إيمان سراج الدين
حالة من الجدل يعيشها رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ أمس، الأربعاء، عقب إعلان الفنانة حلا شيحة خلعها الحجاب، عن طريق صورة نشرت لها، فشاهدنا ثورة من التعليقات والمناقشات حول القرار، اختلفت فيها الآراء ما بين مؤيد ومرحب به، وبين معارض ورافض له.
ظهر الجميع وكأن لهم الحق في التدخل في قرارها، وكأنهم هم الملائكة وهي الشيطان الوحيد، فكثرت علامات الاستفهام والتعجب وكيف ومتى ولماذا، ونسي هؤلاء أن القرار لا يهم سوى صاحبته ولن يؤثر على أحد سواها، ولن يقف أمام الله للحساب إلا هي وحدها.
ربما جاءت صدمة البعض لأن القرار جاء بعد 11 عاماً من الاختفاء وارتداء النقاب، وأحاديثها الكثيرة في شئون الدين ودعوتها لزميلاتها الأخريات لارتدائه وعن سعادتها بالتزامها به، لكن نحن جميعاً لا نعلم كم عاشت من صراعات داخلية حتى أخذت هذا القرار وما هي الملابسات التي صاحبت خلعه.
القرار لم يكن وليد اللحظة التي شاهدنا فيها صورتها بدونه، بل بدأ منذ ثلاثة أسابيع حين ظهرت في صورة أخرى بحجاب فقط دون نقاب، وأعتقد أنها كانت صورة تدريجية لقياس مدي تقبل الناس للقرار، خاصة لأنها فنانة معروفة ومحبوبة.
متى يتفهم مجتمعنا أن مسألة ارتداء الحجاب أو خلعه شيء بين العبد وربه، فلا يصح أن ترتدي المرأة الحجاب لإرضاء المجتمع والأهل وأن يكون نفاقا أمام الله سبحانه وتعالى؛ لا بد أن يكون عن قناعة داخلية بذلك، كذلك خلعه.. فماذا يفيد إذا كانت غير مقتنعة بارتدائه في لحظة ما وترتديه إرضاءً وخوفاً من أشخاص بعينهم؟
الغريب والعجيب أن “الصلاة” ركن أساس من أركان الإسلام وهي فرض أساسي، ورغم ذلك لا يهتم دعاة الوهابية الذين يهاجمون حلا الآن بالحديث عنها أو النصح بعدم تركها، حتى لو تركها الجميع لا يستطيعون اتهامهم بكل هذه الاتهامات التي يتهمون بها من تركت الحجاب، ويُكفرون هذه ويتهمون تلك بأن إيمانها ليس كاملاً لمجرد عدم ارتدائه.
“أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم” هذا بالفعل ما فعله الشيخ محمد الصاوي، الذي تحدث في فيديو نشره على صفحته على “فيس بوك”، بطريقة كريهة، وافتعل البكاء وهو يحكي باستفاضة عن مكالمته مع زوج حلا شيحة، مكالمة عن انتهاك حلا لعرض زوجها، وأنها ابتليت بفتنة الدنيا وما إلى ذلك من أشياء هي في حقيقة الأمر سبة في حقها وغيبة ونميمة وفضح على الملأ؛ أما كان من المفروض أن يسترها هذا الشيخ كما أمرنا الله وألا يفضحها على الملأ؟ “النصيحة على الملأ فضيحة” فما بالنا بحديث خاص ينشر علي الملأ ومن شخص داعية يتكلم بـ “قال الله وقال الرسول”، وهو أعلم أنه يجب على العبد أن يتقي الله ولا يخوض في أعراض أحد وخاصة النساء.
لا أحد يجزم بأن من تركت الحجاب فهي من أهل النار كما كتبت على صفحتها الداعية المدعوة “أميرة عزت” عن حلا، ووصفت ما فعلته بفعل من تدبير الشياطين، وأخذت تعد المساعدات التي كانت تساعدها بها وكيف كانت قلقة وتشعر بالوهن، وهي التي وقفت بجوارها، ولا أعلم أي دعوة تلك التي يدعون لها والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا باللين، وكان في دعوته هيناً ليناً! أنا اعتبر ما ذكرته هذه السيدة خوضا في عرض حلا ولا يجب الخوض في عرض من تركت الحجاب والكلام عليها بما يسوؤها، وإنما الدعاء لها بالهداية والصلاح والنصيحة بالحسنى، هذا ما تعلمناه من تعاليم ديننا ولكن على ما يبدو أن الازدواجية التي يعيش فيها هؤلاء الدعاة وتدين “السبوبة” التي يتسمون بها تجبرهم على ذلك وتفضح تدينهم الكاذب.