لَعب الشغف دورًا كبيرًا في طريق الكاتب الصحفي محمد توفيق ؛ قاده إلى السعي الدائم وراء “أصل الحكاية وفصلها” من أجل توثيقها، فلا ينتابه الملل أو الضجر حتى لو استغراق أكثر مِن 12 ساعة يوميا لمدة أعوام، مثلما فعل مؤخرا في رحلة البحث عن تاريخ الصحافة المصرية، في كتابه “الملك والكتابة” بجزئيه، والذي حاول من خلابه التنقيب عن معلومات تاريخية قديمة وموثقة في بلاط صاحبة الجلالة.
نرشح لك: الكتب الأكثر مبيعًا في 8 مكتبات خلال أغسطس 2018
“أنا صحفي، وفخور بأني صحفي، ودائمًا ما أقول بأنني وهبت نفسي للصحافة، ولن أكون بعشقها شقيًا”.. هكذا عَبر “توفيق” في إحدى لقاءاته الصحفية عن حبه وتقديره الكبير لمهنة الصحافة، والتي بدأ ممارستها والعمل بها منذ أيام دراسته بعامه الجامعي الأول، في قسم الصحافة بكلية الاَداب، حيث عمل كصحفي متدرب في مؤسسة “أخبار اليوم”. ثم استكمل مسيرته الصحفية في عدة مؤسسات أخرى، منها: “صوت الأمة”، و”الدستور”، و”التحرير”، و”المصري اليوم”، و”اليوم السابع”.
ولد توفيق في مثل هذا اليوم، الموافق 7 سبتمبر عام 1982، انشغل في نشأته بكلِ ما يخص الصحافة وأقسامها؛ حيث كان يريد الإلمام بكافة تفاصيلها، االأمر الذي دفعه للعمل في كافة أقسامها المختلفة، وكان منها: قسمي “التعليم”، و”الحوادث”، كما أنه لم يكتفِ بالعمل كمحرر فقط، بل سلك طريقه أيضًا في مجالي التصوير والإخراج.
استطاع “توفيق” أن يقدم قراءات توثيقية للمجتمع المصري وتاريخه؛ من خلال ما قدمه في مؤلفاته المتنوعة؛ سواء من خلال بحثه الدؤوب في تاريخ مصر، الذي قام به على مدار عدة سنوات متتالية، أو من خلال حواراته الثرية التي أجراها مع رموز أدبية كبيرة؛ مثل: الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي.
قدم 10 كتب على مدار عشرة سنوات متتالية، هم: كتاب “أيام صلاح جاهين” عن دار “العين” للنشر عام 2009، و”مصر بتلعب!.. كيف تحول الشعب المصري إلى جمهور؟”، عن دار “المصري” للنشر والتوزيع عام 2010، و”أحمد رجب ضحكة مصر” عن دار المصري” للنشر والتوزيع عام 2011، و”الغباء السياسي.. كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم؟” عن دار “المصري” للنشر والتوزيع عام 2012، و”الخال.. أسرار ووثائق وصور نادرة للشاعر عبد الرحمن الأبنودي” عن دار “المصري” للنشر والتوزيع عام 2013، و”أولياء الكتابة الصالحون” عن دار “كيان” للنشر والتوزيع عام 2014، و”النحس” عن دار “كيان” للنشر والتوزيع عام 2015، و”صناع البهجة” عن دار “أجيال” للنشر والتوزيع عام 2016، و”الملك والكتابة..قصة الصحافة والسلطة في مصر” عن دار “دلتا” للنشر والتوزيع عام 2017. فيما صدر له مؤخرا الجزء الثاني من “الملك والكتابة.. حب حرب وحبر”، عن دار أجيال.
نرشح لك: جدول حفلات ساقية الصاوي خلال سبتمبر 2018
نجح “توفيق” في أن يخلق هوية ومزاقًا خاصًا بكتاباته؛ تجعل القارئ متحمسًا لأعماله دومًا، وساعده في ذلك مهاراته الصحفية التي استغلها في نسج خيوط كل شخصية أدبية أو صحفية مرموقة عرفها، ومن ثمً عرضها في سطور كتبه، سواء كانت تلك الشخصيات قد التقى بها من قبل أو من خلال قراءته وتأثره بهم، وكان من أبرز الشخصيات، التي التقى بها هو “الخال” عبد الرحمن الأبنودي، الذي توطدت علاقته به إلى درجة أنهما كانا يتبادلان الاتصالات الهاتفية 3 مرات يوميًا، قبل وفاته، كما روى “الأبنودي” له الكثير من جوانب حياته في لقاءاته معه، وبلغه وصيته الأخيرة.
تميز بتفضيله للكتابة عن السيرة الذاتية بصورة مبتكرة، قد تتيح الفرصة للقراء لمعرفة الجوانب الخفية في حياة كتابهم أو شعرائهم المفضلين، وهو نفس النهج الذي اتبعه “توفيق” حينما قرر الكتابة عن الكاتب الصحفي أحمد رجب، محاولاً مسح الصورة الزائفة المعروفة عنه، معبرًا عن ذلك من خلال لقاءته المباشرة به، ومعاملاته الخاصة معه، حتى إنه كتب عن أول لقاء جمعه به في مكتبه، قبل شروعه في إجراء الحوار معه أو الكتابة عنه: “وجدت رجلاً يجمع بين حكمة الفيلسوف، وخفة دم المضحك، وتواضع العالم، ورؤية المفكر، وشهامة ابن البلد.. وعرفت السبب في الصورة العبثية التي رسمها له من لم يعرفوه!”.
الفرح.. الحزن.. المعاناة.. الشجن.. الحنين.. التاريخ.. المجتمع.. القضايا.. الرموز الفنية والثقافية والأدبية والإعلامية والصحفية.. جميعها كلمات قد تُزرع في عقلك وتأتي بثمارها فور الانتهاء مِن قراءة أي مِن مؤلفات “توفيق” العامرة بالأشخاص، والمشاغبة بالمواقف، والممتلئة بالتواريخ.