لا أكتب هذا المقال بهدف تسجيل أو تأكيد حقي التاريخي في مصطلح “إبداع إيجابي”، ولا احتفالا بفكرة مميزة سعدت بمولدها داخل عقلي قبل أيام، عندما فوجئت بالمصطلح يلح علي راقصًا ومبتسمًا، وسط زحام الأفكار اليائسة التي أضناها البحث عن مخرج حقيقي وصادق لأزمة الإبداع في بلادي، ولأزمتي مع الإبداع في ظل مناخ قاتل لأي موهبة ومفسد لأي موهوب.
ويمثل “المصطلح” وما سيتبعه من “مبادرة”، حلا ناجزا (في ظني) قبل أن يجرفنا طوفان العبث المسيطر على المشهد الإبداعي، والذي حول الحالة الإبداعية لحالة إفساد متكاملة الأركان، وبات التعرض لمعظم إبداعات هذا الزمان جريمة قتل ممنهجة للنفس، حيث العنف والعري والعته، في تحالف تاريخي مع السذاجة والبلادة والإبادة، لتكن النتيجة الطبيعية لهذا السخف هو معظم ما نعانيه من أمراض العصر.
نرشح لك : السفير البريطاني يكتب: 20 درسًا تعلمتهم في مصر
لقد وقعنا أسرى منذ سنوات لما يمكننا تسميته بتيار “الإبداع السلبي”، الذي اجتاح في غفلة من مبدعينا مختلف مجالات الفنون والآداب، وأطاح زبانيته وفق معطيات السوق بمنطق البناء الخلاق للإنسان، الذي يعد أسمى ما يقوم به الإبداع، وتحول كل ما يفرزه هؤلاء إلى معاول تهدم الفرد وتدمر المجتمع، لن أتوقف عند أسماء أو أعمال، فالجميع يعلم، والجميع يحلم بإيجاد مخرج لأزمة الإبداع، ولمحنة المبدعين.
إن “الإبداع الإيجابي” ينتمي بشكل واضح لتيار “الإيجابية” في التفكير الذي تسلل إلى حياتنا خلال السنوات الأخيرة، بفضل عدد من المتخصصين في علوم النفس والاجتماع، وقد أسهمت آليات التفكير الإيجابي في إحداث تأثير مدهش في مختلف مناحي حياتنا، وفرض مصطلح “الطاقة الإيجابية” تواجده بقوة لما يمثله من حافز قوي لإحداث تغييرات صحية وفاعلة في حياتنا، وأصبح من المصطلحات المحببة لدى معظم شعوب العالم، وأصبحت “الإيجابية” هي المفتاح السحري للدخول إلى كل العقول.
والإيجابية في الإبداع لن يكن لها شروط ولن تعمل وفق أطر أو أنظمة صارمة، بل هي تيار فكري محفز يتماهى مع العصر، ويستوعب كل مدارس الفن والثقافة والآداب، ينشط المبدعين ويشجعهم بدعم مشروعاتهم الإبداعية، وفق منهج الإيجابية في التفكير، وفي التدبير، في كل مراحل العملية الإبداعية، منذ أن يولد المشروع كفكرة، مرورا بشق الطريق الصعب وتمهيده لتنفيذه، وحتى يتحول إلى عمل إبداعي مكتمل، وهذا ما سيصبح أكثر وضوحا مع تفعيل #مبادرة_ابداع_ايجابي التي تمثل “فتح انطلاقة” لأجيال قديمة وجديدة من مبدعينا في مختلف المجالات.
وسيصاحب المبادرة، التي أتمنى أن ينضم إليها كل مثقفينا ومبدعينا، حملة إعلامية لتأصيل المصطلح وتعميق دلالاته وفتح مناقشة عامة حول السبل والآليات التي تمكن المجتمع من تحقيق الهدف المنشود من وجود تيار #ابداع_ايجابي ، وهو ظهور أعمال فنية وأدبية تمنح المصريين طاقة إيجابية تدعم قدرتهم على تحمل الحياة.