منذ فترة وأخرى وأنا أتردد في كتابة مقال عن سر اختلاف الأديان من منظوري كشخص وسطي عادي ليس متعمقا في أصول الديانات ولا حتى ديانتي الإسلامية، وكان مولد هذا الشعور في الكتابة سببه أنه رغم ما وصلنا إليه من علم وثقافة لازال هناك أناس ينساقون تجاه العصبية الدينية العمياء؛ فأنا كمعظم المصريين مسلم مرجعيتي هي ما تعلمته في حصص الدين بالمدرسة وما شاهدته من بعض حلقات شيخنا الراحل محمد متولي الشعراوي وبعض الشيوخ الذين استشعر فيهم الاعتدال، والحمد لله لم أواجه طوال حياتي رجل دين متشدد دينيا – سواء “مسلما أو مسيحيا”- ولا أنكر وجود المتشددين منهم، لكن الأهم هو أنني واجهت بعض مواطني أبناء بلدنا مصر من الديانتين لديهم تشوه موروث وشكوك تجاه الآخر سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا.
نرشح لك: لماذا لم تصل مصر للأوسكار؟!
ما دفعني للكتابة رغم أنني لست خبيرًا في المناظرات ولا كتابة المقالات ولا القدرة على حوارات الأديان هو أنني كمواطن مصري يوجد كثيرون مثلي لديهم من التدين ما يجعلهم يرفضون العنف تجاه البشر بمختلف معتقداتهم؛ لذا لن أتطرق إلى مواضيع دينية عميقة قد يختلف فيها البعض معي أو قد يتفق.
ما أتطرق وأدعوا إليه في مقالي هو أن ينظر الجميع نظرة سريعة لتاريخ البشرية منذ آدم مرورًا بالأنبياء وحتى ويومنا هذا، فنجد أن الحقيقة المؤكدة التي أثبتها التاريخ البشري هي أنه عندما اتفق البشر جميعا على ديانة واحدة كانت النتيجة هي فساد أهل الأرض ونسي الخلق خالقهم وعبدوا غيره من أوثان ونجوم وشمس ونار وبقر.. وغيرهم، والدليل في السطور القادمة من خلال عدة تساؤلات لها إجابة في منتهى السهولة، هل كان هناك تعدد ديانات عندما نزل آدم وحواء عليهما السلام على الأرض؟
الإجابة لا،، كان آدم وحواء وأبناؤهما يؤمنون بديانة واحدة فقط ولم يوجد تعدد ديانات، ولكن خرج من نسل آدم وأحفاده بعد فترة من الزمن (مئات السنين) من يعبدون غير الله من أوثان وشمس وقمر ونار وغيرهم.
سؤال آخر،، عندما جمع نوح عليه السلام المؤمنين بالله في سفينة وغرق كل من ينكرون وجود الله، عندما رست سفينة نوح لتبدأ حياة، هل كان بينهم تعدد ديانات؟
الإجابة لا،، جميعهم كانوا يؤمنون بديانة واحدة، وغرق في الطوفان جميع المختلفين والمفسدين الذين ينكرون وجود الله، وهكذا إلى أن شاء الله وتواجدت 3 ديانات سماوية تؤمن بوجود خالق واحد .. والاختلافات بين هذه الأديان هي سر وجودها رغم مرور الآلاف من السنين وبالتالي يظل اسم الله وعبادته موجودة حتي قيام الساعة.
ما نستنتجه من التاريخ البشري هو أنه عندما يُجمع أهل الأرض على ديانة واحدة تربطهم بالخالق عز وجل فإنهم مع الوقت لا يتحدثون في أمور دينهم ولا يُذكّرون بعضهم بتعاليم الدين لأنه لا يوجد ما يخافون منه على دينهم، وبالتالي يقل حديثهم عن ما يؤمنون به وتضعف صلتهم بالله حتي يخرج من أنسالهم من لا يعرف شيئا عن خالفهم وبالتالي يتجهون إلى عبادة أوثان ونجوم وشمس وقمر ونار.. وغيرها.
ما أريد أن أشير إليه صراحة أن الله لو شاء لجعلنا جميعا على دين واحد، وحدث ذلك بالفعل في عدة أزمنة مثل “آدم” و”نوح”، لكن حكمته التي نستشعرها من التاريخ البشري والرسالات السماوية توضح لنا بضرورة الإيمان بالاختلاف والتعدد كي يظل اسمه يردده البشر على الأرض إلى قيام الساعة ولو اختلف دينهم.
كما أن وجود الآخر هو ما يجعلنا نتمسك بديننا، لذا فنحن مطالبون بالحفاظ على من يختلفون عن معتقداتنا ما لم يكن منهم أذى لأن وجودهم بالفعل هو سر وجودنا، أي لو آمن أهل الأرض بديانة واحدة فالتاريخ البشري يؤكد بأنه سيخرج من نسلهم من لا يؤمنون بالله.
أمثلة مبسطة مع الفارق؛ لو قام كل مشجعي الرياضة المصرية بتشجيع فريق واحد فقط -“الأهلي” مثلا- هل سيصبح للرياضة وجود؟ ستختفي باقي الفرق وبالتالي “الأهلي” الذي عليه إجماع وتنتهي رياضة كرة القدم من الأساس.. لذا يجب احترام مشجعي باقي الفرق لأنهم إذا اختفوا أو أصبحوا مثلك فلن يكون لك ولهم وجود،، حفظ الله مصر وبارك في أبنائها من مختلف الديانات وجعلهم متقاربين متحابين.