نقلا عن المقال
«إلى كل اللى بيحبونى.. إنتو وحشتونى قوى وحشتونى.. قعدتكو الحلوة.. ولياليكو الحلوة.. إنتو الناس الحلوة»، هذه هى أولى الكلمات التى تستمع إليها فى ألبوم إليسا الجديد الذى يبدو جديدًا فى اسمه ولكنه قديم فى محتواه، هذه الكلمات هى مجرد وصف للمحتوى الفنى للفنانة اللبنانية، وفى الحقيقة هى كلمات تذكِّرنى بتجاربى الشعرية أنا وزملائى فى مرحلة الدراسة الإعدادية عندما كنا نجلس ونكتب خواطرنا الساذجة بكلمات أكثر منها سذاجة ولا تحمل أى جمال، ورغم ذلك كنا مبهورين بما نقدمه، ولكن عندما تقدم بنا العمر لسنوات بسيطة أدركنا أن ما كنا نكتبه هو مجرد إرهاصات لا قيمة لها.
والغريب أن مَن كتب هذه الأغنية هو الشاعر شادى نور، وهو من الشعراء الموهوبين الصاعدين وله فكر مختلف فى كتابة الأغانى، فيكفى أن نقول إنه من كتب أغنية «ماحصلش حاجة» لسميرة سعيد، ولحَّنها بلال سرور، وهذا الثنائى المتفاهم هو مَن قام بعملية إعادة إحياء شباب «الديفا» من جديد، ولكن ما كتبه شادى فى غنوة إليسا فعلًا أمر سيئ.
أما ملحن الغنوة محمد يحيى، فقد صنع جملة لحنية لـ«إلى كل اللى بيحبونى» شبيهة بلحن أحمد مصطفى الذى قدمه للفنانة يارا فى أغنية «حاسس» التى صدرت العام الماضى، وبمجرد طرح إليسا أغنية ألبومها الجديد ولاحظ جمهورها هذا التشابه انتقدها وانتقد الملحن، وهناك أيضًا مَن انتقد الشاعر، ليكون رد إليسا عبارة عن تويتة ساذجة تقول فيها: «إلى كل اللى بيحاربونى، إنتو اللى بتقوونى»، فهى تسخر من آراء محبيها وعشاقها الذين لهم آراء نقدية «منطقية» تخص ما قدمته فى أغنية الألبوم، وأيضًا الملحن محمد يحيى خرج هو الآخر فى أحد البرامج الفنية العربية، ليعلِّق على تشابه لحن أغنيته مع لحن أغنية يارا، ليقول إن لديه تاريخًا فنيًّا كبيرًا وإنه متعجب من هذه الانتقادات، ولم يجب عن سبب هذا التشابه ولم يشرح لجمهوره ولم يدافع حتى عن نفسه واكتفى بأن لديه تاريخًا موسيقيًّا كبيرًا، يا سلام!
وفى أغنية «نفسى أقولّه» قامت إليسا باستخدام لحن الأغنية التركية «Haydi Söyle» للملحلن والممثل والمغنى التركى إبراهيم تاتليسس، ولم تقدم إليسا أى جديد فى هذه الأغنية سوى الكلمات العربية، أما اللحن فهو متاطبق مع الأغنية التركية، والتوزيع يكاد يكون متطابقًا هو الآخر!
أما فى أغنية «حكايات» من كلمات أسامة مصطفى وألحان محمد يحيى، فنجد فى ثانى جملة تغنيها إليسا والتى قالت فيها «الوقت الحلو ليلى.. ليه دايمًا بيجرى»، أن المعنى غير مفهوم، فماذا يقصد الشاعر بـ«الوقت الحلو ليلى ليه دايمًا بيجرى»؟!، ولكن عندما ننظر إلى نص الكلمات المرفق مع تفاصيل فيديو الأغنية على قناة «روتانا» بموقع «يوتيوب»، سنجد أن الكلمات مكتوبة «الوقت الحلو ليه ليه.. ليه دايمًا بيجرى»، وهذا أسوأ مما استمعنا إليه، فهناك تكرار لكلمة «ليه» ثلاث مرات دون أى مبرر، وكان من الممكن أن يستبدل بها الشاعر كلمات أخرى، أو أن يعالج الملحن هذا الخلل بدلًا من أن نستمع إلى إليسا التى قامت باختراع آخر فى ضم كلمتَى «ليه» لتكون «ليلى»، وبشكل عام فما رأيناه مكتوبًا فى هذه الجملة ليس له معنى، وما استمعنا إليه من صوت إليسا أيضًا فى هذه الجملة ليس له معنى.
وأيضًا فى آخر أغانى الألبوم قامت إليسا بمحاولة إعادة غناء أغنية «وحشتونى» للفنانة وردة، والتى كتب كلماتها سيد مرسى، ولحنها بليغ حمدى، فى استكمال لمنهج إليسا فى تقديم الأغانى القديمة كما فعلت قبل ذلك فى أغانى «لولا الملامة» للفنانة وردة فى ألبوم «أسعد واحدة» 2012، و«أول مرة تحب» لعبد الحليم حافظ فى ألبوم «حالة حب» 2014، وسبحان الله كل الأغانى التى تقوم إليسا بإعادة إحيائها من جديد تقدمها بأداء فنى أقل بكثير من الأغانى الأصلية، ولا تترك لها بصمة واضحة، فلم تقدِّم مثلًا هذه الأغانى بشكل موسيقى معاصر كما يفعل محمد منير فى أغنياته، فهو يلتزم بالكلمات واللحن، ولكن تكون له وجهة نظر موسيقية فى التوزيع، ويقدم الأغانى القديمة بشكل عصرى، وهذا ما لا تفعله إليسا.
ألبوم إليسا الأخير مكون من 16 أغنية تحمل أسماء جديدة ولكن محتواها ليس جديدًا، فقد قدمت نفس هذه الموضوعات فى ألبوماتها السابقة، حتى طريقة غنائها لم يعد فيها جديد، فهى تقدم نفس الأداء بنفس استخدام الفلاتر، لتخفى عيوب صوتها الذى يظهر على حقيقته فى حفلات اللايف، ويسبب لها حرجًا كبيرًا، حتى التوزيعات الموسيقية فى هذا الألبوم كلها بلا استثناء تقليدية ولم يكن هناك جديد فى أية أغنية.
حتى الصور الفوتوغرافية للألبوم تتشابه مع نفس صور الألبوم السابق، اللهم فقط تغيير الفستان ولونه، حتى المنهج نفسه فى الألبوم ليس مناسبًا للأجواء التى نعيشها حاليًّا، فنحن فى فصل الصيف الذى يحتاج إلى الأغانى الإيقاعية والموسيقى الراقصة والموضوعات المبهجة، ولكن ما استمعنا إليه يبدو كأنه ألبوم شتوى بموضوعاته الدرامية، فضلًا عن حالة الغرور التى تعيشها إليسا، فهى قامت قبل ذلك بصناعة غنوة وأطلقت عليها «ملكة الإحساس» فى عام 2016، لتلقب نفسها بهذا الوصف! حتى فى أسلوب دعاية أى عمل لها نجد فريق تسويق أعمالها يكتب على صفحاتها الرسمية «ملكة الإحساس» بدلًا من اسم إليسا، فالمعروف أن الألقاب تأتى من الجماهير ولا يصنعها الفنان بنفسه!
ولكن رغم كل هذا الكم من السلبيات فإن إليسا تتمتع بشعبية عالية، ولديها جمهور عريض، فرغم صدور الألبوم يوم 24 يوليو نجد أن أغنية «كرهنى» وصلت إلى أكثر من مليونَى مشاهدة، وكذلك أغنية «نفسى أقولّه» التى وصلت إلى أكثر من 3 ملايين ونصف المليون مشاهدة، و«مريضة اهتمام» تخطت مليونَى مشاهدة، وكل هذا فى يومَين فقط من صدور الألبوم!
ولكن هذه الشعبية الواسعة والعريضة لإليسا يجب أن يكون لها دور آخر أكبر من مجرد الاستماع والدعم للفنانة اللبنانية، فهذه الشعبية الكبيرة يجب أن تقوِّم من الأداء الفنى لإليسا وتحسّها على التجديد والخروج عن حالة الملل الفنى التى تعيشها «ملكة الإحساس» كما تطلق على نفسها.