لا يعلم الانسان قدره ولا اين ومتى ينتهي عمره، أراد الله أن يتوفى عمي الأكبر- رحمه الله – يوم الأحد السابق ليوم شم النسيم ليلاً مما يستلزم أن تتم إجراءات الغسل والجنازة والدفن في صباح اليوم التالي وهو يوم شم النسيم. لك أن تعرف أن يوم شم النسيم يوم أجازة للقطر المصري قاطبة لا يستثنى منه أحد إلا من هم موجودون بشكل استثنائي في بعض أماكن العمل لمواجهة الطوارئ.
من يعمل أثناء أيام الأجازات في مصر في أغلب الأحيان يكون من المغضوب عليهم ومن تعاقبهم الإدارات بالعمل في مثل تلك الأيام، وتكافئ المحاسيب بالتمتع بالإجازة. اتحدث هنا عن العاملين في القطاع الصحي الحكومي، فإن توفيت عزيز المواطن في هذا اليوم فلن تجد من يقدم لك الخدمة سوى النذر اليسير (وكله ببركة ربنا)، وإن حدثت الوفاة في مستشفى ستتحدى نفسك للوصول إلى من يقوم بعملية الغسل والتكفين. وسوف تنهار حتى تستطيع استخراج تصريح بالدفن وكأن الدفن لا يصح ولا يجوز في يوم شم النسيم فلا موت يصلح مع الفسيخ ولا دفن ينفع مع الرنجة.
لك أن تتخيل عزيزي المواطن قلة العاملين على تقديم الخدمة والتي يشترط عليهم ان تتم إنهاء كافة الإجراءات الإدارية والمالية قبل البدء في أي إجراءات لتغسيل وتكفين المتوفي، وعليك الانتظار حتى تقوم الموظفة بجمع ومراجعة كافة الأوراق والحسابات مرات عدة وتحصل على موافقة مديرتها المناوبة الأخري حتي تتمكن من الحصول على شهادة صحية (تقرير حالة الوفاة) والتي تهرع بها إلى مكتب الصحة لاستخراج تصريح الدفن. ومكتب الصحة يشترط الحصول على صورة من بطاقة الرقم القومي الخاصة بالمبلغ وصورة ضوئية من تقرير حالة الوفاة، وعليك عزيزي المواطن إحضار تلك الصور معك حيث لا تتوفر آلة تصوير في مكتب الصحة، فتذهب لتقوم بتصوير تلك الأوراق بما فيها نموذج تسجيل حالة الوفاة الخاص بمكتب الصحة أيضاً.
وفي يوم شم النسيم لن تجد مكتباً واحداً للتصوير – اتحداك – فقد قمت بالسير لمسافة تصل إلى 7 كيلومترات حول منطقة مكتب الصحى ولم أجد فقررت أن أذهب إلى منطقة الجامعة ربما أجد أي من مكاتب التصوير فعدت إلى مكتب الصحة وهالهم ما أنا عليه من إعياء من الجري في شوارع المنطقة فرأفوا بحالي وقرروا أنهم يمكنهم عمل تصريح الدفن إن تركت بطاقة رقمي القومي لليوم التالي كضمان للحصول على تصريح الدفن!. على الجانب الآخر كان من سيقوم بالغسل والذي توصلنا إليه بإعجوبة ينتظر ولا يريد أن يبدأ في التغسيل والتكفين إلا عندما يرى تصريح الدفن وهو أمر إجرائي سليم لدواعي أمنية أفهمها.
كل هذا يحدث في ظل ما تهرينا به التنويهات الحكومية في كل وسائل الاعلام من تحذير من اكل الفسيخ – مما يعني أن الواقع الحكومي يقر بوقوع حالات وفاة في مثل هذا اليوم، لكن يوم شم النسيم لا صوت يعلوا على أكل الفسيخ والرنجة. عزيزي المواطن.. أياك أن تموت في يوم أجازة رسمية.
اقرأ أيضًا:
محمد أبومندور: عناوين جلب الزبون
محمد أبومندور: الهاك والهاكر والمتهكرون!
محمد أبومندور: السياسة.. تلهيها وتلهيك
محمد أبو مندور : إعلام “التكاتك” الموازي
محمد أبو مندور: إعلام مؤيد أم معارض
محمد أبو مندور: (طرق مصر).. يرصد، يعرض، يسخر، ويُبكي
محمد أبو مندور: أسمع كلامك أصدقك، وأسمع برامجك استغرب!