واجه جي جي آبرامز مشاكل عدة عند إختيار الممثلين لأن الوقت كان قد تأخر في الموسم ومعظم الممثلين كانوا قد تعاقدوا على أعمال أخرى…فقرروا التوجه لمجموعة غير معروفة من الممثلين تطورت الى مجموعة تعكس عدة إثنيات وأعمار مختلفة… وفي هذا الوقت تم الإستغناء عن لويد براون…المدير المسؤول وصاحب الفكرة الأصلية واصبح المشروع بدون أب حقيقي غير صُنّاعه…مما أعطاهم حرية غير مسبوقة في الاسراع في الكتابة والسفر الى هاواي مع الكرو والممثلين بدون سيناريو نهائي ومع هذا فأنهم سينتجون حلقة بايلوت بـ ١٣ مليون دولار…أغلى بايلوت في تاريخ الدراما التلفزيونية وقد تم تقسيم البايلوت إلى الحلقتين الأولى والثانية من الموسم الأول.
وعند عرض الحلقة الأولى حققت تاني أعلى نسبة مشاهدة لشبكة ABC (حوالي ١٨ مليون مشاهد للحلقة الأولى…و ٢٣ مليون مشاهد للحلقة الثانية متفوقا على جوهرة تاج الشبكة التلفزيونية وقتها مسلسل Desperate Housewives الذى كان يحقق أرقام مماثلة)… وفجأه تحول المشروع من مجرد فكرة لم يقتنع بها الكثيرين في الشبكة الى نجاح غير متوقع… وتصادف أن تزامن إطلاق المسلسل مع ثورة التواصل الإجتماعي وتكون مجتمع خاص بالمسلسل يفند أسراره و يتوقع أحداثه و يحاول فك طلاسمه التى كان صناع العمل يبذرونها في كل حلقة.
ولمن تابع المسلسل فبالتأكيد يتذكر الأرقام الغامضة “٤-٨-١٥- ١٦-٢٣ -٤٢”… والتي وجدها شخصية هوجو السمين في ورقة بالية وفاز بنفس الأرقام باليانصيب الذى كان بمثابة لعنة عليه… وهي نفس الأرقام التي وجدت على الفوهة السرية The Hatch التي تم إكتشافها وفتحها في نهاية الموسم الأول… هذا طبعا بخلاف أن الأرقام دي كانت لازم شخص يدخلها على كومبيوتر معين كل ١٠٨ دقيقة والا الجزيرة ويمكن العالم ينتهي …وفي النهاية إكتشف المشاهد إن دي أرقام الأشخاص من على مانيفستو الركاب و المقدر لهم حماية الجزيرة….طبعا موضوع الأرقام دي سبب هري لا نهائي على وسائل التواصل الإجتماعي وتسبب أن نسبة المشاهدة زادت جدا بسبب تردد إسم وأسرار المسلسل عبر الحوارات الإلكترونية… وجدير بالذكر إن في واقع الأمر الأرقام دي كان استخدمها عالم عبقري إسمه فيتوريو فينزيتي سنة ١٩٥٣ و إخترع معادلة اسمها The Vincetti Equation تتوقع نهاية البشرية سنة كذا وكان مستخدم الأرقام دي في نظريته…
وبما إن المسلسل ده لم يكن يتوقع له النجاح أحد.. حتى صناعه… وبالتالي لم تكن هناك رؤية واضحة للمواسم بعد الأول….ولهذا السبب و بسبب ضغوط الوقت بدأ صناع العمل في إدخال سر ورا سر و غموض وراه غموض..الى أن فلتت منهم تماما ابتداء من الموسم الثالث…. وأثار الموضوع ده غضب الفانز لأنهم كانوا بيحللوا الألغاز أسرع من كتاب المسلسل… فلو الكتابة توافقت مع آراء المشاهدين بيزعلوا وبيقولوا ماحنا كنا عارفين.. ولو إختلفت يزعلوا برضه و يدور الهري على إن الأفكار على الصفحة أفضل مما طرحه المسلسل… وتزايدت الشكوى لأن المسلسل لم يعطي إجابات شافية لكل التساؤلات… مما جعل صناع مسلسل آخر و هو Heroes وبه العديد من الالغاز والتساؤلات يسارعون بكشف كل شيء في نهاية سيزون وان…مما أنجح المسلسل جدا في أول مواسمه ولكنه سقط سريعا بعد هذا الموسم لأن الإجابات كلها كانت اتعرفت…
وبين محاولة صناع مسلسل لوست التعمق والفلسفة في أسباب وجود الإنسان إلى أشياء غريبة مثل السيدة الفرنسية التي وجدوها تعيش من ١٦ سنة في الجزيرة تحارب The Others و موضوع مؤسسة The Dharma Initiative والفتحة في الغابة وغرفة التحكم في نهاية الأرض و غيرهم كثيرا من الأشياء الغامضة والمثيرة للجدل… حتى الحلقة الأخيرة عندما نزلت تترات النهاية…إستخدم المخرج لقطة لحطام الطائرة على الشاطىء حين تم تسليمها في الموقع…وكان مافيش ممثلين لسة فظهر حطام الطائرة على شاطىء خالي تماما…فانطلقت نظريات المؤامرة والتحليلات بأن صناع المسلسل يرسلون رسالة للمشاهدين أن الموضوع كله لم يحدث وأن منذ البداية توفي جميع ركاب الطائرة.
وهناك أمران يستحقا الإهتمام…أولهم إن الممثلين كانوا بيستلموا مشاهدهم حسب التصوير علشان ماحدش فيهم يعرف إذا كان حايعيش أو حايموت يمكن في المشهد اللي بعده لإعطاء الممثلين جميعا غريزة البقاء ونقل مشاعرهم بالخطر وعدم الإطمئنان للمشاهد و أعتقد إنهم نجحوا في كدة جدا…ولأن السوشيال ميديا كانت مشتعلة فكان صناع المسلسل يغيرون في أقدار بعض الشخصيات…فجاك البطل رغم أنفه كان من المفترض أن يعيش خمس حلقات…لكنه عاش لغاية الآخر بسبب إعجاب المشاهدين….ونفس الشيء لبين زعيم The others… كان المفروض يمثل ٣ حلقات ولكنه استمر وتحول لزعيم الآخرين….أما ثاني الأشياء التي تستحق الاهتمام….فأن المسلسل ده أول مسلسل يستخدم الفلاش باك(العودة الى الماضي) والفلاش فوروورد ( الإنتقال للمستقبل) والفلاش سايدويز (آي الإنتقال لعالم موازي في نفس الزمن) مما أسهم في زيادة اللخبطة واللغط حول المسلسل.. ولكنهم حاولوا شيء جديد.
مسلسل من المسلسلات التي لا تنسى بصرف النظر عن التوهان أحيانا وعدم وضوح الرؤية فبلا شك فقد أحدث المسلسل ثورة بين المشاهدين وبدأت ظاهرة استخدام السوشيال ميديا في الترويج للأعمال و خلق حوار مجتمعي حوله… وسيظل عالقا في عقول عشاق الدراما للأبد.
الحلقة القادمة عن مسلسل Breaking Bad
نرشح لك : عمرو قورة يكتب: مسلسلات غيرت وجه الدراما (٢) – لوست / Lost (الجزء الأول)