إيمان سراج تكتب: "اختفاء" قمة دراما رمضان

بعد أن انتهى الشهر الكريم وانتهت معه دراما رمضان، نستطيع أن نذكر أن هناك عدد قليل جداً بالمقارنة بإجمالي عدد الأعمال التي عرضت، تستحق المشاهدة، أولاً للجهد الكبير الذي بذله فريق العمل، ثانيًا، لامتلاكه كل مقومات النجاح، من اختيار الممثلين، لتماسك أحداثه وحبكته الدرامية، للديكور والملابس والإخراج، وحتى لو لم تحقق هذه الأعمال الصخب الإعلامي حولها، تسللت بهدوء رشيق إلي المشاهد الواعي الذي يستطيع التمييز بين العمل الجماهيري والعمل الفني الذي يحترم عقليته.

من هذه الأعمال مسلسل “اختفاء” للكاتب أيمن مدحت والمخرج، أحمد مدحت، لعب العمل في منطقة خاصة به، منطقة الغموض والإثارة والترقب عن طريق الربط بين فترتين زمنيتين، تلعب فيهما نيللي كريم دورًا لشخصيتين مختلفتين، أحدهما تُدعى “نسيمة سوفيليان”، وتعيش في الستينات والأخرى “فريدة” دكتورة جامعية اختُطِفَ زوجها الروائي الشهير “شريف عفيفي” أثناء تواجدها في روسيا، فعادت لتكتشف أن اختطافه كان بسبب إعلانه عن روايته الجديدة التي تحمل إسم المسلسل”إختفاء” رواية تحكي عن رجل أعمال فاسد يُدعى “سليمان عبد الدايم” وهو محور الأحداث والرابط الوحيد بين الماضي والحاضر.

توالت الأحداث حول من يكون سليمان ومن هي نسيمة وما العلاقة بينهما وما هذا التشابك بين الفترة الماضية والحاضر، وما سبب هذا التشابه الغريب في أحداث حياة نسيمة وفريدة التي حملت الكثير من الأسرار، تسير الحكايات عن طريق فلاش باك للماضي، ونجح مخرج العمل في عرض ذلك بكل حرفية، لا أدري لماذا شعرت للحظات أنني أمام “صلاح نصر” وخاصة في مشاهد تركيب الكاميرات والتنصت وتسجيل المكالمات!

الجميل في العمل أنه أثار فضول المشاهد وجعله يعيش مع بطلة العمل في زمنين مختلفين بكل سهولة ويسر وشغف وغموض وترقب انتظاراً لمعرفة نهاية الحكاية، أجادت نيللي كريم في تقديم الشخصيتين وتفوقت على نفسها في العامين الماضيين، قدمت شخصية “نسيمة” بكل رقة ودقة ودلع وحرفية ودفء شخصية حرة منطلقة تحمل روح الغرب ولم تتخلي عن روح الشرق بداخلها، وشخصية “فريدة” العملية التي تتسم بالجدية والعقلانية فشعر المشاهد أنهما شخصيتان مختلفتان بالفعل ولا يجمع بينهما سوى تشابه الملامح. كذلك نجح محمد ممدوح في تأدية دوره وإن لم يكن في أجمل وأفضل حالاته بسبب ضعف مستوى الماكياج الذي أثر بالتأكيد على أداءه في بعض المشاهد كذلك عدم إتقانه لمخارج الحروف.

ربما اتسم العمل في بعض الحلقات بالبطء الشديد، حيث يمكن أن تمر حلقات كاملة في النصف الأول من العمل دون أي تطور في الأحداث، لكنه عاد مرة أخرى للإثارة والغموض بظهور “بسمة” التي أجادت في تأدية الدور رغم بعدها عن التمثيل لفترة.

الحلقات الأخيرة حملت مفاجآت لم يتوقعها المشاهد مما وضعه في حالة انتظارٍ مستمر لمعرفة ما ستفسر عنه الأحداث وحل للغز الذي حير البعض، وذلك أجمل ما يتسم به أي عمل درامي تشويقي يحمل روح الجريمة، “أن يترك المتفرج في حالة حيرة”.

الموسيقى التصويرية لتآمر كروان كان لها تأثيرًا كبيرًا في إنجاح العمل سواء في المشاهد التي تحمل إثارة وتوتر أو المشاهد الرومانسية الناعمة والقاتمة أيضاً، كذلك الديكور والملابس الأنيقة خاصة في الفترة الزمنية الماضية التي عبرت ملابسها عن كل شخصية تعبير قوي.