اختياري لمسلسل لوست ليكون ثاني مسلسل أذكره في هذه السلسلة لعدة أسباب: أولا لأنه كان على التلفزيون العادي وليس الكيبل بالاشتراك (شبكة ABC).. ثانيا لأنه أول مسلسل في التاريخ يستفيد من السوشيال ميديا للترويج له ولخلق حالة عامة لم يسبق لها مثيل.. ثالثا لأنه أكد للجمهور أن الدراما التلفزيونية تستطيع منافسة الإبهار البصري والإنفاق السخي المعتاد في الأفلام السينمائية.. وظهر مسلسل لوست كفيلم كبير وضخم بطريقة لم يعتدها (سنة ٢٠٠٤) المشاهدين على شاشات التلفاز.. ورابعا إنه من أكثر المسلسلات اللي نجحت في مصر في أوساط المشاهدين لهذه النوعية من الأعمال الدرامية.
أغرب ما في الأمر إن المسلسل ده ليس وليد كاتب عبقري أو مخرج نابه، على الأقل في مرحلة تكوين الفكرة، بل كان وليد فكرة من أحد المديرين في شبكة ABC يسمى لويد براون.. وكانت شبكة ABC تترنح من اهتزاز نسب المشاهدة بعد أفول نجم برنامجهم الأهم “من سيربح المليون”.. وطلب مجلس الإدارة من المديرين المسؤولين طرح فكرة واحدة تنقذ القناة في اجتماع بعد أسبوعين.. فذهب الخواجة لويد إلى هاواي مع زوجته، أملا في أن تلهمه الإجازة بفكرة تبقيه في وظيفته.. وفعلا شعر إنه نفسه يعمل مسلسل عن فكرة فيلم كاستاواي المعروف، بطولة توم هانكس، لكنه سرعان ما عزف عن الفكرة لأنه أدرك أن رجلا وحيدا وكرة ڨوليبول في جزيرة لن ينتج مادة لحلقات كثيرة.. وتحولت الفكرة إلى فكرة برنامج سورفايڤور.. وولدت فكرة مجموعة من البشر لا يعرفون بعضهم البعض تقع طائرتهم في جزيرة نائية.. الماضي والتاريخ أصبح غير مهم على الإطلاق.. والجميع يتعايش مع الحاضر أملا في النجاة من الطبيعة.. ومن شر المسافرين الآخرين.. ومن الشر الاكبر الموضح في الفقرة التالية.
وكان وقتها المخرج والكاتب الفذ جي جي آبرامز، يمر بفترة جيدة في الشبكة التلفزيونية حيث انتهى من الموسم الثالث من مسلسل Alias، وهو كان العقل وراء مشروع Shrek الذي أنقذ سمعة شركة دريم ووركس من كذا سنة وبالتالي كان من أكثر العقول الابتكارية احتراما في هوليوود.. وكان صديقا للويد ووعده إنه حايفكر في الموضوع لأنه مشغول على الآخ.. ولكن في اليوم التالي ذهب له آبرامز وقال له إنه لم يستطع النوم من كثر التفكير واقترح عليه الاقتراح الذي تسبب في النجاح الأكبر للمسلسل.. وهو أن الجزيرة يجب أن تكون أهم شخصية في المسلسل.. ويجب أن تكون جزيرة وراءها أسرار عميقة حتى تكون هي قوى الشر الأكبر في المسلسل وليس شخصية إنسانية.. وفعلا وافق لويد وبدأت الرحلة اللي أدت إلى إنتاج ١٢١ حلقة امتدت عبر ستة مواسم من ٢٠٠٤ وحتى ٢٠١٠.
وبالرغم من شغف آبرامز بالمشروع، كان في قمة الانشغال ولن يستطيع أن يعطي المشروع كل وقته.. فقرر أن يكتب الحلقة الأولى ويقوم بإخراجها.. وعثر على كاتب صغير يحلم بالعمل معه اسمه دامون لينديلوف.. الذي قرأ الفكرة وكان صاحب فكرة الفلاشباك لكل الشخصيات، والذي كشف عدم رغبة كل منهم في العودة إلى العالم بسبب ماضيهم المظلم.. وأعطى للمشروع بعدا جديدا يجعل عزوف بعض الشخصيات عن مغادرة الجزيرة بسبب مقنع للمتفرج.. وكانت المشكلة الأكبر التي تواجههم هي ضيق الوقت.. فلقد أتى شهر يناير وجميع المسلسلات في منتصف مدة تصويرها.. وهم مازالوا يحاولون معالجة سيناريو أول حلقة والبحث عن الممثلين المناسبين وهم في صراع مع الزمن.
البقية عن ظروف تصوير الحلقات والأسرار التي كانت تخفيها الجزيرة وسر الأرقام “٤-٨-١٥- ١٦-٢٣ -٤٢” في الحلقة القادمة بعد العيد إن شاء الله.
نرشح لك :عمرو قورة يكتب: مسلسلات غيرت وجه الدراما (1).. ذا سوبرانوز “The Sopranos”