نقلًا عن المصري اليوم
وضعنى قدرى فى طريق الموسيقار العبقرى الراحل بليغ حمدى الذى شاهدنى أغنى فى حلقة من حلقات برنامج الموسيقى العربية الذى تقدمه الدكتورة «رتيبة الحفنى» ليبعث فى طلبى.. ثم ظللت أتدرب معه حوالى سنتين، ثم وقعت معه عقدا مدته ثلاث سنوات وكان يمتلك شركة للإنتاج الفنى اسمها «صوت الحياة» بمشاركة الفنانة وردة الجزائرية والمنتج موريس إسكندر، وشرع بليغ حمدى فى تنفيذ أول ألبوم غنائى لى واختار من كلمات الشاعر الغنائى الكبير عبدالرحيم منصور أغنيات على قد ما حبينا، وطاب العنب، وعلى سفر، وكتب بليغ حمدى بنفسه أغنية رابعة بعنوان «قالت» تحت اسمه المستعار كشاعر وهو (ابن النيل) لتكون البداية التى قدمنى بها للجمهور فى حفل ليلة رأس السنة عام 1977 وكان الألبوم الأول لى. وكان من شروط العقد ألا أغنى لملحن غير ه طوال مدة العقد.
ولكن الغريب فى هذا الفنان العظيم أنه وافق أن ينتج لى ألبوم رباعيات صلاح جاهين من ألحان الملحن الكبير سيد مكاوى عندما أخبرته بأنه كانت إحدى أمنياتى أن أغنى الرباعيات.
ولأن بليغ حمدى فنان كريم الخلق وكبير فى فنه فكان يمتلك قدرا كبيرا من الثقة بالنفس جعلته يقدر قيمة غيره من الفنانين الكبار أمثال الشيخ سيد مكاوى والقيمة الشعرية الكبيرة فى رباعيات صلاح جاهين ولا يجد أى غضاضة فى أن ينفق من ماله تكلفة إنتاج ألبوم ليس من ألحانه ليساهم فى إنجاح المطرب الذى اكتشفه، وأعتقد أن هذا التصرف غير مسبوق ولم يحدث من أى فنان قبل أو بعد بليغ حمدى.
كان أجرى عن الألبوم الواحد مائتى جنيه أحصل عليها فى صورة أقساط شهرية «كل شهر ١٢ جنيه ونص» ولكن كان بليغ حمدى كل أسبوعين تلاتة يخرج من جيبه خمسين جنيه أو مائة جنيه ويعطيهم لى وعندما أقول له «يا أستاذ بليغ أنا باروح اقبض من الشركة كل شهر» يرد على بأنى أصبحت مطربا مشهورا ويجب أن أظهر بمظهر يليق بهذه المكانة الآن، كان هذا الرجل من أكرم الناس خلقا وأطيبهم قلبا وأصفاهم روحا.
ولا أنسى مواقفه الإنسانية معى فى أوقات كثيرة.. منها عندما بدأت أن أنتج لنفسى مع صديقى مصطفى الجوهرى وكان عقدى مع شركة بليغ حمدى قد انتهت مدته وذهبت إليه لأطلب منه أن يلحن لى أغنيتين فى ألبوم «أعذرينى» عام ١٩٨١ وكانتا أغنيتى «لما انت ناوى ع السفر، وأغنية أحبابنا من عشمهم» من أشعار عبدالرحيم منصور، وكان بليغ حمدى يتقاضى وقتها عن اللحن سبعة آلاف وعشرة آلاف جنيه وعندما علم منى أن الألبوم من إنتاجى رفض فى البداية أن يتقاضى أى مبالغ مالية وبعد محاولات كثيرة منى قبل أن يتقاضى مبلع ألف وخمسمائة جنيه عن اللحنين.
وبعدها بعامين فى ألبوم «متصدقيش» لحن لى أغنية «ما بلاش» بنفس المبلغ ٧٥٠ جنيها.
وكان من حظى أنه لحن لى بعد عودته من الخارج لحن «اللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى» من أشعار سيد حجاب والذى أعتبره من أهم الأعمال الفنية التى تتغنى بمصر.. رحم الله الفنان العظيم فنا وخلقا بليغ حمدى.