بمجرد أن قرأت بيان الداعية معز مسعود الذى ملأ كل وسائط التواصل الاجتماعى، تذكرت على الفور الرئيس جمال عبدالناصر وهو يسخر من الهضيبى قائلا «فى عام 53 قلت أسمح للجميع بالتواجد على أن يسيروا فى الطريق المستقيم، طلب منى المرشد أولا، أن أقيم الحجاب فى مصر وأخلى كل واحدة فى الشارع تلبس طرحة» (عبدالناصر استخدم توصيف الطرحة وليس حجاب)، فقال له عبدالناصر «كل واحد حُر مع أهل بيته، إذا كنت إنت مش قادر تلبس بنتك اللى فى كلية الطب طرحة، عايزنى أنا ألبس 10 مليون امرأة الطرحة»، (كان عدد سكان مصر 20 مليونا)، أظنها أكثر مرة أثار فيها خطاب عبدالناصر ضحك متابعيه، بل قال أحدهم من السرادق يلبسها هو يا ريس، وضحك عبدالناصر كما لم يضحك من قبل!!
المعروف أن أغلب الدعاة وحتى مطلع السبعينيات، لم يفرض أى منهم الحجاب على بناته أو زوجته، والصور فى الأرشيف تكشف ذلك، وحفلات أم كلثوم التى يحتفظ بها التليفزيون (أبيض وأسود) تجد السيدات يرتدين ملابس على أحدث موضة ويدخنّ أيضا بحرية، الشيخ الباقورى المفتى الأسبق، أجاز للمرأة وضع مونيكير مؤكدا أنه لا يفسد الوضوء، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد أحد أهم أساطين قراءة القرآن فى العالم العربى، أطلقوا عليه (مارلون براندو) ولم يعن ذلك أى سخرية، فلقد كان الشيخ وسيماً ولديه جاذبية دفعت بعض النساء للتعلق به ومطاردته، حتى إنهن صنعن له تمثالا، بينما نسمع الآن صوتا يحرم التماثيل ويعتبرها عودة لعبادة الأوثان.
ببساطة تستطيع أن تستخلص من البيان الذى أصدره معز مسعود أن زوجته النجمة شيرى عادل اختارت منهجه، كما ذكر هو صراحة، ومنهجه فى النهاية يفضى لا محالة لارتداء الحجاب، ولهذا فإنها فى طريقها لارتدائه، ليس اليوم ولكن الأيام القادمة، والأمر هنا مهما طالت المدة فلن يتجاوز أسابيع، فهى معركة الداعية مع جمهوره.
احترام الخصوصية للإنسان حق مشروع للمشهور والمغمور، هذا هو المبدأ الذى علينا ألا نغفله فى حياتنا المهنية، وهو ما تطبقه جريدة «المصرى اليوم» بالتزام مطلق طوال تاريخها، ولهذا أقترب فقط من الجزء العام الظاهر للرأى العام، لا شك أن الميديا امتلأت بالكثير من المغالطات التى تمس الداعية، وبعضها كالعادة اقتطع جزءا من حواراته حتى يصل إلى نتيجة أن الرجل يقول بالضبط عكس ما يفعل، فهو يدعو للحجاب بينما زوجته غير محجبة، من المؤكد أنه من أنصار ضرورة ارتداء الحجاب، إلا أنه مع سياسة الخطوة خطوة، الاحتشام أولا ثم الحجاب.
لم أر معز إلا مرة واحدة، فى مدينة «كان» لم يجر بيننا حوار، ولكنى فقط تابعته وهو يقف على المسرح قبل عرض فيلم «اشتباك» الذى شارك فى إنتاجه، مرتديا كما تقضى أصول المهرجان «اسموكن» و«ببيون» وعلى أحدث طراز، وبهذا تخطى الكثير من المحاذير الشكلية التى كثيرا ما يضعها الدعاة أثناء مواجهة الجمهور!
اقتحام معز عالم الإنتاج الدرامى سينما وتليفزيون يعنى أنه يقدم فنا برؤية تحكمها معايير دينية. من مراجعة أعماله الفنية من الممكن الوصول إلى تلك النتيجة، لم تكن شيرى ترتدى فى ملابسها إلا ما هو عصرى ولا يحمل أى إثارة أو مبالغة، ولكن هل هذه هى الحشمة كما يراها معز أم أن الحشمة التى يقصدها، تفرض زيا آخر؟!.
المؤكد أن سخرية عبدالناصر من الهضيبى من الممكن أن تنال أيضا من معز وتؤثر سلبا على مصداقيته، ولهذا انتظروا قريبا جدا شيرى بالحجاب، ولا أدرى بعدها، هل تفعل مثل صابرين وتضع باروكة ع الحجاب أم تكتفى بهذا القدر؟!.