نرمين حلمي
افتتح معرض “في حب سينما محمد خان” لمدير التصوير السينمائي سعيد شيمي، منذ اليوم الثاني وحتى اليوم السادس من شهر أغسطس الحالي، بجاليري “اَدم حنين” في مركز الهناجر للفنون، بساحة دار الأوبرا المصرية؛ تزامنًا مع إحياء الذكرى الثانية لوفاة رائد سينما الواقعية، المخرج محمد خان، والذي توفى في 26 يوليو 2016.
نرشح لك: المنتصر بالله.. ضحكة لا تغيب
“فوالله أنا حبي للفن السينمائي ليس للمال فقط، فهناك شئ بيني وبين الأفلام، إنها ليست هواية بل حب، وإنت تعرف من صغري أنا مجنون سينما، عندي الفيلم زي العروسة والمخرج هو العريس، العريس بيجيب الفستان وهو القصة ويلبسه للعروسة ويفصله تفصيلة حلوة، لو كان الفستان حلو، العروسة حتبقى حلوة والعريس حيبقى مبسوط، تمام مش كده”..هكذا وجه “خان” تساؤلاً لصديقه المقرب “شيمي” عام 1960، والذي ورد في خطابه بكتاب “خطابات محمد خان إلى سعيد شيمي- الجزء الأول مشوار حياة”، من إعداد وتعليق سعيد شيمي.
لم يكن هذا القسم هو المبرر الوحيد لعشق “خان” الخاص بالسينما وشغفه بها؛ بل كانت أفلامه خير دليل وبرهان على اهتمامه بتجسيد تفاصيل ومشاعر خاصة من حياة البشر وعواطفهم، وإبراز ذلك بلغة سينمائية من الدرجة الأولى؛ معتمدًا على إظهار الجوانب الإنسانية؛ من خلال لغة الصورة والصوت سواء في الحوار أو الموسيقى، ومثلما بقيت مشاهده السينمائية خير شاهدًا له على ذلك، أصبحت عدسة الصور الفوتوغرافية شاهدة على أبرز اللقطات الإنسانية في حياته أيضًا؛ حسبما روى “شيمي” عنها أثناء زيارة “إعلام دوت أورج” لمعرض “في حب سينما محمد خان”.
وهو ما نسرده فيما يلي من خلال أبرز 10 لقطات إنسانية لـ “خان” بالمعرض:
دموع وبهجة “فتاة المصنع”
من بين 70 صورة فوتوغرافية لكواليس إخراج 24 فيلمًا روائيًا طويلاً، أخرجهم “خان”، تخطفك لقطة لعدسة مقربة من ملامح وجه “خان” وهو يبكي، دون إشارة للمكان الذي يجلس فيه وقتذاك، وهى الصورة التي يختارها “شيمي”؛ لوصفها بكونها أكثر الصور الإنسانية من بين كل صور المعرض.
أوضح “شيمي” أن بكاء “خان” يعود لعام 2014؛ أثناء تواجده في مهرجان “الأقصر للسينما المصرية والأوروبية”، في ندوة فيلم الافتتاح “فتاة المصنع”؛ وهو الفيلم الذي أهداه لروح “السندريلا” سعاد حسني، لافتًا إلى تزامن بكاءه مع لحظة صعوده المسرح للوقوف بجانب فريق عمل الفيلم، تأثرًا بشدة تسقيف الجمهور له.
كما كان هناك دموع خلف كواليس عرض “فتاة المصنع”، ظهرت البهجة أيضًا في كثير من اللقطات الإنسانية الخاصة، التي جمعت “خان” بفتيات مصنع حقيقي، حرص “خان” للتواصل معهن ومعرفة طقوس يومهن وطبيعة حياتهن، إلى جانب لقطات أخرى ظهرت فيها الكاتبة وسام سليمان، والتي كتبت السيناريو الخاص بـ “فتاة المصنع”، أثناء حضورها الأجواء الخاصة بتحضير وتصوير الفيلم؛ حسبما ظلت تتردد “سليمان” وقتئذ على المصنع لمدة أسبوعين؛ لمحاكاة عيشة العاملات وعملهن والكتابة عنهن بصورة واقعية، بحسب وصف “شيمي”.
مرض “قبل زحمة الصيف”
“بسبب عشقه للسينما، لم يرحم مرضه، وسافر إلى مهرجان دبي السينمائي باَخر أفلامه “قبل زحمة الصيف”، وضرب بنصيحتي عرض الحائط؛ بألا يسافر ويرسل الفيلم فقط، وهناك تعب أكثر، وأحضروا له طبيبًا، وعند رجوعه واجهته بأنه بهذا الجهد يضع لنفسه نهاية سريعة”.
هكذا أوضح “شيمي” سبب ملامح الوجوم على وجه “خان” بإحدى صور المعرض، مشيرًا إلى أن تلك الصورة التقطها المصور سمير فقيه، لـ “خان” أثناء العرض الأول لفيلمه بمهرجان “دبي السينمائي” في ديسمبر 2015؛ حيث كان يعاني من مرضه بالقلب، قبل وفاته بستة أشهر.
ذكرى جيرة “الحريف”
تظهر صورة خاصة من بين المعروضين، تحتوى خلفيتها على هيئة عمارة سكنية، متواجدة خلف “خان” و”شيمي”؛ وهي التي أشار الأخير أنها صورة التقطت خصيصًا وقت تصويرهما لـ فيلم “الحريف”؛ إحياءً لذكرى العقار الذي تقابلا فيه في أيام طفولتهما، بعمارة رقم 1 في ميدان العتبة.
روى “شيمي” أن عيادة والده الدكتور أحمد سعيد شيمي في ميدان العتبة، وفي العقار نفسه كان مكتب حسن، والد “خان”، والذي كان تاجرًا للشاي يستورده من الهند وسيلان ويوزعه في مصر، فكانت تلك العمارة هي حلقة وصل التي جمعت عيلتي “خان” و”شيمي”، ومن ثمً نشأت بذرة الصداقة ما بين العائلتين، وامتدت جذورها لتقرب بينهما أكثر، وزاد من روابط صداقتهما؛ حب الشابين لمشاهدة الأفلام السينمائية.
شغف الصِبا “طائر على الطريق”
من وسط الصور اللافتة للانتباه، الصورة التي أعادت ذاكرة “شيمي” لجملة “خان” له؛ حينما كان يمازحه بـ: “اَخرك بالجردل في الشارع”، والتي كان يشاكسه بها “خان” ما بين الحين والاَخر، قبل احترافهم مهنتي التصوير والإخراج؛ فكان يشبه بالمصورين الذين يقفون على نواصي الشوارع أمام مجمع التحرير وغيره بالجردل، وكان “شيمي” يمازحه بـ “الشحات”، بالإشارة إلى مستقبله الفقير، وغير المربح، إذا كان مصممًا على سلك سبيل التأليف ليصبح كاتبًا للأفلام مثلما كان يفكر “خان” بالفعل قبل اتجاهه للإخراج.
لفت “شيمي” أنهما تصورا مع الفنان الراحل أحمد زكي تلك الصورة، أثناء كواليس تصويرهم فيلم “الحريف” حسبما تذكرا وقتها تلك القصة؛ لتخلد الصورة سخريتهم على هزارهما أيام الطفولة.
فرحة الجائزة الأولى بـ “ضربة شمس”
أوضح “شيمي” أن جائزة فيلم “ضربة شمس”، الذي يعد أول فيلم أخرجه “خان”، وصُور بداية من عام 1978، وتم عرضه بدور العرض السينمائي في عام 1980، كانت أول جائزة حصل عليها “خان” في الإخراج السينمائي بمهرجان “الإسكندرية” الأول، كما كانت أول جائزة حصل عليها “شيمي” أيضًا في التصوير، لافتًا إلى اعتزازه بالصورة الجماعية المتواجدة في المعرض، والكاشفة عن فرحتهم بها.
“الرغبة” وشجارات الطفولة
“كنا نهزر ونضرب بعض ونتخانق أونطة”، هكذا عَلق “شيمي” على صورتين من صور المعرض؛ واللذين أشارا إلى شجار “خان” و”شيمي” أثناء تصوير فيلم “ضربة شمس” وسط ضحك فريق العمل، إلى جانب مشاكسة “شيمي” لـ “خان” في كادر اَخر، أثناء كواليس تصوير فيلم “الرغبة”، لافتًا إلى أنهما كانا يلعبان لعبة “حرب” مثل الأفلام التي كانا يشاهدانها معًا في أيام الطفولة، وهو الأمر الذي امتد معهما ليبقى أحد عناصر هزارهما مع بعضهما البعض في أوقات لاحقة من عمرهما.
عيد ميلاد عاطف الطيب
أشار “شيمي” إلى الصورة التي جمعت محمد خان، وعادل إمام، وسامي السلاموني، وسعيد شيمي، والمونتيرة نادية شكري، وزيزي مصطفى، بصحبة عاطف الطيب، ونخبة من فريق عمل فيلم “الحريف”، إلى أنها التقطت وقت احتفالهم بعيد ميلاد المخرج الراحل عاطف الطيب، أثناء تصويرهم الفيلم؛ حسبما تزامن يوم من أيام تصويره مع عيد ميلاد “الطيب”.
محبة فريق العمل
لفت “شيمي” أن الصورة التي جمعت بين المونتير أحمد متولي، و”مريم” ابنته، ومحمد خان، وسعيد شيمي، الُتقطت أثناء تواجد “متولى” في المستشفى، وكانا اتجها ليطمأنا على صحته وقتئذ.
تركيز الأداء في “أحلام هند وكاميليا”
“المعرض هنا لا يهتم بصور الأفلام، بل يركز على كواليس أداء “خان” وهو يخرج الأفلام في مراحل مختلفة من عمره، بداية من أول فيلم أخرجه في الثمانينيات من القرن الماضي، وصولاً باَخر أفلامه في 2016 قبل وفاته”، قالها “شيمي” وهو يشير إلى الصورة التي جمعت بين تركيز “خان” وانتباه الفنانة نجلاء فتحي، أثناء توجيه لها في الحركة والأداء، أثناء تصوير فيلم “أحلام هند وكاميليا”.
فرحة الكاميرا الديجتال في “كليفتي”
وصف “شيمي” أن أهم ما يميز اللقطة، التي تجمع بين “خان” والمصور طارق التلمساني،
أثناء تصوير فيلم “كليفتي”، هو ظهور الكاميرا الديجتال، التي صُور بها الفيلم، منوهًا أن “كليفتي” كان الفيلم الأول والأخير لـ “خان” الذي صوره بكاميرا ديجتال، وكان “التلمساني” مدير تصوير الفيلم.
أضاف “شيمي” موضحًا أن أغلب صور كواليس أفلام “خان”، تشير إلى تصويرهم في مناطق مختلفة وشوارع كثيرة، لافتًا إلى أن “خان” كان يفضل التصوير في المناطق الحقيقية بحسب قصة كل فيلم، ولا يفضل التصوير في “البلاتوه” أو الاستديو؛ مشيرًا إلى أنه كان يعتبر “المكان جزء من بطولة الفيلم”، وهو الأمر الذي كان يتفق معه “شيمي” أيضًا.