محمد عبد الرحمن
وصف الإعلامي المخضرم يسري فودة مشهد الإعلام المصري حاليا بأنه الأسوأ على الإطلاق، مؤكدا أن الفترة التالية للثورة وبعد حكم مرسي كانت هناك أخطاء مهنية لكن المجال كان مفتوحا لكل الأصوات والرؤى أما الآن فالسيادة للصوت الواحد وحتى هذا الصوت يتم تقديمه بطريقة لا تدعو للفخر مهنيا .
تصريحات يسري فودة جاءت خلال حوار مفتوح معه ضمن فعاليات اليوم الثالث والأخير من منتدى الإعلام العربي أداره ماضي الخميس الأمين العام للمنتدي .
فودة أكد أنه رغم هذا الرأي متفائل بمستقبل أفضل للإعلام المصري، وقال أن لديه مؤشرات تؤكد أن القائمين على الحكم في مصر بدأوا يدركون خطورة الموقف الحالي وأن هناك جهودا لحلحلة هذا الجمود وإلا سيضر الجميع أو باللهجة المصرية “هنلزق كلنا في حيطة” على حد قول فودة.
ورفض فودة الطرح القائل بأن انسحابه من المشهد لا يخدم مصر، مؤكدا أن مصر “أكبر من يسري فودة ومن اللي خلفوا يسري فودة” وقال أن رفضه للمشهد بمثابة محاولة للتقويم ولا يشترط أن يكون استمراره هو الخيار الأفضل وأنه سيواصل نقد المشهد القائم في ظل إيمانه بأهمية أن يتغير .
وردا على سؤال حول إحصائية إعلام.أورج الخاصة بتوقف 29 برنامج خلال عام واحد، قال فودة أن هناك علاقة طردية بين التدخلات السياسة والتعثر المهني بجانب الأبعاد الإقتصادية التي يجب وضعها في الإعتبار وتمنى أن يتمتع العاملون في الميديا المصرية بالحد الأدنى من احترام الذات وأن تحاول التوجهات السياسية أن تقترب من المنطق أولا قبل أن تفرض نفسها على الرسالة الإعلامية حتى تنتهي ظاهرة “انتهاك العقل المصري” على حد وصفه.
وكرر يسري فودة أكثر من مرة اندهاشه من الطريقة التي تتعامل بها معظم الأنظمة العربية مع الشباب، بداية من عدم الإقتناع بأن لغة التواصل تغيرت بالتالي الطرق التقليدية لن تجد معهم وثانيا باعتبارها خطرا وتهديدا وقنبلة موقوتة بينما يعتبرهم هو كنزا وثراء يجب الإفادة من وجوده.
وحول الطرح الخاص بسعى الحكومات لتقييد الحريات عبر السوشيال ميديا باعتبارها سبب الثورات العربية، اختلف يسري فودة مع هذا الاتجاه مؤكدا أن طوفان التغيير كان قادم لا محالة وإن ثقف جدار السلطة عبر السوشيال ميديا مرة فسيفتح ثقوبا من طرق أخرى لأن كل شئ في العالم تغير، بالتالي من يظن أن السيطرة على السوشيال ميديا هي حصن أمان من حراك جديد واهم .
وبخصوص القوانين المقيدة للحريات، قال فودة أن الإنسان يولد حرا، لكن عندما يقوم البعض باساءة استخدام هذه الحرية يتم سن القوانين لهذه الفئة المستثناة، أما أن يهدف القانون لهدم حرية الجميع فهذا مرفوض، مؤكدا أنه مع الحرية في إطار القانون الذي يتعامل مع الحالات الواضحة في خرق الحرية لا يقيد الجميع .
ورفض فودة منطق سؤال حول تأثير بعض الإعلاميين السلبي على الأمن القومي، مؤكدا أنه لابد أصلا من تعريف الأمن القومي وعدم ترك الأمر مطاطيا، وأنه شارك من قبل في أمور تتعلق بخدمة الأمن القومي ولن يذكرها، واكتفى بمثل واحد يتعلق بطريق تناول برنامجه “أخر كلام ” للأزمة مع أثيوبيا في عهد الإخوان وكيف اتصل سفير أديس أبابا بالقاهرة مبديا تقديره للغة والمعلومات التي تم استخدامها في هذه الحلقات.
كذلك رفض فودة اتهام أحد الحاضرين لكل الإعلاميين بأنهم ينفذون أجندات ويعملون لمصلحة أصحاب القنوات، مؤكدا أن هذه اتهامات مرسلة وأن كل إعلامي يحاسب على ما يقدمه، مشددا في الوقت نفسه على أنه لا توجد قناة في العالم تعمل فقط من أجل الحقيقة .
وكرر فودة في نهاية اللقاء أن هناك أجيال جديدة في الوطن العربي تخطت مرحلة السيطرة عليها إعلاميا وهذا سبب أساسي لتفاؤله بأن المشهد الإعلامي سيتغير للأفضل عاجلا أو أجلا.