تراب الماس.. مزيج يستحق الاقتناء

عاطف المختار

بالفعل هو مزيج يستحق الإقتناء..كروايةً..لأحمد مراد.. أو مزيجاً..أصر طه (آسر ياسين) الإحتفاظ به في نهاية الفيلم.. رغم تعهده لسارة (منة شلبي) بأنه لن يعود لذلك الطريق مجدداً..والذي ورثه عن أبيه حسين الزهار (أحمد كمال) وصولاً الي لييتوالتاجر اليهودي (بيومي فؤاد) صديق جده حنفي الزهار(سامي مغاوري)

في نهاية الفيلم ستلحظ أنك أمام منظومة عمل متناغمة.. متفاهمة..أرادت أن تقدم للمجتمع المصري والعربي أولاً.. شيئاً يحترم الرغبات الدفينة داخل كل ذى عقل وقلب وذهن منفتح..

ولا استبعد مطلقاً أن يلقي تراب الماس التقدير العالمي نظراً لما طرحه من قضايا مهمة وحساسة وشائكة تعبر عن الواقع التاريخي الذي سرده أحمد مراد من خلال الرواية..أو من خلال الفيلم برؤية إخراجية متميزة والذى أخرجه بعناية فائقة مروان حامد.

نرشح لك : إيرادات “تراب الماس” في ثلاثة أيام تتخطى 3 مليون

بعد انتهاء الفيلم ستجد نفسك أمام أمرين مهمين للغاية:

أولا ستخاطب شاشة العرض…موجهاً رأسك ناحية من هم بجوارك و نظراً لصمت الجميع ستقول(هو الفيلم خلص ليه) النهاية غير متوقعة..شخصياً كنت أتوقع نهاية مختلفة..فمازال هناك الكثير لتقديمه..لكن في النهاية بكل تأكيد هي رؤية منظومة عمل قائدها مخرج متمكن..بالإضافة لمدة زمنية محددة لفيلم روائي طويل.

الأمر الثاني الذى ستتوقف عنده أيضا بمجرد  نهاية الفيلم..أن هناك لوحة كبيرة جدا يراها كل الناظرين كتبت عليها..(ممنوع الإقتراب والتصوير) من هؤلاء المبدعين..فأصبح آسر ياسين بأدائه المنفرد صاحب منطقة لايجوز لأحد الإقتراب منها ..كذلك المبدعة منة شلبي.. واللذان قدما مشهداً رائعاً..به مزيج مبهر من حالة نفسية

وعصبية ومزاجية وإنكسار وألم وإحباط وإنهزام..بل ومفاجأة للأقدار..ثم احتواء في الأخير ..هذا الأداء المبهر في ذلك المشهد يحتاج بلا شك لمبدعين حقيقين.. ويستحقان بالفعل أن يمنحهم الجميع تلك اللوحة المعنية بالحماية (ممنوع الإقتراب أو التصوير) نظراً لإحتياجنا لهم  فيما هو قادم من ابداعات.

ماجد الكدواني(المقدم وليد سلطان)

فبمجرد اطلالته على الجمهور من خلال الفيلم أعطي نوع من البهجة لفيلم دسم للغاية.. واستطاع بحرفية شديدة تخفيف حدة الدراما بل واستطاع أيضاً أن يمتلك قلوب الجمهور رغم أن  دوره في الفيلم ظابط غير سوي وله تجاوزات في عمله..وهذا يدل علي أننا أمام ممثل ناضج يمتلك الموهبة الحقيقة ويحسن بالفعل إختيار أدواره بعناية فائقه.

بيومي فؤاد (لييتو)

أدى دوره بشكل تقليدي كتاجر يهودي..أو بتلك الصورة النمطية التي نراها دائماً علي الشاشات لأي شخصية يهودية..بالرغم من أن شخصية لييتو بها جانب فطري متمثل كونه يهودي الديانة..وبها جانب إنساني بحكم علاقته بحنفي الزهار كصديق وبحكم مصريته أيضاً في ذلك التوقيت..الدور رغم صغر حجمه لكنه صعب للغاية..فهناك  خيط رفيع جدا متمثل في ذلك الرجل الذي تحول من مصري يعيش علي أرض الوطن شأنه شأن كل مصري في ذلك التوقيت..ثم التحول التاريخي والصراع الذي حدث فأصبح عدواً للوطن لا متماشياً بمصريته مع المصريين ..

تارا عماد (تونا)

هناك أيضاً ابنته تونا التي أكدت تلك النظرية بأنها مرغمة عن التخلي عن مصريتها نظراً لقانون الأب الطاغي. فعادت لمصر في زيارة..ولحبيبها حسين الزهار بعدما أًقرت معاهدة السلام.

محمد ممدوح  (السرفيس)

لمن قرأ الرواية سيجد نفسه أمام شخص إبتلع ماكتبه المؤلف بلعاً.. فمضغاً..فتمثيلاً.. فأصبح السرفيس بدخوله الصامت أولاً..معبراً عن كل تفصيلة كتبها المؤلف..دون أن ينطق حرفاً واحداً..مفزعاً..مرعباً..والإنبهار سيد الموقف للمشاهدين.

إياد نصار (شريف مراد)

أدى دوره بحرفية ..عبر عن ذلك الإعلامي المريض نفسياً في حقيقة الأمر كونه يعالج لأسباب شخصية وظروف حياتيه مر بها..فأصبح يقوم بتصوير الفتيات لإرغامهم ومساومتهم..حتي أنه فعل ذلك بإغتصاب حبيبته سارة وتصويرهاعندما كشفت أمره.

أدي إياد نصار هذا المشهد بعبقرية شديدة مابين راغب في الإستمرار كإعلامي له قاعدته العريقة ومابين ملاذ جديد وحياة جديدة مع سارة.

شيرين رضا (بشرى)

 أيضاً قدمت دور رائع وأداء جيد..وتعبيرات حادة في بعض المواقف تدل علي أنها في الأساس مرغمة علي تلك الأفعال..أو متورطة في تلك الأفعال..وبدا ذلك جلياً..عندما تم إهانتها من هاني برجاس الشاذ جنسياً. فأصبحت سجينة داخل جنة ونعيم..كما يراها من هو خارج تلك الأسوار في جنان متنعمة.

أحمد كمال (حسين الزهار)

تستطيع مشاهدته  فقط ولا تستيطع الكتابة عنه أو تصف ماقام بأدائه..تركيبة خاصة وأدوار مرسومة لأحمد كمال فقط لاغير.

بالتأكيد يكفينا..ظهورعزت العلاليلي علي  شاشة السينما في دور محروس برجاس.. كهدية للجمهور الذواق والمتعطش دائما لوجود نجوم كبار في حجم وقيمة عزت العلاليلي مع حفظ الألقاب.

نرشح لك : إسراء إمام تكتب: “تراب الماس” كفة الخيبة التى ربحت!

كذلك الفنانة الكبيرة صابرين في دور فايقة الزهار.

بالإضافة لمجموعة من المواهب الشابه داخل  الفيلم.. لديهم مستقبل واعد وأدوا أدوارهم بعناية رغم صغر حجمها.

موسيقي هشام نزيه جاءت متناغمة ومتماشية  تماماً مع أحداث الفيلم..وعبرت عن كل المواقف فتأخذك أحياناً إلى منطقة مفزعة مرعبة…تجذب الإنتباه إذا ما استدعي الأمر ذلك..ثم تأخذك إلى منطقة دافئة بها المشاعر والأحاسيس الممزوجة بصدمات أو بأمر واقع مرير..

تم تصنيف الفيلم لمن هم فوق سن (18) نظراً  لسببان مهمان للغاية من وجهة نظري المتواضعة أراها

أولاً: الفيلم للعقول النيرة، وهذه حقيقة وليس تقليل من شأن جمهور أخر.

ثانيا: تناول بعض القضايا الشائكة والأحداث  الواقعية داخل الفيلم تستدعي أن يكون المشاهد لديه علي الأقل بعض النضج الفكري لاستيعاب ماهو سابق.. وماهو آنى..وماهو آت..