محمد فوزي يكتب: المشاركة المصرية بالمونديال وفن صناعة الفشل!

يبقى الفوز والخسارة وجهين متلازمين في كرة القدم، وعلى عشاق الساحرة المستديرة قبول تقلب أحوالها من مباراة لأخرى ولكن الذي لا نستطيع أن نقبله هو نزول منتخبنا الوطني إلى ملعب المباراة في فولفوجراد لمواجهة المنتخب السعودي وهو خاسر بالفعل فنياً وبدنياً وذهنياً ومعنوياً.

فلماذا حدث هذا وكيف أنهينا مشاركتنا المونديالية بفضيحة كروية؟ الإجابة يمكن أن نضع لها عنوان “فن صناعة الفشل”؛ وهو الفن الذي أجاده الاتحاد المصري لكرة القدم وأصبح متخصصاُ فيه بجدارة خاصة. فطوال مشوارنا نحو الأراضي الروسية انتقلنا عبر مراحل متعددة من الفشل الإداري أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن؛ بداية من اختيار مكان معسكر المنتخب في العاصمة الشيشانية جروزني البعيدة كل البعد عن المدن الثلاث التي خاض فيها منتخب مصر مبارياته في كأس العالم، ليكون المنتخب المصري الأكثر قطعا للمسافات بين جميع المنتخبات المشاركة مما أصاب اللاعبين بالإرهاق وساهم في انهيارهم بدنياً في الشوط الثاني من المباريات الثلاث.

والغريب أننا وفي نفس هذا الموقع أشرنا لهذه النقطة وحذرنا منها  قبل انطلاق كأس العالم بأسبوعين ولكن لا حياة لمن تنادي.

نرشح لك : محمد فوزي: هيكتور كوبر صنم بعد ذلك، كانت فضيحة

الخناقة على رئاسة البعثة وتبادل الاتهامات بين هاني أبو ريده ومجدي عبد الغني بصورة علنية، وتهديد مجدى للجميع بكشف المستور في حالة عدم سفره، وبالفعل سافر وأصبح الجميع سمن على عسل دون تقديم أي تفسير لما حدث وكأنها عزبتهم الخاصة وليس اتحاد الكرة المصري.

نرشح لك : موقف مجدي عبد الغني من السفر مع المنتخب

أما ما حدث خلال تدريبات وإقامة المنتخب في معسكره، فيستحق أن يسجل كنموذج لكيفية صناعة أجواء فاشلة، فعلى سبيل المثال؛ كان منتخبنا الوطني الوحيد بين منتخبات المونديال الذي تحول فندق إقامته لسوق عكاظ ليلة المباراة المصيرية أمام منتخب روسيا، وكذلك المنتخب الوحيد الذي كان تدريبه الأساسي قبل نفس المباراة المصيرية مزاراً سياحياً لالتقاط الصور التذكارية من قبل أشخاص ليس لهم أي صفة رسمية تسمح لهم بالتواجد.

ووصل الأمر إلى قيام بعض اللاعبين على رأسهم سعد سمير بتصوير فيديوهات ولقاءات في الغرف وإرسالها لصديقهم مراسل إحدى القنوات الفضائية بعلم إدارة المنتخب التي بقيت عاجزة عن عقاب اللاعبين أو انتقادهم لأن اللاعبين كانوا يشاهدون أعضاء اتحاد الكرة يبيعون التذاكر المخصصة لعائلات اللاعبين بشكل علني وبأضعاف سعرها، وبمناسبة العائلات كانت عائلات بعض أعضاء اتحاد الكرة بالكامل متواجدة في فندق اللاعبين قبل مباراة روسيا.

ووسط كل هذا التسيب والفساد الإداري؛ كان من الطبيعي أن تتطور الأمور ليقدم لنا سعد سمير مشهداً قذراً وتصرفا مشينا في تدريب المنتخب قبل مباراة السعودية، ولكن لأن الكل فاسدون وعينهم مكسورة؛ فوجئنا بدفاع إدارة المنتخب عنه ليتأكد للجميع أنه منتخب المسخ. حتى وصلنا إلى نقطة الذروة بتفجير شبكة “CNN” لقنبلة تفكير محمد صلاح في الاعتزال الدولي لإحساسه بالضيق بسبب استغلاله سياسيا في مقابلة رئيس الشيشان مرتين خلال 10 أيام، وهو ما كان محل هجوم عنيف من الصحف الغربية وخاصة الإنجليزية لأنهم ينظرون لرئيس الشيشان باعتباره شخص ينتهك حقوق الإنسان.

ليبقى التساؤل:

من المسؤول عن توريط المنتخب ومحمد صلاح في صراع سياسي؟

ولماذا يحدث هذا مع منتخب مصر فقط، ولم يحدث مع أي منتخب اخر بالبطولة؟

وكانت النتيجة حالة الغضب والإحباط التي انتابت محمد صلاح وشاهدناها جميعاً واضحة على تعبيرات وجهه في لقاء اليوم أمام السعودية، حتى وصل الأمر إلى عدم احتفاله بتسجيل الهدف وهي الحالة التي للأسف انعكست على نفسية جميع اللاعبين في المنتخب، وهو ما أعتب على نجمنا محمد صلاح فيه حيث كان يجب عليه تحمل كل السخافات حتى انتهاء كأس العالم، وبعدها يكون لكل مقام مقال، ولكنه للأسف الشديد استسلم للحزن والإحباط مما أثر على معنويات الفريق بالكامل.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، ساهم السيد مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك في تشتيت ثلاثة من أهم لاعبي المنتخب، وخروجهم من تركيزهم قبل ساعات قليلة من مباراة السعودية عندما أعلن ليلة المباراة بيع طارق حامد وعلى جبر لفريق الأهرام – الأسيوطي سابقا – المملوك للسيد تركي آل الشيخ.

ولم يكتف السيد مرتضى منصور – رجل الدولة – بذلك بل أعلن صباح يوم المباراة عن تقديمه بلاغ للنائب العام ضد عبد الله السعيد، ليصبح لدينا ثلاثة لاعبين من الأعمدة الرئيسية للمنتخب خارج التركيز المطلوب وهو ما شاهدناه خلال أدائهم في لقاء اليوم.

وإذا تحدثنا في الأمور الفنية للمنتخب في لقاء اليوم، سنجد أن كوبر ولاعبيه ارتكبوا العديد من الجرائم الكروية يمكن أن نوجزها فيما يلي:

الانهيار البدني في الشوط الثاني، مثلما حدث أيضا في المباراتين السابقتين.

الإصرار على إشراك أحمد فتحي أساسياً، رغم تأثره النفسي والمعنوي بمستواه في اللقاء الماضي أمام روسيا واحرازه لهدف في مرماه، وكان يجب اشراك أحمد المحمدي أو عمر جابر بدلاً منه من بداية المباراة أو على الأقل بعد ظهوره بمستوى منخفض جدا في الشوط الأول منها.

الإصرار على نفس التشكيلة ونفس التغييرات في المباريات الثلاث بالرغم من عدم نجاحها؛ فماذا قدم لنا رمضان صبحي بعد مباراة نيجيريا في تصفيات أمم أفريقيا 2017 ؟! ليصر كوبر على إشراكه بديلاً ويمنحه العديد من الفرص.

ولماذا لم يشرك شيكابالا في لقاء اليوم سواء أساسياً أو بديلاً؟

على الرغم من الحاجة الماسة لتواجده، خاصة في الشوط الثاني، ومتى سيعلم تريزيجيه أن بذل المجهود الكبير ليس كافياَ وعليه تحسين طريقة انهائه للهجمات وزيادة فاعليته على المرمى؟

وفي النهاية؛ تبقى الخلاصة أن ما حدث يعد فضيحة كروية بكل معاني الكلمة ليس بسبب الخسارة كروياً، ولكن بسبب الخسارة إدارياً وفنياً وأخلاقياً قبل أن تبدأ المباراة، ولكن هذا يبدو طبيعيا عندما تذوب الفوارق بين رئيس وأعضاء اتحاد الكرة، وبين الشركة الراعية فيصبح اتحاد الكرة يبيع الحقوق لأعضائه وشركتهم التي يعملون بها ويتقاضون منها مرتبات شهرية نظير عملهم الإعلامي.

و كل ما نأمله حالياً؛ هو احترام عقول المصريين وكشف الحقائق، ومعاقبة المقصرين والضغط على أعضاء اتحاد الكرة لتقديم استقالتهم، وفتح المجال أمام اخرين يفكرون في مصلحة الكرة المصرية، وليس مصالحهم الشخصية.

وندائي الأخير أوجهه للنجم حازم إمام نجم وأيقونة الكرة المصرية وعضو اتحاد الكرة المصري، والذي يجزم الجميع بنبل أخلاقه وصفاء نيته؛ أيها الأمبراطور الذي أتشرف بمعرفته عن قرب، عليك الاختيار الان بين اتخاذ موقف قوي فيما يحدث وكشف  فساد الاخرين، أو تقديم استقالتك والابتعاد عن المنظومة الفاسدة.

أي موقف ثالث سيجعلك في مجال سهام النقد والغضب والاتهامات، وكما قال النجم محمد سعد واحد مصاحب على علوكه وأشرف كخه متوقع منه ايه؟! ولكن نحن ما زلنا نتوقع منك اتخاذ موقف والابتعاد عن أصدقاء السوء.