نقلاً عن المقال
حالة من الجدل تسببت فيها سميرة سعيد بأغنيتها الجديدة «سوبر مان»، بداية من طرح بوستر الأغنية الذى ظهرت فيه بشكل غير معتاد عليها بجسد عارٍ من الأعلى ملىء بالوشوم، بل إن البعض شبَّه فكرة تصويره ببوستر الفنان عمرو دياب فى ألبومه الجديد «كل حياتى»، إذ ظهر هو الآخر بجسد عارٍ من أعلى، فضلًا عن اسم الأغنية المبهم الذى أعطى لنا انطباعًا بأننا سنستمع إلى شىء مختلف.والحقيقة أن ما استمعنا إليه كان مختلفًا فعلًا عن كل ما يُطرح فى سوق موسيقى البوب، بداية من فكرة الأغنية الجيدة التى تتحدث عن تحولات بعد الزواج وفتور العلاقات العاطفية بين الطرفَين، وهى بالقطع مشكلة عاطفية لها بعد اجتماعى كبير يمر به قطاعات كبيرة فى مجتمعنا.
ولكن من حيث تنفيذ الفكرة هناك العديد من التحفظات فى ما يخص الكلمات التى كتبها الشاعر شادى نور، والحقيقة أن الشعور الأول الذى وصل إلىَّ من خلال الاستماع إلى الأغنية وكلماتها التى تقول «بقى مأنتَخ وكرشه قصاده شبرين، بقى منكوش ومبهدل، كان مهتم بنفسه، وسيم ورياضى وشيك» هو ربط الحب بالمظاهر والشكليات، وهذه معالجة ساذجة لقضية مهمة، إذ كان ممكنًا أن يركز الشاعر على مناقشة صلب القضية التى يطرحها أفضل من اعتماده على رصّ الإفيهات والكلمات الرنانة التى لا تخرج عن حوارات المراهقين فى حساباتهم على «فيسبوك» و«تويتر».
من المؤكد أن سميرة سعيد تفاعلت مع «ماحصلش حاجة» التى صدرت عام 2015 وحققت نجاحًا كبيرًا على كل المستويات، خصوصًا بين مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى، وكانت «ترند» لمدة طويلة، إذ عبَّرت عن قطاعات كبيرة من النساء والفتيات وأعطتهم شعورًا بالقدرة والقوة على رفض حالة التبعية للرجل، وأن المرأة تستطيع أن تعيش بمفردها ولا تتأثر بغياب الرجل عنها.
ولكن كان جزء أساسى من نجاح «ماحصلش حاجة» معتمدًا على تقبُّل الطرفَين (الرجال والنساء) كلمات الأغنية وفكرتها، عكس أغنية «سوبر مان» التى رفض كلماتها قطاعات ليست بالقليلة من النساء قبل الرجال، فلا يزال هناك مَن يؤمنون بأن جزءًا كبيرًا من جمال المرأة مستمد من حيائها وخجلها عكس ما ظهر فى الكلمات التى غنتها سميرة سعيد، فضلًا عن أن الحياء والخجل ليسا مقرونَين بالضعف والانكسار.
أيضًا الغنوة تغافلت أن أساس أية علاقة عاطفية يكون معتمدًا على المشاركة بين الطرفَين، وما استمعنا إليه كان هجومًا من طرف على آخر دون أن تتطرق الأغنية إلى مسؤولية هذا الطرف المهاجم فى نجاح أو فشل العلاقة.
ويظل ما أتحدث عنه فى هذا المقال مجرد مناقشة أغنية استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة الفنية، وهذا ما يؤكد نجاحها الجماهيرى، وأرجو أن لا يفسَّر ما أقوله بأنه مصادرة لحق فريق العمل فى تنفيذ أفكاره بالطريقة التى يراها مناسبة، فمن الجيد أن يكون هناك تنوع فى نمط الأغانى التى نستمع إليها بل ونشجّع كل مَن لديه فكر مختلف وجديد، حتى لو كان لدينا عليه بعض التحفظات كالتى ذكرتها فى هذا المقال، فهذه المناقشة غرضها الرئيسى هو تفادى ما قد أراه سلبيًّا فى تنفيذ هذه الأغنية من قبَل الشاعر شادى نور والملحن بلال سرور والموزع هانى يعقوب.