طارق الشناوي نقلًا عن المصري اليوم
يوسف الشريف بالنسبة لى فنان محير، الحكم المبدئى الذى سيطر علىَّ بمجرد أن رأيته فى البدايات قبل نحو 15 عاما، أنه واحد ممن يقفون فى الصف، وسيظل كذلك حتى نهاية المشوار، إلا أنه استطاع أن يحقق منذ 7 سنوات درجة تراكم فى المسلسلات دفعت به للمقدمة، كما أنه صار على مائدة شركات الإنتاج، أحد النجوم الذين تتسابق الفضائيات للتعاقد سنويا معهم.
له عدد لا بأس به من المشاركات السينمائية، أهمها فى 2007 (هى فوضى)، إخراج يوسف شاهين وخالد يوسف، لحق آخر محطة ليوسف شاهين، لتصبح له فى (السى فى) نقطة مضيئة، ولكن ما تبقى فى الذاكرة من نجوم (هى فوضى) خالد صالح ومنة شلبى وعمرو عبد الجليل، قبل 9 سنوات، شعر بحنين للسينما ولعب بطولة فيلم (العالمى)، ثم اختفى وأصبح موطنه الأصلى والدائم هو التليفزيون.
تراكم النجاح التليفزيونى دفع شركة الإنتاج للعودة به مجددا بطلا على الشاشة الكبيرة، على أساس أن الجمهور هو الجمهور.
هناك علاقة خاصة بين (الميديا) والفنان، وهكذا مثلا مهما قدمت سميحة أيوب العديد من الأفلام والمسلسلات إلا أن البصمة الأكثر وضوحا تظل هى المسرح، علاقة لا شعورية، لا تستطيع وأنت مطمئن أن تضعها فى محددات علمية تصلح للقياس، ولكن من قال إن الفن يخضع فى كل عناصره للتقييم العلمى الصارم؟
نرشح لك- «تراب الماس».. عندما تدسُّ السم بيديك تطبيقاً للعدالة!
تفاءلت خيرا فى البداية بعودة يوسف الشريف للسينما، خاصة أن معه اثنان من المخلصين الدؤوبين، الكاتب عمرو سمير عاطف والمخرج الموهوب أحمد جلال، وهما من أكثر الفنانين تواجدا على خريطة يوسف التليفزيونية.
إلا أن الشريط السينمائى يشعرك بأن كل شىء فيه يخضع للشرع فهو مقنن بدقة، تنقصه ومضة الجنون ولمحة التمرد، سواء فى النص أو الإخراج بعناصره التصوير والمونتاج والموسيقى، يذكرنى بالسهرات التليفزيونية التى كانت واحدة من القوالب الدرامية التى يتابعها فى الماضى الجمهور القابع أمام الشاشة الصغيرة.
القدرة على الجذب ليست فقط ممثلا تقتطع له التذكرة، ولكن موازيا لكل ذلك شريط جاذب، وافتقدت الاثنين فى فيلم (بنى آدم). الشريط فى قالب (الأكشن) كل شىء صاخب (وعلى بلاطة) الكاتب عمرو سمير عاطف عالى الصوت وهو يسعى لكى يخلق صراعا من خلال الشخصيات، وكأنه يضع بنزينا فى حفرة عميقة، المشكلة أنه لا يوجد أصلا فى العمق نيران حتى تشتعل الدراما.
شخصيات مثل خالد كمال، أحد أفراد العصابة، هنا الزاهد التى تؤدى دور ابنة رئيس العصابة محمود الجندى، دوافعهما مفتعلة.
أداء الممثلين يتراجعون فيه عشرات المرات، مثلا الموهوبة دينا الشربينى لا تدرى بالضبط ما هو موقفها، الزوجة العاشقة أم هى زوجة فقط ارتبطت برجل يوفر لها حياة كريمة قبل أن تكتشف الوجه الآخر.
كل شىء مسطح حتى أداء تميمة الأفلام المصرية بيومى فؤاد يبدو هذه المرة أنه (حافظ مش فاهم).
تابع مثلا النظرات بين ضابط المباحث أحمد رزق والمجرم يوسف الشريف، تشعرك بأنك فى لعبة وكلاهما يعرف أن الآخر(يشتغله)، هذا هو تحديدا عكس ما هو من المفروض أن تؤدى إليه النظرات دراميا.
(بنى آدم) فيلم باهت فى كل عناصره، (شرعى) فى كل تفاصيله، لم يترك بداخلى بعد نهاية العرض أى تساؤل، سوى أن ما تصورت أنه من الممكن أن يطلق عليه (الحصان الأسود)، الذى يتقدم الصفوف فى (ماراثون) أفلام العيد، صار عليه أن يناضل حتى لا يكتشفوا أنه أساسا لم يكن حصانا!!.