حميدة أبو هميلة تكتب : ماذا سنقول لأطفالنا عن ثلاثية الهزيمة

لم يخبرنا أحد كيف سنفسر لأطفالنا أنها هزيمة، أنهم أخذوا كل الفرص، وكانت الكرة معهم والجماهير والدعوات، لكن شيئا ما غامضا جعل الانتصار مستحيلا. نجوم أستديوهات التحليل لن يفهموا أيضا؛ بخلاف صراخهم وإلقاء التهم على الآراء المخالفة، لن يعرفوا شيئا عن التعامل مع الأطفال الباكين بقهر.

لا أحد يعرف عن حزن الأمهات؛ أغلبهن لا يفهمن في الكرة ويكرهن فكرة المنافسة خوفا من العودة منها بكسرة وحسرة، ولكنهن يفهمن جيدا حب “البلد”. الصغار لا يعرفون بقصص حروب الاستفزاز، ولا الخطط الفاسدة والقرارات التي لم تهتم يوما سوى بمصالح تحت الطاولة، لكن أنتم من عشمتموهم من خلال شاشات تحتفل طوال الساعة بفوز لم يأت أبدا، بلاعبين يرتدون قمصانهم وينصبون الفرح ويعدون بيقين أنهم منتصرون لا محالة.

نرشح لك : حميدة أبو هميلة تكتب : ليالي أوجيني..السودا

الإعلانات تحاصرهم على الطرقات، مواعيد المبارايات تتردد ليل نهار أمامهم، يغنون النشيد الوطني ويدهم على قلوبهم بحماس وفخر ورفعة تتجاوز حماس الأحد عشر لاعبا. لو كانوا فقط يفهمون من يمثلون؛ لو كانوا يشعرون بما يجرى في البيوت، لسمعوا قلوب الصغار. مهلا! هل الخطأ لم يكن خطأكم؟! لم نشاهد غيركم في الملعب. ما نعرفه على الأقل أننا لم نخطئ، لم نخطئ أبدا هذه المرة، كنا أشد إخلاصا من كل رجال كوبر وكل رجال من جاءوا بكوبر، وكل رجال من اتخذوا قرارا متأخرا بالاستغناء عن كوبر.

لا يوجد مدرب يحب الخسارة، ولا شك أن اللاعبين كانوا يرغبون في الفوز، لكن ما نعرفه أن هناك استهتارا وإفسادا وتشويشا ومبالغة من جميع اللاعبين في التواصل الاعلامي وحتى عبر السوشيال ميديا، يقابله -وياللعجب-صمت عجيب من كبارهم في المعسكر، وتجاهل متعالٍ يكاد يكون أحمقا، للرد على كل هذا التوتر والمشاحنات أو حتى “المعلومات” المخزية!

الهزيمة لا تبرر، فكيف يمكن تبرير ثلاث هزائم؟! يبدو الأمر قاسيا جدا على الكبار، فكيف سنفعلها مع أفئدة الطير؟!

حتى مكسب واحد فقط لم يحدث؟! الأمر لم يكن مصادفة أبدا، رغم أنهم كانوا يعرفون أن القلوب التي تخسر يوميا في أبسط المعارك ـ حتى وهي تعبر الطريق ـ معلقة؛ معلقة تماما بنصر بسيط لن يغير في معاناتهم شيئا لكن سيفرحهم لا شك، الآن باتت في الهواء، حرفيا. تفادي الخسارة كان صعبا لهذه الدرجة؟! الفوز لن يفيد المحبين شخصيا أبدا، ولكن لو تعلمون عن حرقة الصغار! ولو تعلمون عن سرقة الأمل من عيونهم، كم تساوي!

بات أقصى الطموح الآن أن ينقذ الأطفال مثَلهم وأملهم الأخير.. صلاح.. إنت أقوى من “الاتحاد”!