لم يكن تجمع الجمهور حول منزل محمد صلاح، لاعب المنتخب الوطني ولاعب نادي ليفربول الإنجليزي، في منطقة مدينتي هو أول صورة من صور تدخل الجمهور الكبير في حياة النجم، الذي لم يدرك حقًا أن نجاحه واجتهاده سيجعله يتربع على قلوب الكثيرين سواء كانوا من عشاق كرة القدم أو لا، وأن لذلك الحب والاهتمام ضريبة غالية لا تُقدر بثمن سيدفعها من حريته الشخصية.
أثار ذلك التجمهر أمام منزل “صلاح” استياء الكثيريين وتعجبهم من وجود مجموعات كبيرة من الجمهور مستعدين للوصول إلى غرفة نومه لمجرد التقاط صورة تذكارية معه، إلا أن ذلك التجمع سرعان ما تحول لفوضى عارمة مخيفة، دفعت جيران النجم للاتصال بقوات الأمن لتأمين المنطقة وحمايتهم من أي أحداث غير متوقعة.
نرشح لك: سبب تأمين قوات الشرطة لـ فيلا محمد صلاح
لم يكن ذلك الموقف هو المرة الأولى التي يُظهر فيها الجمهور حبه لـ “صلاح” الذي نال من الحب والشهرة ما لم يناله لاعب عربي من قبل على المستوى المحلي والعالمي، وإنما تكرر بطرق وأشكالًا مختلفة بداية من حب الأطفال له على اختلاف دياناتهم وجنسياتهم، لدرجة جعلتهم يتخذونه كقدوة ومثل أعلى لهم يؤلفون من أجله الأغاني ويقلدونه في سجوده بعد إحراز هدف، بل ووصل الأمر إلى قيام البعض منهم بتقليد مظهره عن طريق ارتداء شعر مستعار ولحية مشابهة له.
كما ظهر حب الجمهور له حينما تعرض لإصابة في كتفه على يد سيرجيو راموس لاعب ريال مدريد، في مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا، ودفعت هذه الإصابة الكثير من محبيه لإطلاق هاشتاج مُهين باسم “راموس”، كما قام البعض الآخر بنشر رقم الهاتف الشخصي لـ “راموس” لتتوالى عليه كم هائل من المكالمات الموبِخة له على فعلته، وربما كانت هذة ردة الفعل القاسية من محبي “صلاح” نابعة من خوفهم من عدم مشاركته مع المنتخب المصري في موندايال روسيا 2018 بعد غياب دام 28 عامًا.
توالى بعد ذلك على “صلاح” كم هائل من الضغوطات التي جعلته يتحامل على نفسه معُرضًا نفسه للخطر إرضاءً لمحبيه الذين وثقوا فيه على أمل الفوز في المونديال أو حتى على الأقل التأهل للدور الـ 16، لكن لا تأتي الرياح بما تشتهيه السفن، فبالرغم من مشاركة “صلاح” في المباراتين التي جمعتا المنتخب المصري بنظيره الروسي والسعودي، وإحرازه لهدفين في كلٍ منهما، إلا أن المنتخب قد هُزم وخرج من المونديال قبل التأهل للدور الـ 16، ليتعرض من جديد إلى ضغوطات أخرى لكنها من نوع “التوبيخ” على الهزيمة.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن اختزال المنتخب كله في محمد صلاح، ربما قتل لدى اللاعبين الدافع للفوز، بل وجعل ذلك “صلاح” نفسه عُرضة للحقد والحسد من زملائه، وخاصة بعد تكريمة وحصوله على حق المواطنة الشيشانية، بعد تلبية بعثة المنتخب الوطني لدعوة الرئيس رمضان قديروف رئيس جمهورية الشيشان على تناول العشاء في القصر الرئاسي، وذلك في ختام إقامتهم بمدينة جروزني عاصمة الشيشان كمقر إقامة وتدريب لها خلال مشاركتها في بطولة كأس العالم.
فمن الرائع أن ينال “صلاح” كل هذا الحب من جمهوره، لدعمه ومساندته خلال مسيرته الكروية، لكن لا بد أن نتذكر أن “كل مازاد عن حده انقلب ضده”، فبدلاً من أن يكون ذلك الحب جانبًا مشُرقًا في حياته، أصبح من أكبر العوامل المؤذية له ولأسرته، التي أصبحت محاصرة في كل الأوقات من أنُاس يعدون عليهم أنفاسهم.