أيام الحزن والسعادة.. قصة الحب الأول في حياة زبيدة ثروت

إيمان مندور

بعد زواج دام تسعة أشهر تقريبًا، بدأ في 24 يونيه 1960 وانتهى مساء 21 مارس 1961. روت الفنانة الراحلة زبيدة ثروت كواليس زواجها وانفصالها من النقيب البحري إيهاب الغزاوي، الذي جمعها به قصة حب توجت بالزواج، لكنها لم تكتمل بسبب انشغالها بالعمل السينمائي.

بعد الانفصال ترددت شائعات في الصحف على أسباب انفصالهما، ونُسبت تصريحات لـ”زبيدة” بأنه طلب منها 5 آلاف جنيه من أجل أن يطلقها، كما استولى على نقودها، وكسر سيارتها.. الأمر الذي دفعها للرد من خلال حوار صحفي مع المنتج الراحل جميل الباجوري، كشفت خلاله كواليس زواجها وحبها الشديد لـ”الغزاوي” من اليوم الأول وحتى الطلاق.

نرشح لك: سبب تكريم جمال عبد الناصر لـ زبيدة ثروت

أكدت زبيدة أنها أحبت بعقلها وقلبها وروحها، وتوجت حبها بالزواج كما شرعه الله وعلى سنة رسول الله وبموافقة الأهل، فتقول: “عشت أيامًا من السعادة لم أذق طعمها من قبل، عشت أيامًا أتمتع فيها بحبي وزوجي، ولكنني فشلت في إسعاده، ولم يكن هناك إلا طريق واحد.. الافتراق بالحسنى”.

عندما قررت زبيدة الزواج من حبها الأول، كانت تقدر تمامًا أنها ستكون زوجة وطالبة في الجامعة وممثلة في آن واحد، وكانت تشعر بطاقة عظيمة تدفعها إلى إمكان تذليل هذه العقبات التي تقف عثرة في طريق زواجها، وفي طريق إسعاد نفسها وزوجها. فتقول عن زواجها: “عشنا أيامنا الأولى كنا أسعد من عصفورين يتمتعان بالحب، ورسمنا الخطط، وقبلها الآمال والأهداف”.

لكنها بدأت بعد أيام سعيدة من الهناء تندمج في مضمار العمل، وبدأ عملها يبعدها عنه. لأن عمله في الإسكندرية كضابط في البحرية، ولا يمكنه الحضور إلى القاهرة إلا يومي الخميس والجمعة، فتوضح: “كأي زوج غاب عن زوجته أيامًا، كان يريد أن يقضي معها أجمل الساعات في هذين اليومين، ولكنه كان يجد عكس ما كان يتوقعه.. بصراحة كان يجد زوجة مرهقة مجهدة تطلب أن تستريح في اليوم الوحيد، الجمعة، وهو اليوم الوحيد الذي لا تعمل فيه، وكان هذا يضايقه ويضايقني أيضًا”.

حاول “إيهاب” بعدها أن ينقل نفسه إلى القاهرة ليكون إلى جوارها، ولكن فشلت محاولاته، ومرت الأسابيع وهما على هذا الوضع فبدآ يثوران، وبدأت أعصابهما تنهار، وفي آخر شهرين من الزواج انشغل هو بامتحان كان لا بد أن يؤديه ولم يعد في إمكانه الحضور إلى القاهرة في أيام إجازته، وانشغلت هي في العمل في 3 أفلام، كانت تستغرق منها مجهودًا كبيرًا ووقتًا طويلًا، فلم تكن أمامها الفرصة للسفر إلى الإسكندرية، ولكنه كان يتصل بها تليفونيًا، ولكن حديثهما كان مقتضبًا شبه خالٍ من العواطف، على حد وصفها.

طلب “إيهاب” من زوجته السفر إليه، واحتد في طلبه، فطلب منها أن تتخلى عن التمثيل وتذهب إليه ليعيشا كزوجين.. لكنها تعشق السينما، وحاولت أن تحسم الأمر، لكنها لا تستطيع أن تتخلى عن عملها وهو لا يمكنه أن يتخلى عن عمله، وفي آخر حديث تليفوني بينهما قبل الانفصال، خيَّرها بأنه إما أن تترك عملها فورًا وتذهب إليه وإما الطلاق.

لم تحسم “زبيدة” أمرها، لكن جاءتها دعوى منه يطلبها في بيت الطاعة، فاضطرت أن ترد بقضية طلاق، بعد أن تأكدت أن الحياة بينهما أصبحت في حكم المستحيل. ولما رأى أن الأمر بينهما سيخرج إلى المحاكم والقضايا وحفاظًا على ما بينهما من علاقة الحب ورابطة القرابة، حضر إلى القاهرة واتفقا على الطلاق في هدوء.

وفي الليلة التي تم الاتفاق عليها، وبعد أن انتهى الشيخ محمد السعودي مأذون الزمالك من إتمام مراسم الطلاق، قام إيهاب من مجلسه ومال على زبيدة وقبَّلها على جبينها قبلة ارتعش لها جسدها، ثم مد يده واحتضن يدها في حب، وهمس لها بكلمات بكت بعدها بشدة.

ورغم ما حدث بينهما، أكدت زبيدة في حوارها أنها ما زالت تحبه، وبسؤاله حول إذا ما كانت تحاول نسيانه قالت: “الحب أقوى عاطفة يعيش فيها قلب الإنسان، ومن أصعب الأمور على القلب أن يدفن هذا الحب أو أن ينسى فترة من حياته، فقد يتحول هذا الحب مع الأيام إلى ذكريات حلوة للإنسان كلما توغلت الأيام في البعد، وأصبحت نقطة على صفحة العمر، أن يعيش في هذه النقطة ليستعيد الذكريات الحلوة.. لقد أحببت.. والحب أقوى معلم”.

تأكيدات “زبيدة” المتتالية على استمرار حبها للغزاوي، جعل “الباجوري” يستوضح أكثر حول طبيعة علاقتهما، وهل كان حبها الأول أم لا، فجاءت الأسئلة والردود على إيقاع هادئ ومقنع، وملائم لملامح وشخصية زبيدة “اللطيفة” التي اشتهرت بها.

– ألا يمكن أن ينسي الحب الجديد حبًا قديمًا؟

– إذا كان الحب القديم هو الحب الأول فمن الصعب على أي حب جديد أن يمحو ذكرياته وأحلامه.. وكيف يكون حبًا وفي الاستطاعة نسيانه.. إن أسمى عواطف الحب هي الوفاء.

– هل كان إيهاب أول حب لك؟

– نعم.

– ما  الذي يقتل الحب؟

– الأنانية.

– أيكما كان أنانيًا مع الأخر؟

– كلانا كنا مستعدين للتضحية، ولكن الظروف والقسمة فرقت بيننا.

– ألم يكن حبكما أقوى من ظروفكما.. وكان من الممكن أن يذللها؟

– مستحيل.. وكلانا كان يعلم ذلك ويؤمن به.

– لو اختصرنا حكاية قلبك؟

– أحببت فتزوجت، وطلقت لأنني أحب.. إن كل القلوب تحب لتسعد بحبها إلا قلبي، فقد أحب ليشقيني ويعذبني.

– بعض الرجال وصفوه بأنه ساذج؟

– لماذا؟

– لأنه طلقك وكان من الممكن أن يجبرك على طاعته؟

– لقد كان رجلًا.

– لماذا يحدث الطلاق في زواج الفنانات؟

– لولا انشغالي بعملي ولولا حبي لهذا العمل لما افترقنا.

– ألم يكن يعلم أنك ممثلة؟

– كان يعلم وكنا قد تفاهمنا على كل شيء، ولكنه لم يكن يعلم أن عملنا يأكل كل أوقاتنا وأعصابنا والكثير من عواطفنا.. لم يكن يشعر بمسؤوليتي عن عملي الفني.

– هل تتزوجين مرة أخرى؟

– من يعلم، الزواج قسمة ونصيب، وعلى كلٍ لن أفكر في الزواج مرة أخرى حتى أنتهي من دراستي الجامعية.

– من كان أقوى شخصية من الآخر؟ أنتِ أم هو؟

– كانت له شخصيته كرجل وزوج، وكانت لي شخصيتي وكرامتي.

– ما هي أسعد أيام زواجك؟

– كل أيامي الأولى في الزواج كانت سعيدة، حتى بدأت العمل في فيلم “في بيتنا رجل”.

–  هل تعتقدين أنه من الممكن العودة لإيهاب بعد فترة؟

– ليه لأ.. اذا استطعنا أن نتفاهم.

اللطيف أن زبيدة تزوجت بعد إيهاب الغزاوي، ثم عادت له مرة أخرى ولم يستمر زواجهما سوى عامين فقط، وفي سنواتها الأخيرة عندما سُئلت عن ذكريات زواجها منه قالت: “ليس هناك ذكريات ولا يحزنون فقد وقع الطلاق بعد تسعة شهور، وعدت إليه بعدها ولم نستمر أيضًا”.