لماذا علق "تويتر" أكثر من 70 مليون حساب في شهرين؟

نرمين حلمي

عَلق أحد أشهر مواقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، أكثر من مليون حساب مُزيف أو مشبوه به، في اليوم الواحد، خلال الأشهر الأخيرة؛ للحد من تدفق المعلومات المضللة والخاطئة، التي تُنشر عبر منصته الإلكترونية، وفقًا للبيانات التي حصلت عليها صحيفة “واشنطن بوست”.

تضاعف معدل تعليق الحسابات، من قِبل موقع التدوينات الصغيرة “تويتر” بأكثر من الضعف، منذ شهر أكتوبر الماضي، عندما تم الكشف تحت ضغط الكونجرس عن كيفية استخدام روسيا للحسابات المزيفة؛ للتدخل في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو الأمر الذي جعل “تويتر” تعلق أكثر من 70 مليون حساب في الشهرين الماضيين مايو ويونيو، وتواصل مسيرتها في شهر يوليو الحالي، بحسب ما أكده “تويتر” لـ “واشنطن بوست”.

أثارت عملية إزالة الحسابات غير المرغوب فيها العديد من النقاشات حول تأثيرها على معدل المستخدمين، والتي قد تؤدي إلى إنخفاض في عدد المستخدمين الشهري، ومن جانبه رفض

نرشح لك : إغلاق مليون حساب يوميًا على “تويتر”

“تويتر” التعليق على احتمال إنخفاض في قاعدة المستخدمين.

وعلى صعيد اَخر، تُعد حركة تعليق “تويتر” للحسابات، الذي لم يتم الإبلاغ عن مثيلتها سابقًا، بمثابة نقلة وتحولاً فلسفيًا لـ “تويتر”، الذي يتبنى ويدعم فكر حرية التعبير عن الرأي؛ حيث إنه يشير إلى إنه قام بتنفيذ تلك التغيرات للحد من تأثير الناس، الذين يسيئون إستخدام المنصة بحسب قولهم.

وفي السياق ذاته، أوضحت ديل هارفي، نائب رئيس “تويتر” لشئون التوثيق والسلامة، في إحدى لقاءتها هذا الأسبوع، إن الشركة تنظر حاليًا بين تعزيز الخطاب العام وعملية الحفاظ على السلامة والأمان، مضيفة أن “تويتر” تمكن في الآونة الأخيرة فقط، مِن تكريس الموارد وتطوير القدرات الفنية لاستهداف السلوكيات الضارة بهذه الطريقة.

أكدت “هارفي” ما تدور حوله تلك التغيرات، قائلة: “إن أحد أكبر التحولات هو كيف نفكر في موازنة حرية التعبير مقابل إمكانية التعبير الحر لإهدار خطاب شخص آخر”، لافتة إلى أن: “التعبير الحر لا يعني الكثير إذا لم يشعر الناس بالأمان”.

لم تؤثر حملة تعليق الحسابات على مستخدمي “تويتر” النشيطين، والذي بلغ عددهم حوالي

336 مليون؛ لأن العديد من الحسابات المزيفة، لم تكن تغرد بإنتظام، بينما التحرك الأكثر قوة

ضد تلك الحسابات المشبوهة، ساعد النظام الأساسي على حماية المستخدمين من التلاعب وسوء المعاملة، بحسب ما أوضحت “هارفي”.

وحول حداثة التصرف نحو أزمة استخدام الحسابات المزيفة، انتقد الباحثون المستقلون وبعض المستثمرين منذ فترة طويلة الشركة؛ لعدم التصرف بشكل أكثر جرأة لمعالجة ما اعتبره الكثيرون مشكلة متفشية مع الحسابات المستخدمة لتضخيم التضليل والمعلومات الخاطئة عبر المنصة الإلكترونية، فأكثر هذه الحسابات المشبوهة نشاطًا، تغرد مئات المرات في اليوم بمساعدة تقنيات برمجية خاصة، يمكن أن يغرق الأصوات الحقيقية ويشوه الخطاب السياسي عبر الإنترنت، حسبما يقول النقاد.

وكان “تويتر” قد ذكر في عدة تصريحات عامة هذا العام، بإنه استهدف الحسابات المشبوهة، مشيرًا إلى تحدي ما يقرب من 10 مليون حساب في الأسبوع؛ للتحقق من صحة ملكية الحساب لأشخاص حقيقين، وتطلب من المستخدمين لإثبات ملكيتهم للحسابات بإدخال أرقام هواتفهم أو عنوان البريد الإلكتروني.

لم تكتفِ “تويتر” بتقييم محتوى التغريدات الفردية، التي تقوم بها تلك الحسابات المزيفة، بل أهتمت الشركة بدراسة اَلاف الإشارات السلوكية لهن، مثل ما إذا كان المستخدمون يغردون بأعداد كبيرة من الحسابات التي لا يتابعونها، ومتى يتم حظرها من قبِل الأشخاص الذين يتفاعلون معهم، والتدقيق ما إذا كانوا أنشأوا العديد من الحسابات من عنوان ”IP Address

واحد، أو ما إذا كانوا يتابعون حسابات أخرى   مزيفة أو مشبوه بها وتم تحديدها سابقًا.

كما أظهرت البيانات التي تم الحصول عليها بواسطة “واشنطن بوست”، تدفقاً ثابتاً للمعلقات والارتفاعات لبعض الحسابات المزيفة في أيام معينة، مثل 7 ديسمبر، عندما تم تعليق 1.2 مليون حساب، أي ما يقارب 50٪ أعلى من المتوسط لهذا الشهر، كما أنه كانت هناك زيادة واضحة في منتصف مايو، عندما علق “تويتر” أكثر من 13 مليون في أسبوع واحد – 60 % أكثر من الوتيرة المعتادة في بقية ذلك الشهر.

الشركة كانت تخطط للذهاب إلى أبعد من ذلك العام المقبل، كما أشارت “هارفي” في تصريحاتها، لافتة إلى مواكبة وملاحظة أحدث الإتجاهات، وقيامهم بتغيير طريقتهم في مواجهة ذلك.

جدير بالذكر أن مع الكشف عن أزمة تسريب البيانات، التي أثرت في الإنتخابات الرئايسة الأمريكية، طُرحت عدة تساؤلات حول مدى السلام والأمانة التي توفرها أغلب مواقع التواصل الإجتماعي، من بينهم: “فيس بوك” و”تويتر”، على بيانات المستخدمين ومحادثاتهم وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض، وهو الأمر الذي جعل الكثير من مواقع التواصل الإجتماعي تجري بعض التغيرات لمواهجة موجة انتشار المعلومات والبيانات الخاطئة عبر منصاتها الإلكترونية، وإعادة ثقة روادها مرة أخرى.