غَزَت مواقع النت أغنية، أقصد «بورنو» غنائى، لراقصة تُدعى برديس تعيد رائعة سعاد حسنى «يا واد يا تقيل». الأغنية كانت ولا تزال هدفًا للكثيرين من المطربات مثل نانسى عجرم وقبلها الراحلة سوزان تميم، ولكن تظل «يا واد يا تقيل «بصوت سعاد لها سحر خاص لا يغادر مشاعرنا رغم مرور أكثر من 40 عاما.
قدم المخرج حسن الإمام «يا واد يا تقيل» فى فيلمه الشهير «خاللى بالك من زوزو» الذى يعتبر واحدا من أكثر الأفلام المصرية طوال تاريخها تحقيقًا للإيرادات، واستمر عرضه أكثر من عام منذ نهاية 72 حتى 6 أكتوبر 73، ولولا أن الحرب كانت قد بدأت ولم يكن من اللائق أن يقف الجنود البواسل على خط النار لتحرير سيناء بينما يُعرض فى الداخل «زوزو» لاستمر عرض الفيلم.
نجحت الراقصة المغمورة فى أن تملأ الدنيا بالأغنية، كنا نشاهد إسفافًا وعريًا ورداءة وفجاجة وكل ما تعثر عليه من مفردات مماثلة تدعم هذا القاموس من حقك أن تستخدمها. استطاعت الراقصة أن ترمى الطُّعم إلى الفضائيات التى قررت أن تحيلها إلى قضية رأى عام، وحتى تحقق ذلك قالوا إنها تهدد التراث الغنائى المصرى والعربى.
كان رأيى هو أننا كأعلام أخطأنا فى فتح الباب عندما منحنا هذا التسجيل شرف الاعتداء على تراثنا الغنائى، لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة الجماعية الأغنية كما أدتها سعاد حسنى بكلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل والإخراج الرائع لحسن الإمام.
وللأغنية قصة تستحق أن تُروَى، الصدفة هى التى لعبت دورا رئيسًا فى تحقيق هذا اللحن. كان منير مراد هو المرشح الأول لتلحين كل أغانى الفيلم وبينها بالطبع «يا واد يا تقيل» وكانت الأخبار قد بدأت تتناثر عن بداية قصة حب بل وزواج قريب بين سعاد ومراد ثم حدث خلاف بينهما، وبالصدفة تجمع سعاد والطويل إشارة مرور والاثنان من سكان حى الزمالك ويستمع الطويل إلى صوتها وهى تقول له «مش حنلتقى بقه يا أستاذ وتلحّن لى؟!»، يلتفت فيكتشف أنها سعاد ويرد قائلا «يا ريت».
وفى المساء كان صلاح جاهين يتصل بصديقه كمال ويُسمعه الكلمات لتنطلق «يا واد يا تقيل» وتملأ الدنيا سعادة وبهجة وانتشاء.
حكى لى الأستاذ كمال أنه كان فى الإسكندرية واتصلوا به من القاهرة يقولون له إن الأغنية تم توزيعها موسيقيًّا وسوف تُسجَّل، ويطلبون منه الحضور، ولم يكن لدى الطويل رغبة فى حضور التسجيل إلا أن السيدة زوجته هى التى ألحَّت عليه بالعودة فورا إلى القاهرة، وبالفعل اكتشف أن توزيع الأغنية الأول رغم جماله الفنى فإنه يخون بناء اللحن المرح بكثرة استخدام الآلات النحاسية، وأصر على إعادته بتوزيع أكثر بساطة يشعّ تلقائية ويُبرز روح اللحن.
ويبقى السؤال: هل هناك خوف على تراثنا الغنائى من مثل هذه الضربات العشوائية؟ أؤكد لكم أن الأمر لن يتجاوز أياما أو أسابيع على الأكثر وبعدها سيظل اللحن الأصلى بأداء سعاد هو فقط الذى يملك أن يتنفس مع الزمن.
«البورنو الغنائى» مصيره دائما وأبدا مزبلة التاريخ!!
نقلًا عن جريدة “التحرير”
اقرأ أيضًا: