرج أحمد مدحت لتقديم ”اختفاء“ الذي ينتمي لنوعية التشويق:
1- عنوان المسلسل مناسب جدًا، فطوال الوقت نتابع حالات اختفاء مختلفة، والبحث عنها هو ما يولد الدراما، اختفاء الكاتب شريف عفيفي (هشام سليم) إلى اختفاء نادر الرفاعي (محمد علاء) ثم اختفاء نسيمة (نيللي كريم).
2- التطور الدرامي لشخصية سليمان عبد الدايم (محمد ممدوح) ووقوعه تدريجيًا في حب نسيمة ثم نسجه لشباكه حولها حتى تنسى زوجها، من أفضل خطوط المسلسل كتابة. واستمراره في التجسس عليها بعد زواجهما، وكراهيته المستمرة أيضًا لنادر زادت من الملامح المكتوبة بدقة لهذه الشخصية التي تعد الأفضل كتابة وتطورًا في المسلسل.
نرشح لك: أندرو محسن يكتب: في الحلقة السابقة (5) طايع.. التار أفضل جدًا
3- حاول المؤلف في بعض المشاهد اتباع سرد غير خطي (لا يلتزم بالترتيب الزمني للأحداث)، فنشاهد في لقطة مبكرة تفصيلة زواج سليمان من نسيمة، وإن كان عاد لاحقًا للسرد الخطي. مع الوضع في الاعتبار أننا نتعرف على حكاية نسيمة من خلال رواية شريف، كان بالإمكان التحرر من السرد الخطي وكسر الكثير من القواعد عمومًا لإعطاء ملمح مُختلف ومميز للمسلسل.
4- مثل كل مسلسلات رمضان الحالي تقريبًا، وقع المسلسل في فخ التطويل، فاستخدم الكثير من المشاهد الطويلة بشكل غير مبرر، مثل مشهد محاولة فريدة (نيللي كريم) الهرب بعد أن ضُبطت وهي تحاول التلصص على بيت نسيمة، بالإضافة لأن تنفيذ المشهد عمومًا غير مُقنع.
5- بالإضافة للمشاهد الطويلة، كان هناك تكرار للكثير من جمل الحوار، مثل ترديد سلافة (بسمة) لعبارة ”انتي اللي سبتي جوزك في الكوما (الغيبوبة) لوحده“ على مسامع فريدة. كما كان هناك تكرار لمشاهد بعينها، مثل مشاهد رقص نسيمة للتانجو سواء مع سليمان أو مع نادر.
6- يستغل السيناريو الانتقال بين الخطين: خط الرواية وحكاية نسيمة، وخط فريدة وبحثها عن زوجها المختفي، بشكل جيد للحفاظ على مستوى التشويق، فينتقل بينهما بشكل مناسب محافظًا على وجود نسبة التشويق حاضرة في كل منهما.
7- اختيار مرحلة الستينيات لتصبح مسرحًا للأحداث واستغلال أحد الضباط لإمكانياته لمراقبة نسيمة كان اختيارًا موفقًا، وإن كان اختيار العام 1968 تحديدًا هو ما يُمكن أن يثار حوله الكلام نسبيًا، إذ أنه من المعروف تاريخيًا أن سلطة المخابرات والمراقبة والتجسس قد انكسرت إلى حد كبير بعد النكسة عام 1967.
8- يستخدم السيناريو الكثير من مشاهد الفلاش باك داخل الحلقة الواحدة، قدم المخرج شكلًا مختلفًا لزمن الرواية، نهاية الستينيات، لا يظهر فقط في الملابس والديكورات، ولكن أيضًا في استخدام ألوان أكثر حرارة من الألوان المستخدمة في الزمن المعاصر. ولكنه لم يفعل الأمر نفسه مع مشاهد الفلاش باك الخاصة بفريدة فجاءت الانتقالات مُربكة في الكثير من الأحيان، إذ لا توجد طريقة للفصل بينها.
9- المونتاج لهيثم كرم كان من الممكن أن يلعب دورًا أفضل في الانتقال بين الأزمنة المختلفة، بأن يعطي شكلًا مميزًا لكل قطع من زمن إلى الآخر. على الجانب الآخر، حافظ على طول مناسب للمشهد وقطعات سريعة داخل المشاهد ، بشكل يتناسب مع حالة التشويق.
10- بعض التفاصيل والشخصيات الثانوية كان يمكن الاستغناء عنها، مثل شخصية والد فريدة (سناء شافع) الذي لا يوجد أي تأثير واضح لشخصيته.
11- اختيار الممثلين في الأدوار الرئيسية كان في محله، وكانت مشاهد المواجهات الثنائية بين أي شخصيتين تخرج بشكل جيد، أمر لا يحسب للممثلين وحدهم بل للمخرج أيضًا.
12- نيللي كريم تجيد الأداء -كعادتها- سواء في شخصية نسيمة المتحررة الحيوية، وفي شخصية فريدة الأكثر تحفظًا، وتشكل مع هشام سليم ثنائيًا جيدًا.
13- محمد ممدوح ينقسم أداؤه بين الجيد جدًا عندما نتابع شخصية سليمان شابًا من خلال الرواية، بينما يتراجع الأداء كثيرًا عندما ننتقل إلى الزمن المعاصر. جزء من هذا التراجع يعود إلى المكياج شديد الضعف الذي جعل وجهه يبدو محروقًا وليس مسنًا، والجزء الآخر يعتمد على أداء محمد ممدوح نفسه، إذ أن شخصية سليمان من المفترض أنها تناهز الثمانين، بينما أداؤه الحركي لا يوحي بذلك، يحاول في بعض الأحيان ضبط الأمر من خلال نطق الكلام بطريقة أبطأ، ولكنه لا يحافظ على هذه الطريقة طويلًا.
14- محمد علاء الذي تعرفنا عليه بشكل جيد في ”سابع جار“ يواصل تقديم أداء جيد أيضًا من خلال هذا المسلسل، وقد جاءت ملابسه وتصفيف شعره ملائمين للشخصية المتمردة التي يلعبها.
15- بشكل عام جاء تصميم الملابس لمنية فتح الباب لفترة الستينيات جميل واستغله المخرج لإضفاء طابع خاص لهذه المشاهد.
16- حمدي عبد الرحمن المخرج الفني (Art Directror) قدم ديكورات مميزة جدًا لحقبة لمنزل نسيمة في الستينيات.
17- تتر النهاية جاء قريبًا في بعض جمل الوتريات من تتر نهاية ”واحة الغروب“ لتامر كروان أيضًا، لكن الموسيقى المستخدمة داخل المسلسل كانت مناسبة للمشاهد.
18- مسلسل ”اختفاء“ يعتبر خطوة أفضل لنيللي كريم، بعد مسلسلي العامين الماضيين، ربما كان إيقاعه بطيئًا أحيانًا، لكنه لم يفقد قدرته على تحقيق عنصر التشويق في أي من حلقاته، ويمكن أن نعده واحد من المسلسلات القليلة الجيدة في رمضان 2018.