يعتبر فيلم “هي فوضى” واحدا من أقرب أفلام شاهين للجمهور وأيضا أفضلها وأكثرها جرأة وبالفعل تعرض السيناريو لملاحظات رقابية كثيرة ولكن الراحل علي أبو شادي “مسئول الرقابة” وقتها نجح في أن “يمرر” العمل بصعوبة، وبعد شد وجذب بين شاهين والجهات الأمنية، فهو يتحدث عن فساد جهاز الشرطة وما يفعله أمناء الشرطة في مصر من تجاوزات وخروج على القانون! ووصل الحد إلى أن اسم الفيلم أزعجهم كثيرا وكأن قلوبهم كانت تشعر بشيء ما يظهر في الأفق البعيد، وبالفعل ما حدث في الفيلم من “فوضى” داخل قسم الشرطة كان جزءا من الحقيقة فيما بعد خلال أحداث يناير 2011! ولذلك نقول أن شاهين كان قريبا جدا من الشارع وإحساسه بالناس كان كبيرا، ويعتبر من أبرز الفنانين المصريين المعارضين وطالما حملت أفلامه نقدا سياسيا لأنظمة الحكم التي عاصرها، اللافت كان استقبال الجمهور لفيلم “هي فوضى” بشكل يفوق أفلامه الأخيرة وبالفعل حقق إيرادات كبيرة وغير مسبوقه لأفلام شاهين، وممكن أن تقول أن علاقته كانت مع الجمهور “متوترة” فالجمهور يحمل له تقديرا كبيرا وحبا على المستوى الإنساني وينتظر في كل عمل أن يفاجئه بشيء جديدا، وأحيانا يصدق إحساس الجمهور ولكن كثيرا ما يخرج “غير فاهم” لما حمله الفيلم من أفكار ورسائل ومع ذلك كان يستمتع بمشاهدة لوحة فنية سينمائية بديعة شديدة الإتقان من صورة وديكور وموسيقى وأيضا تمثيل بتوقيع هذا المخرج المبدع.
نرشح لك – 21 تصريحا لـ منال الصيفي.. أبرزها عن علاقتها القوية بيوسف شاهين
أذكر أن المؤلف ناصر عبد الرحمن حكى لي أنه ظل يقوم بتعديلات على السيناريو والحوار لأكثر من عشرين مرة! حتى كاد اليأس يتسرب لنفسه ويعتذر عن استكمال الكتابة ولكن فجأة وجد الأستاذ يوافق أخيرا على السيناريو ويقول لي كان يبكي وهو يقرأ مشهد النهاية “انتحار حاتم”، وكان شاهين ديكتاتور داخل البلاتوه وليس من السهل أن يقتنع بمشهد “مهم”، فيروى أنه أثناء إخراج شاهين لمشهد النهاية في فيلم “الأرض” واحد من أهم وأصدق مشاهد السينما المصرية رغم تصفيق كل من في البلاتوه لأداء المبدع محمود المليجي إلا أن “شاهين” أعاد تصويره 17 مرة حتى يقتنع!
احتفاء عالمي
ذات مرة قال لي أحد المخرجين المهمين “كلنا نريد أن نكون يوسف شاهين، حتى وإن لم نصرح بذلك”..