محمد حسن الصيفي
العالم يتطور بسرعةٍ كبيرة، في مقدمته التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل.
مارك زوكربيرج مؤسس موقع فيس بوك يسعى دائمًا للتطوير المرتبط بمواجهة التحديات، وأن يظل فيسبوك هو الموقع الأضخم والأكثر نشاطًا رغم تزايد مواقع التواصل والتنافس الشرس بينها، وأن يظل الخيار الأول لدى جميع المستخدمين.
على ذكر هذا التطوير أضاف زوكربيرج منذ عدة أشهر الرموز التعبيرية عند الضغط على الإعجاب، فلم يعد مجرد إعجابًا عاديًا، بل أصبح بنكهات مختلفة مرة بطعم الضحك ومرة بالغضب وأخرى بالحزن ..
والتجربة أثبتت أننا لا نشبه أحد، وأصبحنا ننتظر شكل التأثير الذي تُسقطه علينا التجارب لنرى حجم الاختلاف.
بعد أشهر من الانتظار في معمل فيس بوك خرجنا بنتائج كالعادة مذهلة أولها السؤال العبقري “كيف كنا نعيش قبل الرموز التعبيرية” ولا يوجد لآخرها حصر من مداد الأسئلة.
وقد تواصل إعلام دوت أورج مع عدة أشخاص كانت لهم تجارب صعبة حول تلك الرموز !
تقول الدكتورة “م . س”: لقد حدث خلافًا حادًا بيني وبين أعز صديقاتي بسبب React love عنفتني بشدة على الرمز التعبيري الذي أستخدمه عند بعض الأصدقاء، ولا أستخدمه عندها فمن المفترض أن علاقتي بها أقوى من علاقتي بهؤلاء !
أما الطالب “م . ح” يقول أن إحدى زميلاته عاتبته بشدة من خلال الرسائل الخاصة لأنه استخدم نفس الرمز react love على إحدى منشوراتها لأنهم مجرد زملاء ومن غير المقبول لديها أن يقوم الشباب بوضع تعبير الحب على ما تكتب من كلمات !
بينما قالت “م . ع” 26 سنة أن خطيبها السابق كان يقوم بالدخول على قائمة الإعجابات لديها ثم يقوم بالفرز بينها جميعًا فمن يقوم بإعجابٍ عادي أو حتى غاضب يتركه بينما من قام بتعبير الحب يدخل يسألها من فلان الذي قام بهذا وما علاقتك به ؟، حتى وصل في آخر مرحلة قبل الانفصال بالدخول إلى هؤلاء عبر الرسائل الخاصة والقيام بسبهم بأفظع الألفاظ !
وتتفق هذه الشهادات مع عشرات الأزمات التي رأيناها عند الأصدقاء حين يقوم أحد الأشخاص بوضع تعبير ضاحك على منشور لوفاة فلان، أو تعبير غاضب على منشور يستهدف رسم الابتسامة، ويبدأ فلان بوضع “منشن” لصاحب التعبير يسأله ما المضحك في هذا ..؟
وهكذا يتراشق الطرفان وما إلى ذلك من خلافات تبدو قادمة من عالم الخيال نسبة إلى أبسط درجات العقل والمنطق.
ومن هنا يتضح أننا نعيش في كوكب منعزل عن العالم، فلا أظن على الإطلاق أن انفصالاً سيحدث بين زوجين في فلوريدا بسبب “لايك” ولا مساحة خلاف كبيرة ستشتعل بين صديقتين في باريس بسبب الغيرة من رمز محب عند الأغراب، وبالتالي لن تتمكن من إرسال رسالة لصديقك الفرنسي لأخذ رأيه عن ثمة خلافٍ حدث معك بسبب إعجاب لأنه لن يفهم أين تقع المشكلة، ولن يخطر على قلب إنسان في الصين مثل هذه الخلافات لأنهم ليس لديهم فيس بوك من الأساس.
ولهذا أصبح لدينا فكرة أن زوكربيرج يتجه بتجاربه الجديدة بكل الثقَل نحو الشرق الأوسط وبالتحديد الأوساط العربيّة، لكونها أسواق جيدة جدًا لتلقي الطُعم الذي يلقيه من فترة لأُخرى بدعوى التجديد والتطوير، بينما حجم الوعي في العالم الأول دون شك أعلى بكثير من هنا، فهم ينظرون إلينا وإلى مشاكلنا الآن تلك النظرة.