وائل لطفي
نقلا عن الوطن
قبل أن تتهمنى بالمبالغة يجب أن أقول لك إن المقصود بـ«حلا» هنا ليس شخصية بذاتها، ولكن ملايين الفتيات والسيدات المصريات اللاتى لم يكن حجابهن قراراً شخصياً، بقدر ما كان جزءاً من حملة عامة تستهدف تغيير وجه مصر.
نرشح لك: حلا شيحة: المدرسة سبب علاقتي بخديجة خيرت الشاطر
فى عام ٢٠٠٢، زارنا فى مجلة «روز اليوسف» الفنان التشكيلى أحمد شيحة، كان الرجل معروفاً بثقافته وانفتاحه، حتى إنه لم يمانع من أن تعمل بناته الأربع فى الفن، كان الرجل وقتها غاضباً وحزيناً، وكان يشكو من انتشار شرائط كاسيت لدعاة غير مصريين تشجع الفتيات على ارتداء النقاب، وهو ما رآه وقتها خطراً كبيراً.. تصديت لتحقيق شكوى الفنان الكبير بحكم اهتمامى.. وذهبت لأكتشف ما سميته وقتها «إمبراطورية الكاسيت المتطرف» كانت منطقة العتبة هى مركز تجمع لعشرات من شركات الكاسيت الدينى فى مصر، كانت هذه الشركات تقوم على مدار الساعة بطباعة آلاف الأشرطة لدعاة وهّابيين مصريين وغير مصريين وتوزعها بأسعار رمزية، أو بشكل مجانى بالكامل، الأهم من هذا أن المرأة كانت الموضوع المفضل لمعظم هؤلاء الدعاة، وكانت الفكرة الأساسية وقتها هى هدم فكرة تحرير المرأة المصرية بمناسبة مرور مائة عام على صدور كتاب قاسم أمين الشهير «تحرير المرأة»، كان أبرز هذه الشرائط لمحمد إسماعيل المقدم، مؤسس الدعوة السلفية، فى الإسكندرية، وكان يقول إن انتشار الحجاب بين الفنانات -وقتها- هو أبرز دليل على فشل الدعوة لتحرير المرأة بعد مائة عام على إطلاقها.
نرشح لك: حلا شيحة تفضح دعاة السبوبة
مرت ستة عشر عاماً على شكوى الفنان الكبير من هذه الشرائط لإقناع ابنتيه الفنانتين «حلا» و«مايا» بارتداء النقاب، ومن نافلة القول أن نذكر أن تلك الشرائط والدروس والدعاة السلفيين والدعوة السلفية نفسها لم تكن نشاطاً فردياً، ولا وليد المصادفة، حيث أنفقت مليارات الجنيهات لنشر هذه الأفكار فى مصر، وحقق أصحابها نجاحاً أعتبره جزئياً، جرت فى النهر مياه كثيرة، وكان أهم ما حدث قيام ثورة ٣٠ يونيو، التى أعلن المصريون من خلالها رفضهم للحكم الدينى ولكافة أشكال الاتجار بالدين، وأعقب هذا أن السلطة التى جاءت برغبة الناس بعد ٣٠ يونيو لا توافق على أن تترك العقل المصرى نهباً لأفكار التطرف والتخلف، والأكيد أن مواجهة هذه الأفكار المتخلفة التى استمر نشرها أربعين عاماً سيستغرق بعض الوقت، لكن الأكيد أيضاً أن تأثيرات ثورة ٣٠ يونيو الاجتماعية قد بدأت فى الظهور، ومنها وعى شابة مصرية مثل حلا شيحة أن من هاجرت إليهم وهجرت حياتها من أجلهم ليسوا سوى «جماعات مصالح مالية وسياسية ولا هدف لهم سوى المصلحة».. وما قالته «حلا» شهادة مهمة يمكن أن تختصر الطريق لآلاف الفتيات الأخريات وتساعدهن على العودة للحياة مرة أخرى.. لذلك أعتبر حجاب حلا وخلعها للحجاب قضية أمن قومى!