نقلا عن المصري اليوم
طارق الشناوي
عند ولادتها نظرت الجارة إلى وجهها وقالت (إيه الحلا ده كله) فصار اسمها (حلا) بناء على طلب الجماهير! الفن موهبة يمنحها الله لبعض عباده، تلك الهبة تفرض على الفنان أن يصونها ويرسلها فى عمل درامى أو تشكيلى أو موسيقى خالصة للناس، بين الحين والآخر يحدث عند البعض تشويش فى جهازى الاستقبال والإرسال، عوامل متعددة تجعل البعض فى حالة ضبابية، لا يدرك بالضبط أين البوصلة؟ هل هو يسير فى الطريق السليم، أم يمضى قُدما كما صوروا له إلى طريق الفساد والتهلكة.
حلا تقرر قبل 12 عاما أن تنتقب مباشرة بعد ارتدائها الحجاب، وتفتح النار ضد الفن، المؤكد أن هناك من تدخل فى إعادة برمجة (السوفت وير) الخاص بها، أو هى بطبعها لا تملك القدرة على اتخاذ القرار، كما أنها اعتبرت الفن رجسا من عمل الشيطان، عادت مجددا إليه بعد أن اعتبرته وميضا من ربنا لإسعاد البشر. ذهبت قبل أيام لطبيب الأسنان ليلتقط لها (سيلفى) دون حجاب، وتسمح له بأن ينشرها على صفحته كنوع من جس النبض ثم تعلن العودة. فى المرتين لم تكن هى صانعة القرار، الخطأ الأكبر أن تربط خلع الحجاب بالعودة للتمثيل، الإنسان بداخلها، عليها أولا أن تقنعه بأن الحجاب ليس فريضة، وإلا سيظل يؤرقها إحساسها بالذنب لأنها أسقطت فريضة.
الحجاب للمرأة قرار هى فقط التى تملكه، المجتمع والمتزمتون أحالوه عنوة لفريضة، وبعدها تأتى مرحلة الممثلة حلا، أغلب أوراق العودة ليس فى يدها، وأيضا ليس فى صالحها، الساحة الفنية لا تنتظر أحدا، حتى من هم فى الدائرة يواجهون بين الحين والآخر معادلات أخرى تقصيهم فى لحظات عن البؤرة.
تركت الفن وهى دون الثلاثين وتعود إليه وهى تقترب من الأربعين، المتاح أمامها تقلص، كما أن هناك جيلا جديدا هن اللاتى يحتللن الآن مقدمة الأفيش، لدينا جمهور لا يعرف أن هناك فنانة ظهرت فى مرحلة ما اسمها حلا، وكانت واعدة جدا فى الألفية الثالثة قبل أن تشعشع بداخلها أفكار خفافيش الظلام. الحجاب أو النقاب، الذى ارتدته فترة يعبر عن قناعة بالتأكيد ليست قناعتها، وتردد أن الزوج، الأمريكى الجنسية، الذى صار يحمل اسم يوسف، بعد أن اأسلم حفزها على الاعتزال بل وارتداء النقاب، بينما كل الأخبار المواكبة لعودتها للفن تؤكد أنه أيضا الذى دفعها للعودة، فهل كانت فى الحالتين مسلوبة الإرادة، وهناك من يُمسك الخيوط من بعيد لبعيد، ولا نرى أصابعه على المسرح. البعض يقول العكس الزوج المحب يبكى الآن بحرقة، بعد خلعها الحجاب، فأين الحقيقة؟.
نرشح لك: حقيقة أحدث جلسة تصوير لـ حلا شيحا
الفن كان ولايزال لياقة تتكئ على ثقافة تفرض التواجد الدائم داخل الملعب، هناك طبعا ورش عمل يشارك فيها الممثلون مهما حققوا من حضور ونجومية، التدريب المستمر جزء حميم من أسلحة الفنان للبقاء، كيف تنجح حلا فى التخلص من الصدأ الذى يعلو الموهبة بعد أن تراكم طوال هذه السنوات. السينما كانت كريمة جدا مع حلا، ظهرت بعد بزوغ موهبتين، كل منهما لها مساحة فى قلوب الناس، منى زكى وحنان ترك، ولاتزالان، ورغم ذلك استطاعت حلا أن تجد مساحتها أيضا على الشاشة. عندما تحجبت ظلت السينما حريصة على تواجدها طبقا لشروط الحجاب، وهكذا شاهدناها فى فيلم (كامل الأوصاف) آخر أفلامها السينمائية، فى غرفتها الخاصة محجبة، رغم أن المنطق الواقعى يفترض أن المحجبة تخلع فى هذه الحالة الحجاب، وعندما ارتبطت بمشهد يضطرها للصعود فى (أسانسير) بمفردها مع المطرب الراحل عامر منيب، الذى كان يشاركها البطولة، رفضت لأنها تعتقد أن الشيطان سيصبح فى هذه الحالة ثالثهما!!.
هل سيلعب بعض السينمائيين بحلا مجرد إفيه (قرب قرب.. وبص حلا بدون حجاب)، هذا الأمر لو صح لن يستغرق سوى عمل فنى واحد، وبعدها ستمكث مجددا مجبرة هذه المرة فى البيت.
خلعت الحجاب، ولكن هل خلعت الأفكار السوداء، من سيقف أمام الكاميرا ليس رأسها ووجهها، ولكن عقل وفكر وقناعات، فهل حقا استطاعت طرد كل تلك السموم؟!.