نقلًا عن المصري اليوم
طارق الشناوي
(التالتة تابتة) فما بالكم بالخامسة؟!!، سعد لمجرد الذى طبقت شهرته الآفاق بعد أغنيته (إنت معلم / إحنا منك نتعلم)، التى حققت منذ ثلاث سنوات ولا تزال الملايين، إلا أنها لن تشفع له أمام ساحة القضاء وسينال عقابا قاسيا قد يصل إلى السجن 20 عاما، وتتوقف مسيرته الفنية، فلم يحدث فى تاريخ السجون أن سُمح لمطرب بتقديم حفلات أو إصدار ألبومات غنائية، طبعا كل شىء من الممكن أن يتغير 180 درجة، وقد يخرج بريئا كما ولدته أمه معززاً مكرماً، بل تنهال عليه الإشادة والإعجاب من الجماهير التى ستبحث عنه وتسافر إليه من كل فج عميق.
ويبقى السؤال: هل الجمهور لا يعنيه سلوك الفنان؟.. الحقيقة أثبتت أن الناس فى الألفية الثالثة لا يستوقفها ما الذى فعله الفنان أو تلك الفنانة، على عكس ما نتصور أن الجانب الأخلاقى يحدد بوصلة الإعجاب، هم فقط يريدون متابعة العمل الفنى، سلوك الفنان حالة لحظية، تأخذ وقتا ما بين الاستحسان والاستهجان وتنتهى وكأنها لم تكن، رغم فداحة ما أقدم عليه «لمجرد» من هتك أعراض واغتصاب وعنف وسادية وتعاطى مخدرات.
نعم.. كثيرا ما يتشدقون- أعنى الفنانين فى جلساتهم- بأنهم يتشبثون بمكارم الأخلاق، لا يشربون إلا الماء الزُّلال، وفى الحد الأقصى قليل من الشاى والقهوة، بينما المخدرات والخمور لا تعرف الطريق إلى شفاههم، وكأنهم يحاكون كما كتب أحمد شوقى عن أم كلثوم (سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها)، حيث إنه عندما دعاها لفيلته (كرمة ابن هانئ) وقدم لها كأسا من النبيذ رفعته فقط لأعلى حتى لا يشعر بالحرج لكنه لم يلمس فاها، لا تنس أن هذا الزمن كان يعتبر مثل تلك الممارسات أحد الطقوس المعتادة فى السهرات، ورغم ذلك تحفظت أم كلثوم لأسباب متعلقة بنشأتها الدينية.
فى السنوات الأخيرة، يحرص قطاع من الفنانين على أن يصدّروا للناس صورهم وهم فى طريقهم لأداء فريضة الحج، أو فى زيارة لزميل أقعدته أعراض الشيخوخة، أو وهم يشاركون الأطفال المرضى فى المستشفى.. هم حريصون على تحلية البضاعة الفنية التى يقدمونها للناس، تلك التفاصيل تلعب دورا، بينما على أرض الواقع أثبتت التجارب أن الناس صارت تنسى كل ما هو خارج (الكادر)، درجات كثافة مشاهدة الأغنيات والإقبال على قطع تذاكر الأفلام تُشير إلى أن كل ما يسبق العمل الفنى لا يؤثر سلبا على الصورة الذهنية، كم الجرائم التى ارتكبها سعد لمجرد فى السنوات الخمس الأخيرة لم يمنعه فى نفس الوقت من الحصول على أعلى كثافة فى البيع والمشاهدة.. كان من المفترض أن يُصبح ليس فقط فخرا للبلد الذى ينتمى إليه ولكن لكل العرب، إلا أن اسمه صار مرادفا للخزى والعار.
صحيح أن القيادة السياسية من خلال الملك محمد السادس تدخلت من قبل وكلف محاميه بمتابعة القضية قبل الأخيرة حتى ينال براءته، إلا أنه هذه المرة رفع يده تماما، وهو ما تكرر مع هند صبرى التى صدّقت فى البداية أن لمجرد ضحية كراهية مسبقة لكل ما هو عربى، ثم اكتشفت أنه مريض بالسعار الجنسى وتعذيب ضحاياه، فسحبت تعاطفها.
الناس قطعاً تفرق بين قضية تعاطى مخدرات مثل تلك التى أُدينت بسببها دينا الشربينى، ويقضى المخرج سامح عبدالعزيز عقوبته بسببها الآن فى السجن، وبين قضية أخلاقية مثل سعد لمجرد، أو أحمد عز، حيث إن الأخير رفض الاعتراف بطفليه اللذين بلغا الخامسة ويحملان فى الأوراق الرسمية وطبقا للقانون اسمه، وزينة أيضا بحكم القانون زوجته قبل أن تحصل على حكم بخلعه.
الغريب فى الأمر أن أكثر نجم حقق إيرادات فى العام الماضى هو عز بفيلمه (الخلية)، وأكثر مطرب يحقق أعلى الأرقام عربيا فى السنوات الأخيرة هو سعد لمجرد. هل الناس صارت (براجماتية) نفعية، فى علاقتها بالنجوم، فلا يقطعون الخط الفاصل بين الفنان وسلوكه خارج الشاشة؟!.
تخيلوا سعد لمجرد وهو يُقدم أغنية يعلى فيها من شأن الرومانسية والحب العذرى، بينما أحمد عز يلعب على الشاشة دور أب حنون يضحى بكل شىء من أجل إنقاذ حياة طفليه، هل من الممكن أن يصدقهما الناس؟!.
نرشح لك – صور: افتتاح مهرجان فينيسيا السينمائى الـ 75