نقلًا عن المصري اليوم
طارق الشناوي
أنا منحاز لتجربة ياسمين عبد العزيز فهى الوحيدة التى تتحدى عالم سيطرة النجوم الرجال على مقدرات السينما، بعد أن صارت البطولة على الشاشة الكبيرة تساوى الرجل، ومقدمة التترات محجوزة للرجل، وأقصى ما تطمع إليه النجمة أن يسمح لها النجم بتواجد هامشى وكأنها وردة فى (عروة الجاكتة)، ياسمين تقف وحيدة فى الميدان، إلا أن اختياراتها الأخيرة كثيرا ما باتت تخذلنى، فهى تضع بيدها كلمة النهاية لمحاولة مبشرة كانت تشى بالكثير.
هناك قدر من التراجع فى مستوى أداء ياسمين عبدالعزيز فى آخر أفلامها (أبلة طمطم) السخونة الكوميدية تضاءلت، صارت محصورة داخل معادلة درامية لا تتغير، وفى صندوق تتناقص فى كل مرة مساحات أضلاعه، ليضيق أكثر وأكثر وتسد فى جنباته منافذ التهوية، وبقدر ما تخنق نفسها بقدر ما يختنق الجمهور.
دائما تُقدم شخصية امرأة مع مجموعة من الأطفال، وتتكرر بالضرورة الكثير من المواقف، وهذا ما أثر سلبا على حضورها الذى تغير إيقاعه فصارت تُطل عاما وتغيب عاما، وهو ما يعنى أن هناك تراجعا فى إقبال شركات الإنتاج.
بين الحين والآخر من الممكن أن تجد مثلا نيللى كريم أو منى زكى أو منة شلبى لهن دور بطولة، إلا أن كل ذلك لا يسفر فى العادة عن استمرارية، كما أن شباك التذاكر لا يحقق مردودا يشجع شركات الإنتاج على التكرار.
هذه المرة نرى (أبلة طمطم) فى نفس الحالة على غرار (الدادة دودى) و(الثلاثة يشتغلونها) وحتى (أبوشنب) عندما أدت دور ضابط الشرطة كان ينبغى أن ينتهى الأمر بالبحث عن مشهد ختامى يجمع ياسمين بالأطفال.
الجديد هذه المرة فى (طمطم)، رغم أنه ليس سعيدا بالمرة، هو الدفع بحمدى الميرغنى بطلا على الشاشة، وهو واحد الآن من عناوين مدرسة (مسرح مصر) الذى يقوده أشرف عبدالباقى، المسؤول عن تفريغ أغلب نجوم الضحك على الشاشتين الصغيرة والكبيرة، ومهما كانت هناك من ملاحظات سلبية فى جانب كبير منها صحيح، إلا أن الصحيح أيضا أن هؤلاء هم الذين يملكون حاليا فك شفرة الضحك.
الميرغنى بين الحين والآخر يدفعون به بطلا، وفى مثل هذه الأمور يجب ملاحظة أن الاختيارات لمن يشارك البطولة تخضع فى نهاية الأمر للميزانية التقديرية، وكلما تناقصت للحدود الدنيا بات الاختيار محصورا فيمن يرضى بأقل أجر، وهذا بالطبع يصب فى صالح حمدى.
تعانى البطلة ياسمين من (فوبيا) الخوف الشديد من أى شىء تفعله حتى لو كان مجرد ركوب المصعد، ودائما تنتظر أن ينقذها أبوها.
على الجانب الآخر مجموعة من المساجين وعلى طريقة الفيلم الشهير (الهروب الكبير) يحفرون نفقا تحت السجن وفجأة يجدون أنفسهم فى مدرسة أبلة طمطم وتبدأ المفارقات، بينما يؤدى حمدى دور ضابط الشرطة ولدينا قصص عاطفية مبتورة للبطلة مع مصطفى أبوسريع، طبعا المساجين يتقدمهم كالعادة بيومى فؤاد، وطالما نتحدث عن فيلم سينمائى فإنه ينبغى توفر بيومى، فهو (الشىء لزوم الشىء).
الفيلم أخرجه على إدريس الذى احتل القسم الأكبر من أفلام ياسمين الأخيرة، التزم إدريس بشروط سينما الطفل التى يراعى فيها عادة البعد عن الدماء والعنف الزائد والنهاية حتى مع المجرمين يجب أن تتحلى بروح النكتة.
إلا أن الفيلم يخلو بنسبة كبيرة من أهم شرط فى سينما الأطفال وهو الإبهار، ويبقى ما أسفر عنه (أبلة طمطم) من إنذار واضح الصوت عالى النبرات لياسمين بأن عليها ليس فقط البحث عن جديد خارج هذا الصندوق، ولكن أن تهتم أكثر بلياقتها الجسدية، فلقد ترهلت كثيرا على الشاشة، نعم هى موهوبة، وحقا تقف فى خندق مواجهة سيطرة الرجال على مقاليد الحكم فى السينما المصرية، إلا أنها تراجعت كثيرا عما حققته قبل نحو عشر سنوات، ولاتزال مع الأسف تتراجع أكثر وأكثر!!.