محمد حسن الصيفي
بدأت مباريات الدور الثاني من كأس العالم أمس بمباراة الأرجنتين وفرنسا، في مباراة وصفت بأنها الأكثر متعة في البطولة حتى الآن، حيث انتهت بفوز المنتخب الفرنسي بأربعة أهداف مقابل ثلاثة لرفاق ميسي.
الهزيمة والخروج من البطولة بهذا الشكل يعيد التساؤل حول المشكلات الكبيرة التي تحدث داخل صفوف منتخب الأرجنتين، ولكن هذه المرة بشكل موسع ومستفيض بعد أن كان الحديث بشكل سريع طوال الفترة السابقة، فكيف لفريق من الصف الأول ممتلئ بالنجوم الأفذاذ أن يخرج بهذا الشكل ويواجه تلك الصعوبات؟
نرشح لك: “كارتيرون”: الأهلي موقفه صعب من البطولة الإفريقية
ربما يتضح الأمر قليلا من خلال تلك الأسباب:
1- سامباولي الضعيف
المدرب الحالي للأرجنتين، يصاحبه الجدل طوال الوقت، اختياراته التي أثارت غضب الجميع، من أول الإطاحة بإيكاردي هداف الإنتر بـ 29 هدفًا خارج القائمة، مرورا بسيرجيو روميرو الحارس المخضرم الذي صرح الاتحاد بإنه مصاب، ثم خرجت زوجته إليانا جورسيو بتصريحات قوية بأنه كان جاهزًا للمشاركة على عكس ما أشار الإتحاد وأنهت التصريحات بقولها “لقد سئمت من الكذب”.
أما عن سامباولي نفسه فقد خرج بتصريحات قبل البطولة يقول فيها:
“اللاعبون الذين استدعيتهم للقائمة يناسبون أسلوب لعبنا بأقرب طريقة ممكنة، أما إيكاردي وبيروتي وبابلو جوميز ولاوتارو مارتينيز؛ فهم حاليا لا يناسبون ذلك ولكنهم بالتأكيد لاعبون رائعون ويستطيعون أن يكونوا معنا في وقت آخر”.
تشعر هنا أنك أمام صورة أخرى لهيكتور كوبر، ونحن لا نعرف حتى الآن طريقة لعب الإثنين المدهشة التي أطاحت بهم خارج المنافسة؛ أضف إلى ذلك إدارته للفريق أثناء البطولة حيث وضع سرجيو أجويرو وديبالا على مقاعد البدلاء، وتلقيه لهزيمة مذلة من كرواتيا، بحارس مرمى أقل من المستوى ودفاع في قمة الضعف والترهل، مما جعل من صعود الأرجنتين للدور الثاني بأقدام نيجيريا معجزة، ليلقى الفريق النهاية الحتمية بأقدام أنطوان جريزمان وكيليان مبابي برباعية مع الرأفة، مع ضياع فرص مماثلة للديوك الفرنسية.
2- عصابة النجوم
لم تكن تلك الأسباب الفنيّة وحدها هي التي أدت للنتائج السلبية تحت قيادة سامباولي، فضعف شخصية المدرب وحالة “الشللية” داخل الفريق كانت واضحة، وعلى رأسها بلا شك الزعيم ميسي.
وميسي دائمًا مثير لعلامات الاستفهام لكونه صاحب سطوة على المدربين سواء في قلعة كاتالونيا أو أو منتخب الأرجنتين، وتراوده الأقاويل حيث كان صاحب الكلمة في مجيئ مارتينو للفريق الإسباني، وبعد فشله جاء به للمنتخب الذي لم يختلف مصيره معه أيضًا.
ناهيك عن عديد القصص حول علاقة ميسي باللاعبين ودوره داخل الأروقة بمجيئ فلان ورفض فلان، وعن كونه سببا كبيرا في رحيل أكثر من لاعب عن فريق برشلونة، يؤكد هذا الأمر تلك اللقطة التي ظهر فيها سامباولي وكأنه يستأذن ميسي لكي يقحم أجويرو على أرض الملعب وهو ما يبدو كارثيًا على أي فريق. وهو ما يفتح باب التساؤل، كيف يدير سامباولي منتخبًا عريقًا مثل الأرجنتين؟
وكيف يتعامل النجوم الآخرون مع بعضهم البعض ومع ميسي ومع المدير الفني الضعيف؟
كيف يشعر أجويرو وديبالا وكيف يتحدثون وهم على مقاعد البدلاء وأدوراهم تبدو قليلة أو منعدمة مع الفريق ؟!
3. ميسي غير المنقذ
الجميع ينظر إلى ميسي على أنه كائن فضائي، صحيح أنه أحد أفضل ثلاث لاعبين في العالم الآن، بل يذهب الكثير من المحللين والمدربين لكونه الأفضل على الإطلاق، لكن يظل ميسي لاعبًا واحدًا بقدمين اثنين، أضف إلى ذلك تقدم العمر وكم المبارايات والإنجازات والركض الذي قطعه ميسي منذ الثامنة عشر وحتى الآن، إلى جانب النقطة الغريبة التي لا أحد يستطيع الجزم بها، أداء ميسي الأرجنتين ليس ميسي برشلونة مع الاعتبار بالتأكيد لعوامل اختلاف اللاعبين والانسجام وكل هذه الأمور.
لكن يتبقى أن ميسي هنا ليس ميسي هناك؛ ليونيل ميسي برشلونة سيد اللاعبين، وقادم من كوكب آخر وكل المبالغات التي ممكن أن تقال من المعلقين لزيادة الإثارة والمتعة عند المشاهدين، لكن ميسي الأرجنتين لاعب عادي مثل غيره، أحيانًا يحرز وأحيانا لا، أحيانا يقدم مساعدات مميزة لزملاءه وأحيانًا لا.
في النهاية تكاتفت كل هذه العوامل وغيرها على معاناة الأرجنتين في الصعود لكأس العالم ومن ثم قدمت أداءًا باهتًا وصعودًا بشق الأنفس لتتحطم أحلام ميسي والجماهير الأرجنتينية في الفوز بالبطولة الأهم في العالم.